الراهن السياسي والاقتصادي.. مآلات الحلول والإصلاح!
تقرير- عبد الله عبد الرحيم
لا زال الوضع السياسي والاقتصادي وما يجده من صعوبات يمثل بوابة لكثير من انتقادات السياسيين لجهة أن التماهي الذي تمارسه السلطة لا يتماشى وتعقيدات المرحلة، وهذا الأمر دفع قوى نداء البرنامج الوطني المكون من عدة مكونات سياسية وأحزاب على رأسها حزب التحرير والعدالة القومي والأمة الوطني ومؤتمر البجا وحزب الأمة الإصلاح والتتمية والأمة الديمقراطي والمؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي والعديد من المكونات الأخرى، لتدفع بالعديد من الموجهات التي من شأنها إخراج البلاد من هذا المطب ومن هذا التعقيد الذي تواجهه في الجانب السياسي والاقتصادي، وألقى بظلاله على بقية الجوانب الاجتماعية وغيرها لتتفاقم أضرارها بصورة كبيرة.
بيد أن مخرجات الملتقى الإعلامي لهذه القوى إذا وضعت في الاعتبار من قبل القوى الحاكمة في الانتقالية فإنها ستكون المخرج من أزمة البلاد.
التجارب السابقة
وقال د. التجاني سيسي رئيس حزب التحرير والعدالة، إن التجمع سبق له وأن دفع بمبادرته حول تلخيص المشكلة الوطنية التي لازمت السودان منذ استقلاله، وهي أن النخب السياسية مشروعها أحادي ركزت فيه على من يحكم السودان وليس كيف يحكم، ثم يحدث استقطاب يؤدي لفشل التجربة الديمقراطية، وتتكرر الدائرة الجهنمية المعروفة.
وقال السيسي: لم نتوافق على هويتنا وصرنا بين هامشين بالإضافة إلى أزمة الدستور، حيث أننا نحكم بدساتير انتقالية منذ الاستقلال، مؤكداً أن قضية الدين والدولة وأزمة السياسة الخارجية أدت لاستقطابات داخلية وجهوية أدخلت الدولة في “الدائرة الشريرة”. وقال إن الثورة جاءت بعد ثورات تراكمية كثيرة، وكنا نأمل عقب قيام حكومة الثورة أن تستفيد قوى الحرية والتغيير من التجارب السابقة، مشيراً إلى أن الظروف الآن اختلفت من تلك التي أدت لقيام الثورة، بظهور حركات مطلبية من الهامش والوسط، كما أنه كثرت الأحزاب السياسية، وأدى هذا لظهور الاستقطابات الجهوية والقبلية. مشيراً إلى أن السودان يواجه تحديات جسيمة الآن، بيد أنه قال: إننا شركاء في الهم الآن لأننا جزء من البلد ولا يمكن فصلنا منه.
وقال السيسي إنه مع التطبيع ومع دعمه، لكنه قال ليس التطبيع الذي يأتي عبر دولة أخرى لتدخل أجندتها.
صرخة السيسي
وأكد التجاني أن الاصطفاف السياسي الحالي بين القائمين على الحكومة الانتقالية هو ما أضعف التجربة الانتقالية الراهنة. مشيراً إلى أن استفحال الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على الشارع السوداني يعود لغياب البرنامج القومي، مما أدى إلى تصاعد الأسعار وارتفاع في درجات التضخم وندرة في السلع الأساسية وتردٍّ في الخدمات الصحية والاجتماعية وانعدام الدواء وتعويم الجنيه السوداني، مؤكداً أن ما أدى لانخفاض في الحس الوطني هو استخدامنا للشأن العام في أطر جهوية، مشيراً إلى أن ذلك زاد من هشاشة الدولة وأضعفها وأدى لغياب هيبتها ولا يحل الأزمة السودانية.
وقطع السيسي بأنه لا توجد جهة في السودان لا تملك سلاحاً مما زاد الواقع تأزيما، مشيراً إلى أنهم قوى وأحزاب سياسية وشركاء في الهم الوطني وعليهم المشاركة في منع ودحر الواقع، وزاد إن توقيع السلام كان أمراً طيباً، ولكن السودان لا زال يواجه صعوبات داخلية بجانب صعوبات إنفاذ السلام.
وقال التجاني سيسي إن شيطنة القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة والأمن زاد من هشاشة الوضع الأمني بالبلاد. مؤكداً أن عدم تنفيذ الاتفاقيات هو ما أعاد البلاد إلى وضع دائرة الحرب، مرجعاً ذلك كله للعيوب التي لازمت الوثيقة الدستورية، مؤكداً أن الوضع السوداني لا يحتمل و”عايش مباصرة”، ومن الصعب استمراره. موضحاً أن التدخلات في الشأن السوداني جزء منها حميد وبعضها غير حميد يسعى لإفقادنا القرار الوطني، وقال إن التعديات الإثيوبية على الحدود أمر مؤسف، مطالباً الجميع بالوقوف مع القوات المسلحة للحفاظ على الأراضي السودانية.
وختم السيسي قوله بأن المخرج من هذه الأزمة هو توافق شعبي على برنامج حول الفترة الانتقالية قبل الذهاب للانتخابات، مشيراً إلى أن الاستثمار الأجنبي لا يأتي في ظل عدم الاستقرار السياسي، واصفاً ما قاله بالصرخة لإنقاذ البلد.
الأزمة سياسية
وأكد السفير إدريس سليمان أن أزمة السودان سياسية، ولن تحل إلا بالحوار الجامع الذي يوصلنا لنهايات التراضي الوطني، وقال إن أي حل أحادي من قبل الحكومة الحالية لن يحل أزمة البلد، مشيراً إلى أنهم شركاء في الهم الوطني ولا يمكن فصلهم من هذا الدور، مؤكداً أن المكونات الحاكمة تتنافس على جلب النفوذ الأجنبي للاستقواء به على الطرف الآخر، وذكر أن هناك استحقاقات عاجلة مثل إنفاذ السلام العاجل وقضايا معايش الناس وتنفيذ خطة شاملة لإنقاذ الاقتصاد السوداني. وقال إن الثورة قامت من أجل الحريات، ولكنه أشار إلى أن هناك (7) جهات تقوم بالاعتقال القسري دون قانون وأن هناك العشرات من معتقلي الرأي تحت دعاوى الأنظمة المستبدة (تقويض النظام الدستوري والإرهاب)، مطالباً ببسط الحريات وإطلاق كل المعتقلين السياسيين، مؤكداً أن العدالة لا تقبل التأجيل. داعياً إلى إطلاق مسار التحول الديمقراطي وقيام الانتخابات.
وقال غاندي معتصم عضو نداء البرنامج الوطني، إن حصار السودان تاريخي وأزمته الاقتصادية أيضاً تاريخية، وهي مرتبطة بالتحول الخارجي، مؤكداً أن حكومة الراحل الصادق المهدي أكثر حكومة تعرضت للحصار الاقتصادي في تاريخ السودان، داعياً إلى وجود استراتيجية قومية، وقال “إذا لم تكن استراتيجية خاصة ستصبح جزءاً من استراتيجية الآخرين”.
ودعا غاندي إلى هيكلة الدولة لأنها تعتبر القاعدة التي ينطلق منها اقتصاد السودان، ووصف السلطة القائمة بالشكلية. وقال إن الهزيمة للحكومة الحالية هو الدعم الاجتماعي الذي تقدمه المنظمات الدولية للأسر الفقيرة والبلاد تملك كل الموارد، داعياً إلى إيقاف مجزرة الكفاءات الوطنية.
أما القيادي الاتحادي الشريف علي، فقد دعا إلى وحدة السودان ممتدحًا دور القوات المسلحة والدعم السريع في حفظ أمن السودان ووحدته، وأكد أن الراهن السياسي يحتاج لمزيد من النقاش وأنه لا أفضلية بين المواطنين، داعياً إلى التعاضد والتكافل والوطنية.
المحاسبة لمن أفسد
ووصف عبد الله مسار الثورة بالتراكمية، مشيراً إلى أن تجمع المهنيين جسم هلامي انسحب من الحكومة وذهب عقب فشله في تصحيح الوضع. وقال مسار: خرق الوثيقة الدستورية يجعل من الحكومة الحالية حكومة (كيري)، مشيراً إلى أنها قامت بتعطيل المحكمة الدستورية لتعطيل دور القضاء. وأشار إلى أن المسؤولية جماعية ولا يحق العزل على أساس المشاركة في النظام البائد، مشيراً إلى أن كل قيادات الانتقالية شاركوا فيه.
وقطع مسار بقوله: إنهم لم يبدأوا حتى الآن معارضة حقيقية لأن محاذيرهم تؤكد أن الوطن لن يصمد حينها، مؤكداً أنه يجب أن تتم المحاسبة لمن أفسد، وقال إنهم جاهزون في حزبه للانتخابات، وإنهم لا زالوا مع الحكومة الانتقالية عبر البرنامج الوطني، وطالب بإشراكهم في الجانب التشريعي، مؤكداً أنهم لم يشاركوا في الحكومة السابقة كمؤتمر وطني، وإنما عبر اتفاقيات، وقال “الحكم الذي يأتي بالدم يحرس بالدم”.