هذه المعركة ليست جديدة.. حتى لا يظنن ظان أننا نستهدف زيدًا أو عبيداً.. ولتأكيد ما أقول أو توضيحه.. أعيد لكم هنا ما نشرته في أكتوبر من العام 2018.. وكانت وزارة الصحة الاتحادية يومها مرتعاً لبعض.. تجار الدواء.. كما هي اليوم.. ففي الوقت الذي يفترض أن تتبنى فيه وزارة الصحة.. سياسات الرئيس وقراراته.. ودفع ومتابعة وتشجيع مؤسساتها لتنفيذ تلك القرارات.. وتكريس تلك السياسات.. تحولت وزارة الصحة يومها.. كما هي اليوم تماماً.. إلى بؤرة مناهضة لسياسات الإصلاح التي أطلقها الرئيس وشرع في تنفيذها مجلس الأدوية والسموم..! وقد كتبنا يومها:-
(نشهد للأمين العام للمجلس القومي للأدوية والسموم أن ظل لوحده يُنافح عن مصلحة المواطن.. ويكافح جشع بعض تجار الدواء.. حتى أدركت الدولة بأخرة أنه كان مصيباً.. وأنه كان محقاً في معركته.. نقول تجار الدواء.. لأن الذي يسقط كل القيم الأخرى.. ويرهن كل شيء فقط.. بقيمة الدولار.. لا يمكن أن يُسمى إلا تاجراً.. والتجارة ليست عيباً على كل حال.. لكن الشرائع السماوية نفسها قد حرّمت في التجارة أمرين.. الجشع والاحتكار.. والمفارقة أن بعض تجار الدواء قد جمعوا السوئين .. إن جازت الكلمة.. الجشع والاحتكار.. وكانت النتيجة فوضى ضاربة أطنابها.. مقيمة في سوق الدواء.. ونفر لا يتجاوزون أصابع اليدين يتحكّمون في كل شيء .. والدولة تفعل كل شيء في سبيل استقرار أمر الدواء.. دون جدوى.. فكيف يبلغ بنيانك يوماً تمامه.. إذا كنت تبني وغيرك يهدم..؟!)
هذا ما كتبناه قبل نحو ستة أشهر.. محذرين من حملة تقودها.. مافيا الدواء.. كانت الحملة تستهدف بوضوح المجلس القومي للأدوية والسموم.. وأمينه العام.. الذي كان قد شرع في تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية..لإصلاح الشأن الدوائي.. كما كانت تستهدف المدير العام للصندوق القومي للإمدادات الطبية.. وكليهما كان قد تنفّس الصعداء بقيام حكومة معتز موسى السابقة.. الذي وقف داعماً للقرارات الرئاسية في شأن الدواء.. سواء تلك المتصلة بإلغاء احتكار استيراد الدواء.. أو حماية الصناعة الوطنية.. بالنسبة لمجلس السموم.. أو تعزيز دور الإمدادات الطبية بتوفير الدواء المجاني أو المدعوم للمواطن..!
ولتنشيط الذاكرة فقط.. نعيد نشر ذلك القرار الجمهوري .. الذي نص صراحة على.. فك احتكار استيراد الأدوية المسجلة بسجلات المجلس القومي للأدوية والسموم شريطة أن يكون للمستورد رخصة استيراد من السلطات المختصة.. وإيقاف الترويج المتعلق بوصف الأدوية بالأسماء التجارية وأن توصف الأدوية بأسمائها العلمية فقط وليست التجارية.. ثم.. وأن يوقف استيراد أي أدوية من الخارج في حالة وجود أدوية مشابهة تصنع بداخل السودان.. وقد أعقب صدور هذا القرار معركة شرسة كما أسلفنا.. إلا أن تدخل رئيس الوزراء القومي آنذاك.. والذي كان ملماً بتفاصيل الملف.. قد دعم وبحق.. صمود المؤسسات الرسمية فى مواجهة مافيا الدواء..!
اليوم تعود وزارة الصحة إلى ضلالها القديم.. بقيادة الجنرال.. عذراً.. أعني الفريق طبيب وكيل بابكر جابر كبلو.. الذي يبدو أنه قد استصدر تفويضاً عاماً من الوزير الاتحادي.. ليقود الوزارة في معركتها الثانية.. ضد إنفاذ قرارات السيد رئيس الجمهورية.. ولصالح تجار الدواء..! ووزارة الصحة تحبس أنفاسها الآن.. في انتظار عودة الكوستاريكي.. المفارقة أن الجنرال.. الذي يتمسك بالزي العسكري اختار لزيارته هذه المرة.. دولة لا تملك جيشاً أصلاً.. فآخر عهد كوستاريكا بجيش نظامي كان في العام 1949.. فلا وكيل هناك.. يقود مفرزة لإيقاف هذا الموظف أو احتلال تلك المؤسسة..!