(نفسنا) طويل… وهناك من يريد التقليل من قدرنا
تراكمات (30) عاماً دفعت الشباب للخروج إلى الشارع
وزراء التشكيل الأخير لم يكونوا (كفاءات) بأي حال
المعارضة وصلت لقناعة بأن الحوار مع الحكومة لا يجدي
دفعنا بحزمة مبادرات للتغيير السلمي لكن الحكومة لم تُعرها اهتماماً
الوضع الآن يحتاج لتغيير بالوسائل السلمية.. وهذا هو(…) المخرج الوحيد
حاوره: عبد الله عبد الرحيم- تصوير محمد نور محكر
منذ عودة رئيس حزب الأمة الإمام الصادق المهدي ومصاحبة عودته تحديات الداخل وإلى الآن، جرت مياه كثيرة تحت جسر هذه العودة، منها ما يتعلق بقضايا الداخل وموقف الحزب منها عبر تحالفاته الكثيرة مع القوى السياسية، وما نتج عنها من مخرجات ومبادرات، والآخر ما يتعلق بالاحتجاجات التي انتظمت البلاد مع عودة الإمام، وموقف الحزب، منها في ظل محاولات الحلول الكثيرة التي أبدتها الحكومة.
(الصيحة) حاولت الوقوف على رؤية الحزب حيال كافة الأحداث وتداعياتها بالجلوس إلى نائب رئيس الحزب، اللواء (م) فضل الله برمة ناصر، الذي عاد لتوه من زيارة استشفاء من المملكة المتحدة.
وقد جرى الحديث عن الكثير من القضايا التي تخص حزب الأمة وعلاقاته مع الآخر، واستعداداتهم للمشاركة مع الحكومة في إيجاد مخرج لقضايا السودان المختلفة عبر الحلول السلمية لكل قضايا الحرب والسلام والأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة والتوقعات بما هو آت عبر هذا الحوار …
*في البدء ما هي ملاحظاتكم ورؤيتكم للراهن السياسي؟
– بالنسبة للموقف الراهن، فإن السودان يعيش الآن أزمات حقيقية طالت كل مناحي الحياة، أزمات سياسية، اقتصادية وأمنية ومعاشية، وهي ليست وليدة اليوم، وإنما نتيجة لأخطاء تراكمت منذ 1989 بالاستيلاء على السلطة بطريقة غير مشروعة ولمدة 30 عاماً، وتغييب إرادة الشعب السوداني في إدارة شأنه بطريقة مشروعة. وما يجري نتج عن تراكمات وأخطاء 30 عامًا. هذه الأزمات المستمرة هي التي فجرت الوضع ودفعت الشباب للخروج إلى الشارع. ونحن كسودانيين لا ينبغي أن “نبكي على اللبن المسكوب”، وإنما علينا التفكير في المخارج والحلول وكيفية إنقاذ البلد من هذا المأزق الذي وقعت فيه إلى بر السلام من غير خسائر.
*كيف ترى الحلول لهذا الوضع؟
– الحكومة هي المسؤولة عن أمر البلاد، ولمعالجة هذه الأزمة اعترفت بنصف الحقيقة، ولم تعترف بالشق الآخر للأزمة، بقولها “إن هؤلاء الشباب على حق والأسباب التي خرجوا من أجلها أسباب مشروعة”، وإذا كانت هذه هي الحقيقة، تأتي الأسئلة لماذا قتلهم وإذلالهم؟ أم نسينا أن هؤلاء الشباب هم كل المستقبل ونصف الحاضر وأمل الأمة، وهم من يبني السودان مستقبلاً بإرادتهم وأفكارهم ومجاهداتهم، فهل نحن نريد شباباً منكسر الخاطر أم مرفوع الرأس، مهتماً بقضايا وطنه، شباباً ليس قانعاً وغير منكسر ومتحرك لبناء وطنه؟!!. أقول إن ما يجري من ضرب وسجن واعتقالات أكبر أخطاء ترتكبها الحكومة في حق الشباب لأنهم بناة المستقبل، الحكومة اعترفت بهذين ولكن معالجتها للأمر جاءت بطريقة خاطئة.
*إذًا ما هو الشق الآخر من الأزمة برأيك؟
– الشق الآخر من الأزمة، هو أن الحكومة لم تتقدم إلى الآن بأي رؤية لحل أزمات البلد الكثيرة والمتكررة، فهناك أزمة اقتصادية وأخرى سياسية واجتماعية وأمنية وكل ما تقدمه من حلول “مسكنات فقط”.
*لكن الرئاسة حلت الحكومات وشكلت حكومة أخرى أسمتها حكومة الـ(الكفاءات)، ألم يكن هذا حلا من الحلول؟
– لم يكن حلاً لأن ما جيء بهم لم يكونوا كفاءات بأي حال هم ذات الوجوه وتكررت مرة أخرى، وهذا فاقم من الأزمة يا أخي من جديد.
*أيلا رئيس الوزراء قاد إجراءات جريئة تحسب على أنها خطوات إصلاحية لمعالجة الأزمة وحلول كذلك؟
الذي يقوم به أيلا ما هو إلا مسكنات أيضاً للأزمة وليست حلولاً، لأن كل الذين أحالهم لم يذكر الأسباب التي أدت لإقالتهم، ولم تتم محاسبة أي من المسؤولين المقالين، أليس من حق الشعب السوداني أن يعرف الأسباب؟ هم متهمون بناء على إجراءات رئيس الوزراء، لكن لماذا لم يوضح جرمهم. ولذلك فإن الحكومة الجديدة لم تأت برؤية واضحة وخطط، وإنما مسكنات فقط، وأصر على هذا. لذلك فنحن في موقف انسداد أفق بالنسبة للحكومة لمعالجة الأسباب، وبالتالي ما هو المخرج؟ الشباب يخرجون للشارع والحكومة تضرب فيهم وتعتقلهم دون أية رؤية لمعالجة الأزمة، هناك قضايا كثيرة كما أن الشعب جائع، ولا توجد معالجات حقيقية للأزمة. وأوكد أن الحكومة لمواجهة الموقف الراهن لم تتقدم بأي طرح لمعالجته وإخراج البلاد من الأزمات التي تعيشها الآن.
*الحكومة عبر المؤتمر الوطني مدت أيديها للقوى السياسية والأحزاب لتقديم مقترحاتها لحل الأزمة باعتبار أن القضية قضية وطن ولكنكم لم تستجيبوا، فلماذا تحملونها الوزر؟
– القوى المعارضة عندها تجربة (30) عاماً من مد الأيدي، ولم تصل لحلول، تجارب (30) عاماً فيها الكثير من الحوارات حتى الحوار الوطني الكبير، لم تفِ الحكومة بمخرجاته. ولذلك فإن المعارضة من خلال الثلاثين عاماً وصلت لقناعة بأن الحوار مع الحكومة لا يُجدي، أيضاً حزب الأمة قدم رؤية عبر كبسولات أربع لمعالجة الأزمة، ولكن لا حياة لمن تنادي. وما تبقى فقط، هو الجلوس للترتيبات الانتقالية لأن الفشل كبير وعلى الحكومة الاعتراف بأخطائها وعدم الاعتراف من قبلها هو ما أوصلنا لهذا المآل. وأوكد أن المعارضة “فقدت الثقة” تماماً في الحكومة وفي حزب المؤتمر الوطني، ووصلنا لطريق مسدود.
*إذن أنتم ترون أن التغييرات التي أجرتها الحكومة ليست حلولاً، ما المخرج إذن؟
– الوضع الآن يحتاج تغييراً بالوسائل السلمية والمخرج الذي يجب أن تسلكه الحكومة هو الجلوس لترتيبات التغيير والاستعداد لمرحلة جديدة للخروج من هذا المأزق، على أساس أن الوطن ملك للجميع، وأؤكد أن الحكومة لم تقدم أي جديد للمعارضة التي فقدت الثقة في كل الخطوات التي تقوم بها، نحن كلنا حريصون لإيجاد مخرج سلمي والخيار الوحيد أمامنا هو التغيير بالوسائل السلمية.
*تغيير بالوسائل السلمية عبر المبادرات أم التحالفات؟
– نحن في حزب الأمة، دفعنا بحزمة مبادرات للتغيير السلمي عبر وسائل سلمية، لكن الحكومة لم تُعر مبادرتنا اهتماماً في ظل ترتيبات التغيير التي دفعنا بها لهم عبر مبادرة أو كبسولة التحرير التي حوت فترة انتقالية لتجنيب البلاد هذه المآلات التي تجري الآن.
*هل دفعتم بهذه المبادرة لرئاسة الجمهورية وما هو رد الرئاسة لكم؟
– لم ندفع بها لرئاسة الجمهورية، نحن طرحناها للرأي العام على أن الحل الوحيد لهذه القضية هو أن يكون هناك حوار شامل لا يقصي أحداً، وإطلاق الحريات وربط التحول الديمقراطي بالسلام لا يعزل أحداً عنها ونقول في الوقت الراهن أن المخرج الحقيقي هو هذا الذي قدمته القوى المعارضة، لأن كل الإجراءات التي اتبعتها الحكومة من طوارئ وغيرها لم تثن الناس من الخروج للشارع، والعاقل من اتعظ بغيره، ولكن الحكومة لم تراجع موقفها وعليها مراجعة حساباتها، وأن تستجيب لرغبة الشارع، لأن الشعب هو صاحب السلطة كما أن التغيير يجب أن يكون حقيقياً بدون مجاملات وتكراراً للأخطاء.
*لكن الشباب الخارجين يقف وراءهم تجمع المهنيين وهو تجمع هلامي بحسب الحكومة لا رأس له، وما يؤخذ على المعارضة أن قيادة الأحزاب لم تقد المظاهرات السابقة؟
– هذا الحديث غير صحيح، لأن أي عمل غير منظم لا يمكن أن يستمر هذه الفترة الطويلة ما يؤكد أن هذا العمل غير “عشوائي” وليس تجمع المهنيين فقط من يقف وراء هذا العمل، وإنما خرج إعلان “الحرية والتغيير” من داخل دار حزب الأمة، بعد أن اجتمعت كل القوى السياسية المعارضة، نداء السودان، الاجماع الوطني، التحالف الديمقراطي، منظمات المجتمع المدني، والشباب، كلهم اجتمعوا في دار حزب الأمة وخرجوا بإعلان الحرية والتغيير. مؤخرا اجتمعت قوى نداء السودان في باريس وأصدرت نداءها الذي أكد على وحدة الصف، وأمن من بالداخل على ذلك. لذلك ما يقال من أنه لا توجد قيادة ولا تنظيم أؤكد بأنه لا صحة له، هناك تضامن ووحدة كاملة والصف موحد والأهداف موحدة أيضاً والدليل على أن العمل ليس عشوائياً اليوم دخل شهره الرابع ومتصاعد.
*رغم أن الإمام قال إن تحركات الشارع مشروعة لكن الحزب نفى في بيان قيادته تظاهرة مؤخراً بأم درمان، وكان هذا بمثابة صدمة كبيرة لأنصاركم؟
– نحن في حزب الأمة، دائما لا ندعي أي عمل لم نعمله أو نفعله، فنحن واضحون في ذلك، وبالتالي أي عمل فعلناه نقول هذا عملنا، ولا نريد أن نكسب أشياء لم يكن لنا فيها يد، وأعلم تماماً أن حديث وكالات الإعلام عن خروج الإمام في تظاهرة، وفي كل الوسائط الإعلامية حقق لنا مكسباً كبيراً، لكننا نخطط بأنه سوف يأتي اليوم الذي يخرج فيه الإمام على رأس أعداد كبيرة جداً وليس بمئة أو مئتين.
*ما المانع في ظهور القيادات السياسية وإعلان نفسها وقيادتها لهذه التحركات والاحتجاجات؟
– هناك ظروف أمنية وسياسية دفعتنا لعدم كشف كل الغطاء، وأؤكد لك أن وحدة الصف ووحدة الهدف موجودة بيننا.
* الكثيرون يرون أن مواقف حزب الأمة ضبابية وغير واضحة من الحراك الآن في الساحة؟
– نحن نقف قلباً وقالباً مع الشعب السوداني وقيادته ومع أبنائنا الشباب، وملتزمون التزاماً كاملاً بالتضامن ووحدة الصف وإعلان الحرية والتغيير وملتزمون بقوى نداء السودان وتحالفنا معهم، ونحن قادة ونعلم تماماً أن سقوط النظام لا يتم بين عشية وضحاها، لكننا بذات القدر نفسنا أطول، وأقول بالنسبة لموضوع الضبابية، هناك أصحاب أغراض يريدون التقليل من قدرنا، والذي هو أمين مع نفسه لا يدعي مكاسب، وموقفنا من هذا الحراك الشعبي أننا نؤيده ونسانده بالخروج كل يوم جمعة، والعمل هذا جماعي، وعلى النظام أن يجد له مخرجاً، والشارع الذي خرج لن يرجع.
*هناك حديث عن مسيرة مليونية أين ومتى ستقومون بها؟
– يرتّب لها الحزب مع الآخرين ولسنا وحدنا. نحن نريد أن نعكس إرادة الشعب السوداني بدون مزايدة، لأن الشعب قال كلمته ويريد التغيير ولا أحد يساوم عليه، فهو قال كلمته والمسيرة المليونية ستعكس الموقف الحقيقي للشعب.
* هل حددتم زماناً للمسيرة؟
– لا، لم نحدد زماناً لها، ولكن العمل بشأنها على قدم وساق، موعدها قريب جداً وفي أبريل الجاري.