الشيخ/ أحمد التجاني أحمد البدوي يكتب:بحسن الإدارة تنهض الدول وليس بالموارد وحدها
ما وضح إن سبب الفشل دائماً لدى المجتمعات والشعوب والحكومات أنهم لم ينتبهوا أن هذا العالم قام على تباين الوظائف واختلاف المهام وتفاوت القدرات، وهذا التباين لم يكن الغرض منه التفاضل والتمايز إنما هو تفاضل تكاملي وقيام كلٍ بواجبه وتجويد مهمته حتى يكون نتيجة ذلك المجتمع المرتقي المتماسك المبدع المثمر وفي الحديث: (إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فرعيتك ما أوكل إليك من مهمة، لكن بمجرد أن تتداخل المهام وتتصادم الاختصاصات ويترك صاحب كل مهمة أو مهنة واجبه ويلتفت إلى مهمة غيره فلا هو جوّد ما أوكل إليه ولا ترك الآخر أن يجوّد، وهذا ما حدث ويحدث في السودان، فالكل يعمل بالسياسة من الشيخ وإلى الوزير والخفير ولا مانع عنده أن يتحدث في الطب والهندسة والاقتصاد.
وما وصل إليه السودان من سوء في كل المجالات سببه هذه التداخلات فيما بينها في يعني وما لا يعني، وحدث هذا جلياً في فترة الإنقاذ التي استوعبت غالبية القطاعات والمكونات بالمؤتمر الوطني ولم ينج من ذلك أحد، وإذا لم ننتبه إلى هذا الأمر وعلاجه فسوف نظل نراوح مكاننا ولا نعني بذلك أن لا يكون للناس توجهات سياسية، ولكن لا تكون على حساب المهمة والمهنة والوظيفة والوطن حتى يكون الجميع كالأعضاء في الجسد الواحد كل عضو له وظيفته المعينة يعتل الجسد إذا أصاب ذلك العضو خلل .
وعليه لقد ثبت أنه لا يمكن رد فقر الدول إلى عدم مواردها الطبيعية، فها هي اليابان مساحتها محدودة وعبارة عن جبال غير صالحة للزراعة أو لتربية الماشية لكنها تمثل ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وها هي هولندا أكبر منتج للألبان في العالم ومساحتها الصغيرة لا تسمح لها بالزراعة أو تربية المواشي وكذلك لم يثبت أن اللون والعرق سبب التخلف فها هي ماليزيا دولة آسيوية ورواندا دولة أفريقية لكنهما أظهرتا مقدرتهما على التطور والمواكبة لكن يكمن التفاوت بين الشعوب في السلوك والممارسة التي ترسخت وتشكلت عبر سنين من التربية والثقافة والإحساس بالدونية وأنهم خلقوا أي الدول المتخلفة خلقوا ليستهلكوا لا ليصنعوا ويبتكروا وإذا حللنا سلوك الناس في الدول المتقدمة نجد أغلبهم يلتزمون بسلوكيات معينة وبمبادئ معينة ومنها احترام الوقت والاستقامة والمسؤولية وإتقان العمل والسعي إلى التفوق والابتكار والهمة والعزيمة.
لذا قد لا يكون تخلفنا وخاصة في السودان بسبب نقص في مواردنا الطبيعية بل نحن فقراء إلى المبادئ التي ذكرناها سالفاً وفي مقدمتها الوقت والذي لم يتناوله أي خبير اقتصادي في روشتته لعلاج الاقتصاد حتى دكتور جبريل لم يتعرض لأهمية الوقت الذي ينبني على استغلاله النجاح في كل المهام فارجعوا عطلة السبت للعمل والاقتصاد زمن ومشكلة المؤسسات الحكومية كل من تدخل عليه لقضاء غرض يقول لك (تعال بكرة) ومن استغل وقته نال مراده ومن أضاع وقته فقد أضاع كل شيء وقيل:”الوقت كالسيف إنْ لم تقطعه قطعك” ويقول المثل:”اعطني همة وعزيمة أعطك إنجازات عظيمة”، ومن تعلقت همته بالثريا لنالها ومن لم يهوى صعود الجبال يبقى أبد الدهر بين الحفر.