الرهد أبودكنة حكايات على أنقاض الفوضى والنهب.. ملثمون عاثوا فساداً في الرهد حرقاً ونهباً

مشاهد غريبة:  تمزيق جوالات السكر وتفريغها على قارعة الطريق

تحقيق: خالد بخيت

(الرهد أبودكنة مسكين ما سكنها) مقولة مشهورة ذات دلالات ومعانٍ .. فهي مدينة جميلة تعج بالحركة التجارية  والعمق الاجتماعي والحضور السياسي، فضلاً عن أنها مدينة يجتمع فيها أهل السودان قاطبة وأكثر ما يميزها موقعها الإستراتيجي وتمركز السكان حول (تردة الرهد) حيث المنظر الخلاب المدهش والطبيعة الساحرة  وصيد الأسماك ومزارع الخضر والفاكهة والمياه العذبة والأجواء الرائعة.

وما حدث فى مدينة الرهد يوم 9 فبراير  لعام  2021 كان  يوماً أسوداً كيوم الإثنين الأسود  فى العاصمة (الخرطوم) فقد خرجت المدينة عن السيطرة ليس للنهب أو الحرق بل من هول الصدمة عليهم بفعل مجموعات خارجة عن القانون روعت الناس وحرقت ونهبت، فمنهم من يقول إنه جائع وهو ليس بجائع ومنهم من يقول (لا) لارتفاع الأسعار والغلاء فكانت مشاهد لا تصدق من سرقة النساء في وضح النهار والفتيات يتربصن بمتاجر الأواني المنزلية (العدة) وكسر للمتاجر  ومخازن السكر، والدقيق، والبلح وغيرها من المواد الغذائية  ومن ثم النهب والسرقة والدمار .

*تخطيط وتدبير

ياسر كباشي عبد الله صاحب صيدلية الرميساء التي تجاور بنك التضامن الإسلامي الذي لحق به الدمار أكد أنه شاهد هذه الأحداث من بدايتها والتي بدأت من أربعة اتجاهات لمحاصرة السوق لنهبه وأكد ياسر أن هذا العمل لا يخلو من ترتيب وتخطيط وتدبير لأن ما تم من إتلاف يبدأ بعملية الكسر ومن ثم النهب والحرق، وأوضح كباشي أن أعداد قوة  الشرطة قليل  غير كافٍ والمتظاهرون عددهم أكبر فاق قوة الشرطة، وقال كباشي من خلال الأحداث تم إتلاف حوالي (26) متجراً والذين قاموا بهذا الفعل الشنيع كانوا ملثمين وموزعي الأدوار فمنهم من يكسر ومنهم ينهب ومنهم يحرق في مشهد لم تشهده مدينة الرهد، فمثلا نجد مخزن التاجر حسام نهب منه حوالي (1472) جوال سكر  والتاجر عثمان فضل الله نهبت منه (1000) كرتونة بلح وقس على ذلك لآخرين فقدوا متاجرهم.

التاجر عبد العظيم خالد الشهير بالليبي الذي يعمل في تجارة الأواني المنزلية لأكثر من عشرين عاماً أكد أنه تم كسر محله ونهبت بضاعته التي  تم حصرها  وقدرت خسائره  بـ(8) مليارات جنيه وأكد مشاهدته للفتيات ينهبن الأواني المنزلية (العدة) بصورة غريبة وأوضح أنه شاهد تمزيق جولات السكر وإفراغها على قارعة الطريق وكذلك جرادل الطحنية، وبعد النهب يتم الحرق بصورة لم أتصورها وجزم الليبي أنه خلال عشرين سنة لم ير مثل الذي حدث ولم يشاهد فتاة تسرق إلا في هذه الأحداث.

*حريق هائل

من خلال المظاهرات أضرم متفلتون النار في بنك التضامن الإسلامي فرع الرهد بالكامل وسرقة أثاثاته من كراسي، ومكيفات، وشاشات وغيرها، ولا زال الحصر جارياً لمعرفة حجم الضرر الذي لحق بالبنك، وكذلك تم تهشيم بنك الخرطوم تمهيداً لسرقته وحرقه لكن القوة الحارسة له استطاعت صد المتظاهرين وحماية البنك من أي اعتداء  وشملت عملية الحرق أكثر من عشرين محلاً تجارياً تم نهبها بالكامل وإحداث ضرر كبير ومنذ اندلاع الأحداث ظل بنك التضامن الإسلامي فرع الرهد خارج نطاق الخدمة، وأشاد شهود  عيان بدور شرطة الرهد الكبير في تقليل حجم الاعتداء رغم قلتهم ولولاهم لاحترق سوق الرهد بكامله.

*وزارة الداخلية في قلب الحدث

على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة الرهد وقف الفريق أول عز الدين الشيخ وزير الداخلية والأستاذ خالد مصطفى آدم والي شمال كردفان والدكتور لواء حسن حامد مدير شرطة شمال كردفان  والوفد المرافق للوزير على حقيقة الأحداث في مدينة الرهد  واستنكر وزير الداخلية هذه الأحداث ووجه بضرورة تعزيز القوة الأمنية بالمحلية وجدد عزمه على حل كافة مشاكل المواطنين وضرورة بسط هيبة الدولة وردع المتفلتين بالقانون وخلال الزيارة تفقد وزير الداخلية كافة المحلات التجارية التي تعرضت للنهب بسوق الرهد أبودكنة موضحاً أن مثل هذه الأحداث لا تشبه مجتمع مدينة الرهد المجتمع المتصالح والمتآلف.

*حكومة محلية الرهد

محلية الرهد ليس كسابق عهدها وعند زيارتنا لها وجدناها هادئة من حركة الناس لا تظهر فيها ملامح هيبة الحكم وحركة المستفيدين، بل رأينا  بعض الموظفين في مكاتبهم وهذه واحدة من الاستفهامات، وتحتاج لإعادة مراجعة  من المدير التنفيذي وماهي دواعي ذلك البعد وعدم التردد على مكاتب المحلية خلال اليوم.

المدير التنفيذي لمحلية الرهد أبودكنة الأستاذ عصام محمد صالح عبر عن بالغ  أسفه للأحداث التي شهدتها مدينة الرهد، مبيناً أن التظاهرات بدأت باحتجاجات سلمية على الغلاء الطاحن وارتفاع الأسعار في السلع الاستهلاكية وبعدها تحولت إلى أعمال نهب وسلب وتخريب وامتدح  عصام المجهودات المبذولة من شرطة المحلية في المحافظة على الأمن واستقرار المواطنين وشرعت شرطة المحلية بالقبض على المتفلتين وتقديمهم للمحاكمة، وأكد المدير التنفيذي للمحلية حرصه وحرص شرطة المحلية على استرجاع الأموال المنهوبة لأصحابها وضرورة المحافظة على أمن وسلامة المواطنين  وممتلكاتهم وأرواحهم.

*من المحرر

ما حدث في مدينة الرهد يحتاج لإعادة ترتيب دقيق ومعرفة أسباب ذلك ومعالجته بصورة نهائية ووضع الحلول والبدائل المناسبة، وضرورة معرفة الخارطة السكانية للمدينة ومدى  توسعها خلال السنوات الأخيرة وإحكام السيطرة عليها أمنياً واجتماعياً حتى لا تعيش هذه المدينة الحالمة على انقاض الحريق ونسمع روايات وحكايات جديدة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى