معتصم محمد الحسن يكتب : مؤامرة إبعادي عن التلفزيون (4)
بعد فشل تكتيكهم الداخلي في إبعادي النهائي عن التلفزيون بخطاب الإيقاف المؤقت في ذلك الوقت لجأوا إلى الأسلوب الخارجي وهو إشانة السمعة لإيجاد سبب ومبرر للفصل النهائي، فجندوا عدداً من جراثيم الدناءة والخيانة والافتراء وعبيد البطون لتوزيع خبر كاذب وترويجه عبر الصحف فكتبت إحدى الصحف التي تم تضليلها قائلة: (المذيع التلفزيوني معتصم محمد الحسن يعيش ظروفاً نفسية سيئة لأنه متهم من مسؤول إعلامي كبير بأنه يسرب أخبار ومستندات التلفزيون).
قرأت الخبر بعد أن أرشدني إليه أحد زملاء التلفزيون وأعدت القراءة مرات ومرات تألمت كثيراً، ولكن لم أندهش لفعلهم فأنا من أهل مكة وأدرى بشعابها، وسألت نفسي من أجل ماذا يفعلون هذه التوافه والمنكرات من الأعمال؟! تلك النفوس التي تأبى إلا أن تنحدر إلى مهاوي الحضيض في قعر المجتمع، ولأنني نشأت وتربيت في أسرة لها تاريخها وإرثها الديني والأخلاقي ونضالها الوطني كانت عزة نفسي هي العنوان وعدم الخضوع للإغراءات والتهديدات هما الأسلوب والميزان.
لم يرعبني نشرهم ولم يخفني كذبهم لكنه ألم ذيوع خبر تافه وكاذب واتهام مطبوخ عن بيتي (حوش التلفزيون) تتناوله الألسن وتلوكه المجالس فرددت في سري (ٱعۡمَلُوا۟ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ)، وبقدر ما كان ألم النشر كبيراً وعظيماً لكنه كان مفيداً ومفرحاً لأنه سيصبح مستنداً يظهر كيدهم وكذبهم ويجعل براءتي كالشمس منتصف النهار(فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُوا۟ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِیها)، وبذلك الخبر أدخلت الصحيفة بنشرها له نفسها تحت طائلة المادة ( 159) من القانون الجنائي.
(إذ يعد مرتكباً جريمة إشانة السمعة من ينشر أو يروي أو ينقل لآخر بأي وسيلة وقائع مسندة إلى شخص معين أو تقويمًا لسلوكه قاصداً بذلك الإضرار بسمعته)، وانطبق عليهم المثل القائل “على نفسها جنت براقش” تلك الكلبة التي دلت الجنود بنباحها على أصحابها فتم قتلها وأسر أصحابها ومجرد مطالعتي للخبر اتجهت لأحد الأكشاك التي تبيع الصحف والمجلات واشتريت خمس نسخ من الصحيفة التي أوردت الخبر لأسباب ساأذكرها لاحقًا
ورجعت للتلفزيون واتحهت مباشرة إلى مكتب مدير البرامج نائب المدير العام حسن فضل المولى، وكان وقتئذ الطيب مصطفى يجلس على كرسي إدارة التلفزيون، وبعد أن استأذنت من سكرتيرة نائب المدير وقبل أن أحصل على موافقتها دفعت الباب بعد أن طرقته ثلاث طرقات واستقبلني الرجل ببرود وفتور ظاهرين فبادلته ذات البرود والفتور بل بأسوأ مما فعل، ولكن الذي لفت نظري أن الرجل لما يتفأجأ بالخبر ولم يندهش عندما أخبرته به وكأنه من سطره.
وصاحب اندهاشي سعادتي بذلك البرود الذي عضد شكوكي؟! فعاجلته بقولي إنني بصدد فتح بلاغ في هذه الصحيفة بمجلس الصحافة والمطبوعات فرد الرجل بعد أن رفع رأسه من أوراق كان يقلبها بيده قائلاً: إنت حر ولم يضف حرفاً آخر لإجابته ثم عاد يقلب أوراقه وخرجت من مكتبه إلى مجلس الصحافة والمطبوعات وقدمت الشكوى رغم حرصي على أن لا يخرج الموضوع عن حوش التلفزيون، ولكن ييدو أن الرجل كان مقتنعاً بصحة خبر الصحيفة وهنا لعب المنافقون والوشاة دوراً في ذلك الاقتناع.
وصدر القرار بعد عدة أيام بإيقاف الصحيفة المؤقت لعدد من الأيام فحملت خطاب الإيقاف ووضعته أمام مدير البرامج نائب المدير العام بعد أن أخبرته بإيقاف الصحيفة وأنه تمت إدانتها فرد بذات البرود قائلاً: (ويعني) فقلت له سأتجه إلى القضاء فرد: على كيفك، لم أرد عليه ولكن نظرت في وجهه بقوة ثم خرجت بعد أن تركت باب مكتبه مفتوحاً وعقدت العزم على فتح البلاغ رغم أنني حاولت عدم اللجوء الى هذه الخطوة وحل المشكلة في إطار التلفزيون، ولكن يبدو أن للمدبرين للجريمة أمراً آخر.
وشرعت في تنفيذ الأمر القانوني فاتصلت بالصديق الأستاذ أحمد آدم المحامي ووضعت القضية أمامه بكل بيناتها ومستنداتها وآخرها قرار إيقاف الصحيفة الصادر من الصحافة والمطبوعات وتم رفع الدعوى وتم استدعاء الصحيفة إلى محكمة الخرطوم شمال وصارت القضية تحت نظر مولانا محمد سر الختم غرباوي فكان ذُّعْرُهم وخوفهم وفزعهم ولسان حالهم يردد
(قَالُوا۟ یَـٰوَیۡلَنَاۤ إِنَّا كُنَّا طَـٰغِینَ).