الشعارات السياسية عندما تبحث عنها على أرض الواقع تجدها كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، بالضبط هذا هو حال أحزابنا وواقعنا السياسى الآن شعارات براقة وخطب جوفاء بالية مهترئة من شدة تداولها..
كنت أحلم كما الشعب السودانى من خلال الشعارات التي رفعتها هذه الثورة بحياة كريمة ورغدة وحرية وسلام وعدالة لكنها كانت أضغاث أحلام..
أعتقد أن الحاضنة السياسية أخطأت كثيرًا جداً في خطابها إبان الثورة فالسياسي دائماً يستبين طريق العودة قبل الوصول لذلك نجدها وقعت في أخطاء كبيرة جدًا يصعب تداركها وانعكست سلباً على الأداء السياسي للجهاز التنفيذي وفشلوا فشلاً ذريعاً في التعاطي مع تطلعات وأشواق الشعب..
إذا أخذنا الحرية كنموذج لأول شعارات الثورة فهي مربوطة بالديمقراطية لحد كبير وفي واقعنا الممارسة الديمقراطية صعبة جدًا لأنها تتيح للآخر وتكفل له جميع الحقوق وممارسة حقه الديمقراطي كاملًا وهنا مربط الفرس والامتحان الحقيقي..
طالعت بشيء من الحزن بيان أسرة الإعلامي الأستاذ (حسين خوجلي) حول ملابسات اعتقاله عدة مرات ومن خلال متابعتي لمسيرته الإعلامية الزاخرة والمميزة لم يميز من خلال مؤسساته الإعلامية بين اليمين واليسار كانت وما زالت متاحة لكل ألوان الطيف السياسي..
فهو قامة إعلامية لها وزنها الكبير من خلال ما قدم في مسيرته الإعلامية الطويلة.
فهو نموذج للإعلامي المتمكن والشامل والناجح مهما تختلف معه لن تستطيع أن تقدح في إمكانياته الإعلامية الكبيرة فهو كاتب لا يشق له غبار ومقدم برامج من الطراز الأول ومثقف متمكن كل هذه الصفات جعلت منه شخصية عامة..
له إسهامات واضحة في الحركة السياسية والإعلامية لا تخطئها العين..
أعتقد أن جرأته في الطرح وأسلوبه وقوة شخصيته الإعلامية هي دائماً سبب مشاكله مع الحكومات حتى مع (حكومة الإنقاذ) التي يحسب واحداً من الذين وقفوا مساندين ومدافعين عن مبادئها واعتقل في زنازينها عدة مرات ..
(حسين خوجلي) لم يفتح بيوت أشباح ولم يحمل بندقية، ولكنه فتح مؤسسات إعلامية وحمل قلماً فكان الأجدى في عهد الحرية أن تكون مقارعة الحجة بالحجة والكلمة بالكلمة والمقال بالمقال كل يدلو بدلوه وأن يكون باب الحوار مفتوحاً على مصراعيه..
في اعتقادي الشخصي أن الحاضنة السياسية في حاجة ماسة جداً لوقفة مع النفس والمراجعة بكل شفافية والترفع عن الأحقاد والتشفي والانتصار للنفس وتصفية الحسابات..
الوطن يحتاج أماً رؤوماً تحتضن كل أبنائها دون تمييز حتى ينهض الوطن سياسياً واقتصادياً..
الاجدى لكل الأحزاب التي تقف خلف هذه الحكومة أن تستفيد من كل تجارب الحكومات السابقة وأخذ ما هو سلبي ودعم الإيجابي من السياسات الكلية ..