بروفيسور الفاتح حسين يكتب :أنواع غناء المرأة
هنالك أنواع وأساليب لحنية وإيقاعية كثيرة تغنت بها المرأة السودانية منذ سنوات بعيدة منها أغاني الشكر، أغانى الدلوكة، أغاني الفخر، أغاني الحماسة، اغاني الذم والهجاء وأغاني المناحة أو الرثا، وتعتبر أغانى الدلوكة من أقدم أنواع الغناء عند المرأة السودانية واسمها مستمد من الآلة الإيقاعية (الدلوكة) والتى تعود جذورها إلى عهد سلطنة دارفور (1445م – 1916م) وكانت تستخدم فى المناسبات والأعياد ثم انتقلت إلى أواسط السودان في عهد سلطنة الفونج (1504م – 1821م) ويتم الضرب عليها بواسطة ثلاث نساء الأولى المغنية وتضرب على الدلوكة والأخريات يقمن بضرب طبل صغير من فصيلة الدلوكة يطلق عليه (الشتم)، ويوضع تحت الإبط الأيسر، غناء الدلوكة يعود تاريخه إلى القدم فى منطقة الجعليين بشمال السودان وظهر فى ظروف تاريخية واجتماعية لا تتكرر أبداً حيث كانت طبقة التجار والأثرياء وملاك الأراضى الزراعية تمتلك جموعاً من الطبقة المغلوب على أمرها ويستغلونهم في جميع الأعمال وخاصة الزراعة فظهرت تلك الأغاني متماشية مع ظروف وتقاليد المجتمع آنذاك، وأخذت أغاني الدلوكة في الانتشار السريع الى جميع مناطق السودان بسبب الهجرة وتعايشت تلك الأغاني جنباً الى جنب مع ألوان الغناء الشعبي الموجود بكل منطقة، وامتازت أغانى الدلوكة عند منطقة الجعليين بالطابع الحماسي ذي الكلمة المؤثرة بعكس أغاني الدلوكة والتي ظهرت فيما بعد في مدينة كوستي وهي أغانٍ ذات طابع غنائي راقص يستخدم إيقاع (التُم تُم)، وتبرز المرأة محاسن جسمها أثناء الرقص كما أن كلمات الأغاني لم تكن عميقة المعاني كأغاني الجعليين وسرعان ما انتشر هذا النوع من الغناء بين الأوساط الفنية وبين الناس، وتنقسم أغاني الدلوكة إلى نوعين:-
أ/ اغانى العرضة:
تحمل مضامينها الشعرية الشجاعة والحماس وتنتشر في شمال ووسط السودان، ثم انتشر هذا النوع من الغناء في عدة مناطق بالسودان، وتتميز ببساطة اللحن والإيقاعات الرباعية والثنائية والثلاثية مثال:-
الكوراك إن ضرب *** صاحب المروة إنشاف…. الخيل روقوهن *** وشجعوا الخواف..
ب/ أغاني السيرة:
ويؤدى هذا النوع من الغناء في مناسبات الأفراح مثل الزواج والختان وطقوس الزفة عند العرسان، وغالباً ما تكون ألحانه سريعة ودائرية متكررة، كما تأتي بعض الألحان معبرة عن الحزن مثل أغاني المناحة والتي تؤدى في حالة وفاة شاب مرشح للزواج وتكون بمثابة زواج رمزي للشاب المتوفى، ومن أشهر الأغنيات التي تؤدى في بيوت الأفراح وخاصة في ليلة الزفة تقول كلماتها
يا عديلة يا بيضا يا ملايكة سيري معا ***** الليلة شويم بقدرة الله
ود العزة والمهلة عروسو الضوت السهلة ***** الليلة شويم بقدرة الله
أغانى الزار:
الزار طقس تقوم به مجموعة من النساء يزعمن فيها اتصالهم بالأرواح والسيطرة عليها لإزالة الأمراض وحل المشاكل المستعصية، ويعتمدن فيها على الإيقاع الحار والأزياء المزركشة الخاصة بذلك الطقس، ويأتى اللحن والإيقاع صاخباً وتستخدم فيه (الدلوكة) الإيقاعية وهي بأحجام مختلفة بالإضافة إلى بعض الدفوف والكشاكيش، ومن أمثلة تلك الأغنيات التي تؤدى في طقوس الزار:
اللول اللول يا لولية ….. بسحروك يا لولى الحبشية
3/ أغاني الدنقر:
تعتبر منطقة دارفور بغرب السودان الموطن الأصلي لمثل هذا النوع من الغناء والذي تجتمع فيه النساء وتقوم إحداهن بطحن بعض المواد التي تصنع منها الريحة التقليدية مستخدمة آلة طحن تقليدية يطلق عليها (الفندك) فتوضع فيه المواد المراد طحنها وتقوم بالضرب عليها بواسطة يد خشبية غليظة مخصصة للسحن على شكل إيقاع منتظم وتقوم بقية النساء الأخريات بالقرع على أنصاف بخس القرع وهي بأحجام مختلفة موضوعة على وعاء كبير(طشت) مسطح مليء بالماء ويتم الطرق على تلك البخس بواسطة عصا صغيرة ويكون الغناء متبادلاً بشكل حواري ما بين النساء ، وفي السابق كان يستخدم في المأتم لمدة ثلاث ليالٍ وأصبح الآن يمارس في كل المناسبات وخاصة في المرحلة التي تسبق الزواج والتجهيز له
4/ أغاني الهدهدة واللولاي:-
وهي ما تعرف بأغانى المهد أو (الهدهدة) والتي تغنيها الأم لطفلها والغرض منها تهدئة الطفل من البكاء أو بغرض النوم أو بغرض المداعبة واللعب معه، وتتسم تلك الأغانى بالهدوء في الأداء وتكون خافتة النبر، وتكون بسيطة الألحان والمعاني وتختلف كلماتها من منطقة لأخرى حسب التركيبة الثقافية بالرغم من ذلك نجد تشابها كبيراً في التركيبة اللحنية ومنها:-
النوم النوم *** النوم النوم…….. النوم تعال *** سكت الجهال
نواصل في الأسبوع القادم في ذات الموضوع.