وديعة بمليار دولار.. أصحاب العمل يتصدّرون المشهد
الخرطوم ـ محجوب عثمان
لم تكن فترة الأيام الخمسة ما بين قرار الحكومة بتعويم الجنيه السوداني وحتى أمس، كافية لقراءة مآلات القرار وتقييمه بمعياري النجاح والفشل، خاصة في ظل التحليلات التي تصدر من خبراء اقتصاديين حتى الآن لتفكيك وسبر أغوار القرار نفسه، وتعامل الدولة بشيء من التعتيم وندرة المعلومات حول المبالغ التي تم ضخّها في خزائن البنوك بما فيها بنك السودان، لكن بموجب التفاعل الكبير الذي أبداه الشعب بمختلف مُستوياته خاصة السودانيين بالخارج مع البرنامج ربما يكون مؤشراً لنجاح نسبي بدأ يتحقق لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية على أرض الواقع.
ودائع وشراء
وبحسب مصادر مطلعة داخل بنك السودان تحدثت لـ(الصيحة)، فإن الإيداعات وعمليات الشراء التي تمت داخل الجهاز المصرفي بعد قرار التعويم وصلت إلى أكثر من 20 مليون دولار خلال الأيام الخمسة الماضية، كاشفاً عن إيداعات كبيرة بدأت تدخل البنوك، ولفت الى أن مواطنين اثنين فقط أودع كل منهما مبلغ مليون دولار في الجهاز المصرفي.
وأكد مصدر ببنك الخرطوم تحدث لـ(باج نيوز) أمس، أن بنك الخرطوم وحده استقبل مبالغ من خلال تداول العملات الأجنبية منذ تحرير سعر الصرف وحتى أمس الأول “الأربعاء” وصلت إلى (5) ملايين دولار.
فيما كشف مصدر ببنك أمدرمان الوطني أن الإيداعات والشراء بلغ حتى أمس الأول مبلغ مليوني دولار.
وأشار مصدر بنك السودان الى أن عمليات الإيداع للعملات الأجنبية والشراء داخل القطاع المصرفي انتظمت جميع البنوك والمصارف العاملة بالبلاد.
الولايات تدخل السباق
وربما لم تكن عمليتا الإيداع والشراء للعملات الأجنبية مقصورة على الخرطوم فقط، فقد أكد والي القضارف د. سليمان علي، وجود إقبال جماهيري جيد على نوافذ البنوك بالولاية لبيع النقد الأجنبي، داعياً أبناء الولاية بدول المهجر إلى مزيد من التفاعل والاستجابة للسياسات النقدية الجديدة خلال جولة نفّذها أمس شملت بنك السودان فرع القضارف وبنك الخرطوم وفيصل الإسلامي.
وأكد مدير بنك السودان فرع القضارف، عبد الله جمال الدين، استعداد القطاع المصرفي لتسهيل احتياجات العملاء من النقد الأجنبي والاستجابة للشكاوى وحلها فوراً، مشيراً إلى جاهزية 23 فرعاً مصرفياً بالولاية لتطبيق الإجراءات، مؤكداً قدرة القطاع المصرفي على تأمين احتياجات المواطنين من العملات الصعبة.
مليار دولار
ولضمان نجاح البرنامج الاقتصادي، أطلق اتحاد عام أصحاب العمل أمس، مبادرة باسم (وديعة أصحاب العمل المليارية) للمساهمة في دعم قرار الحكومة الانتقالية بتوحيد سعر الصرف وتحقيق الاستقرار لسعر صرف العملات الحرة، وأعلن عن تبني الاتحاد بكافة اتحاداته القطاعية والولائية وغرفه المتخصصة للمبادرة بتبني وديعة بقيمة مليار دولار، حيث تم الإعلان عن مساهمة وزير الصناعة ورجل الأعمال، إبراهيم الشيخ بمبلغ مليون دولار ومساهمة غرفة البصات السفرية باتحاد غرف النقل السوداني بمبلغ 500 ألف دولار ومساهمة رجل الأعمال وصاحب مصنع اليمامة للثلج عمار السني إمام بمبلغ 500 ألف دولار، فيما أكد الحضور من رجال وسيدات الأعمال عن مساهمات تُعلن تباعاً.
معالجات
وأكد رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك خلال لقاء تفاكري مع قيادات اتحاد أصحاب العمل ورجال وسيدات الأعمال أمس، أن حكومة الفترة الانتقالية تعكف على معالجة الكثير من التحديات الاقتصادية التي ورثتها من النظام البائد عبر رؤية متكاملة وأولويات واضحة، وقال “إن حكومة الفترة الانتقالية ورثت تركة مثقلة من النظام البائد تمثلت في الوضع السياسي والاقتصادي والأمني المعقد وعزلة السودان عن العالم الخارجي لثلاثين عاماً”.
أو الطوفان
وبالمقابل، أكد الخبير الاقتصادي فاروق كمبريسي خلال ندوة بصحيفة “التيار” أمس ان فرص نجاح البرنامج كبيرة جداً لتوافر الإرادة والظروف اللازمة لنجاحه، غير أنه أشار الى أن فشل البرنامج يعني مباشرة فشل الحكومة ويتطلب تغييرها ولم يستبعد أن يكون هناك انقلاب ناعم بحسب توصيفه، وكشف عن تطبيق 14 برنامجاً للبنك الدولي في السودان خلال الفترة من العام 1997 وحتى قيام الثورة، بيد أن جميعها فشلت، وقال “برنامج البنك الدولي ليس قرآناً ويمكن أن نأخذ منه ما يتواءم مع اقتصادنا فقط”.