شقيقة الفنانة الراحلة فاطمة الحاج.. (خديجة الضكرية).. رحيل مؤلم
كتب: سراج الدين مصطفى
(1)
المرأة السودانية على مدار التاريخ، عرفت بعفتها وكرامتها وقوة شخصيتها المستمدة من التربية الأسرية التي تحرص على صونها وحفظها حينما يتطلب الأمر الخروج للشارع لمقتضيات الضرورة، وهناك قصص للشموخ والكبرياء وتظل (خديجة الضكرية) واحدة من تلك النماذج الباذخة التي وثق لها موقع الحصاحيصا المدينة التي تنتمي إليها، فقصتها بالفعل تحتاج أن تروى للأجيال الجديدة للتعلم منها والاستفادة والاستزدادة بالتجربة..
(2)
لا أحد في الحصاحيصا (لا يعرف خديجة الضكرية) التي توفيت قبل شهور قليلة، فهي كانت امرأة تزرع سوق الحصاحيصا جيئة وذهاباً متلفعة بثوب أبيض حولته المعاناة والهجيرة إلى اللون الأغبر. تتوكأ على عكازتها التي تعينها في رحلة الحياة ومشاوير السنين عند كل فجر يوم جديد..
(3)
تقول عن نفسها (أنا اسمي بالكامل خديجة الحاج عبد الكريم من قرية صفيتة والدي الحاج عبد الكريم كان نجاراً في سوق الحصاحيصا مع زميله محمد عبد المطلب من أهالي أربجي. نحنا خمسة اخوات واخوين، شقيقتي الكبرى الفنانة المطربة فاطمة الحاج والتي بدأت الغناء منذ الصغر والتحقت بمدرسة ديم لطفي الابتدائية، ومن هنالك انطلقت إلى أمدرمان والتحقت بالإذاعة السودانية، تزوجت ولم تنجب من زوجها الذي توفي مبكراً. وفاة الوالد ونحن بنات غير مجرى حياتي كما ترى أنا كنت البنت التانية بعد أختنا الكبيرة فاطمة وبعدي مباشرة أختي خولة, عشة, رقية ثم الأولاد الطيب والعوض ولم يبق على قيد الحياة إلا أنا وشقيقتاي عشة ورقية.
(4)
تقول خديجة الضكرية (الناس سابقاً ليسوا كالوقت الراهن، وحينما المرأة تخرج للعمل كانت حاجة غريبة وشاذة وغير مقبولة. ظروفي حتمت على الخروج للعمل وكان لازم أعمل حسابي والمجتمع ما برحمك الزمن داك, وعشان كدا كنت شرانية جداً يعني أقول ليك.. كنت شيطان مصرم.. ما في زول مرا والله كان راجل بقدر يقل أدبو علي وعكازي دايماً معاي لحدي اسع دي زي ما شايفو.. أنا كنت بسرح مع البهائم وبنوم معاهن في الخلاء وما في زول يقدر يهوم علي… زمان ناس كتار دايرين يتفالحوا علي يعلم الله كسرتهم ليك لا من عرفوني وخجلوا وبعد داك الناس بقت تعمل حسابا مني إلا أولاد الناس وأولاد الحلال علاقتي بيهم عادية جداً.
(5)
وتضيف خديجة الضكرية (إنا امرأة كاملة ومكتملة وما اتزوجت أصلاً للظروف التي مرت بي لتربية أخواتي وإخواني وبيني وبينك ما في راجل اتقدم لي.. الرجال كانوا بخافوا مني خوف شديد وعاملين حسابهم مني.. ولقبوني (بالضكرية وأنا ما بزعل من الاسم دا).
وتقول الراحلة خديجة الضكرية (دخلت سوق الحصاحيصا من بدري جداً وكنت ببيع اللبن بكميات تجارية للقهاوي والمدارس وكان زبوني المرحوم يوسف حجاجي، وبعد داك المرحوم الطيب عطا المولى، وكانت لي علاقات مع التجار في السوق ناس عم وراق وأبو صابونة وعمك علي أبو نقدية وعمر عطية وكانوا بقولوا لي (المجينينة) والمرحوم علي عيسى ما يشوفني إلا يقولي المسمارة بت المسمار رحمهم الله جميعا. كنت بقعد في السوق لحدي المساء وببيع وبشتري في زريبة البهائم ومسترزقة كنت والحمد الله.
(6)
الحكاية اتطورت كثير نحمد الله الحضرنا زمن الكبري وما في زول كان زمان بيصدق انو بجي زمان نقطع فيه بحرنا بالكبري.. ويا حليلك يا بنطون العزة ويا ما عشنا معاهو أيام وكنت بقطع بيهو مجان ما بدفعوني قروش.. احترام والله ما خوف وكانوا فيه ناس محترمين والله يرحمهم ناس عبيد وسيد البشير وسيد أحمد الشايقي (والد الجكومي)، وطلب وإبراهيم وعبد الله ود حاج توم وولد ناس عوض الله والله أنا ما متخيلة اقطع الشرق بدون بنطون.