حجم (الميدان) كان، من قبل (تابلويد)، أي أنه أصغر من ميدان الخماسيات، ولكن ربما أموال الحراك مكّنت الحزب العجوز من زيادة حجم صحيفة (الميدان) حتى تتشبَّه بالصحف.
* أمس الإثنين وفي المكتبة التي تتوسط البراري (أرض الثورة) لمحت من بين الصحف نسختين من صحيفة الميدان صوت الحزب الشيوعي و(قحته)، فأخذت إحداهما (القحة ولا صَمَّة الخشم) . وقبل أن أغادر سألت صاحب المكتبة: لو تكرمت، كم نسخة من الميدان تستلم من الموزع؟ أجاب: نسختين. قلت: إذن هاتان النسختان معروضتان منذ أمس الأحد باعتبار أن الميدان تصدر (غباً) وأنها (بسم الله ما شاء الله) ودون كل الصحف لديها عطلة أسبوعية يومان هما الجمعة والسبت. أجاب نعم، وزاد متطوعاً: ولعلمك أن نسختي الخميس لم يتم بيعهما ولم يجمعها الولد مع الراجع وماتت في يدنا.. إلا نبيعها لناس الطعمية!
* الأمر إلى هنا عادي جداً، ولكن غير العادي، هو أن تتحدث هذه الصحيفة (البايرة) باسم الشعب السوداني وتعنون كلمتها الافتتاحية بعبارة (الثورة خيار الشعب)! وتدعي في الكلمة نفسها أن الحزب الشيوعي يؤكد على ضرورة التداول السلمي للسلطة! وأن الحزب ظل يستمد قوته من الشعب السوداني ومن كادحيه! والسؤال المنطقي هو: أين هي تلك القوة التي استمدها الحزب من الشعب في انتخابات الديمقراطية الأولى وانتخابات الديمقراطية الثانية وانتخابات الديمقراطية الثالثة؟!! كم مجموع ما حصلتم عليه من مقاعد في كل الدورات الانتخابية؟!
* وفي نفس الكلمة تشير (الميدان): إلى (وثيقة الديمقراطية) التي قدمها الحزب الشيوعي في مؤتمره الرابع! طيب؛ أيها الرفاق: الديموقراطية أعطتكم أقل مما تكرم به عليكم حسين خوجلي الذي أعطاكم أنتم وحلفاءكم من اليساريين الذين لم يحرزوا مقعداً واحداً في كل الانتخابات منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم أعطاكم 2% وقد أسرف في العطاء. ولكن هب أنكم 2% فمن أبجديات الديموقراطية التي تزعمون أن لا تتحدثوا باسم الشعب وإنما باسم حزيبكم الشائخ المنبوذ و(بس).
* أما قول: الصحيفة في أول جملة في كلمتها الافتتاحية: (ظل الحزب الشيوعي طوال حياته السياسية ينبذ العنف قولاً وفعلاً) فيجعلنا نتساءل: من غنى: (بيك يا مايو يا سيف الفداء المسلول / نشق أعدانا عرض وطول)؟! وقال فيها: (أنت يا مايو الخلاص / يا جداراً من رصاص)؟! ومن هتف في جامعة الخرطوم: (أضرب.. أضرب.. يا أبو القاسم) ومن لقن شباب السلمية: (أي كوز ندوسو دوس) ومن أقام مجزرة بيت الضيافة؟! ومن قمع سكان ود نوباوي بالرصاص الحي؟! ومن سحق الجزيرة أبا بالطيران؟! ومن قتل الإمام الهادي وهو أسير؟! وفي معتقل أي الأنظمة مات الزعيم الأزهري الوطني الكبير ورمز استقلال السودان وتحمل شبهة تصفيته؟! ومن استن الاغتيالات السياسية (الحزبية) في أوساط الطلاب بالشهيد الغالي عبد الحكم 1979م؟!
* أبَعد كل هذا تنتظرون الشعب السوداني أن يشتري الشعارات المسفوحة والأكاذيب المفضوحة؟! (أمّا عجايب).. عشنا وشفنا!!