الخرطوم: جمعة عبد الله
أثار إلغاء الحكومة للسعر التأشيري بالقطاع المصرفي وتحريك سعر الصرف الرسمي من “55 – 375” جنيها، جدلاً متزايداً بين خبراء الاقتصاد بشأن الأرقام التي اعتمدتها موازنة العام 2021م التي تم إقرارها بسعر 55 جنيهاً للدولار، فكيف يتم التعامل وحساب أسعار المشتروات الحكومية هل بسعر الموازنة أم بالسعر الجديد؟
تعديلات متوقعة
علمت “الصيحة” أن الحكومة ووزارة المالية تعتزم إجراء تعديلات في معدل تقييم حجم العمل من 1.76% إلى 3.66% لأغراض حساب القيمة المضافة في الضرئب كما يتوقع زيادة أرباح الأعمال الى 30%، ومن غير المستبعد إجراء تعديلات ضريبية أخرى غير التي جاءت متضمنة في الموازنة، كما تحدث وزير المالية بشكل صريح عن ترتيبات جارية بين المالية وهيئة الجمارك حول زيادة الدولار الجمركي، ومن المتوقع أن تجري التعديلات للتخفيف من حجم الفرق بين السعرين القديم والجديد.
تكاليف مختلفة
وستكون المعضلة الأولى أمام وزارة المالية هي إعادة تضريب مشتروات الحكومة، والصرف الخارجي، وكذلك تعديل مبالغ دعم السلع التي ما تزال تخضع لدعم الدولة وهي الدواء والقمح وغاز الطبخ، وهي جميعها خصصت لها اعتمادات بحساب 55 جنيهاً للدولار، كما يتطلب الأمر تحديد كيفية الحصول على النقد الأجنبي اللازم لاستيراد هذه السلع سواء كان عبر القطاع الخاص والعطاءات فهي ستخضع بطبيعة الحال لأسعار الصرف الجديدة، أما الحكومة فلن تجد دولاراً بالسعر القديم لا من البنوك ولا من المصدرين الذين كان لزاماً عليهم توريد 10% من حصائل الصادر للبنك المركزي بالسعر التأشيري الملغى.
وشملت تقديرات الموازنة تخصيص مبلغ حوالي “101” مليار جنيه لشراء السلع والخدمات، تعادل نحو “11%” من إجمالي المنصرفات، كما تم تقدير مبالغ الإعانات في الموازنة بحوالى “207” مليار جنيه، وهي أقل من موازنة العام السابق لها، بسبب خفض دعم المحروقات، كما شملت قائمة فئات الضريبة التي طالتها الزيادات، ضريبة أعمال الأعمال للشركات بنسبة 100% من 15% – 30%، كما رفعت ضريبة المصانع والمنتجات الصناعية بنسبة 50%، من 10% – 15%، وتم فرض ضرائب جديدة على شركات الإنتاج الزراعي والحيواني، ورفع ضريبة القيمة المضافة لقطاع الاتصالات من 35% – 40%.
إعادة تضريب الموازنة
وسارع وزير الدولة الأسبق بالمالية، والخبير الاقتصادي د. التجاني الطيب، للتعبير عن دهشته، موضحاً أن موازنة العام 2021م بنيت على سعر صرف حسابي يساوي 55 جنيهاً للدولار “السعر التأشيري الذي ألغي الآن”، وقال إن هذا يتطلب إعادة تضريبات لأرقام الموازنة، خاصة فيما يتعلق بالقروض والمنح ومبيعات النفط المحلي وغير ذلك، وأشار التجاني إلى أن ما يدعو للدهشة أن وزير المالية لم يتعرض لتأثير سياسة سعر الصرف الجديدة وتداعياتها على الموازنة العامة.
وأوضح التجاني في مقال له، أن الخطوة لا بد أن تكون جزءاً من سياسات مالية واقتصادية متكاملة تنفذ بالتزامن، فإذا لم تدعم الحكومة السياسة بسياسات مالية قوية تشمل “ضبط المالية العامة بالتحول من التركيز على الصرف الجاري على حساب التنمية”، واتباع ذلك بسياسات مكثفة لتحريك الاقتصاد الحقيقي في القطاعات الحيوية مثل الزراعة، الصناعة وغيرها خلال الستة أشهر القادمة، فلن تستطيع السياسة الصمود أمام ضربات السوق الموازي.
بدوره يرى المحلل الاقتصادي، قاسم الصديق، أن هذا التعديل الذي جرى مؤخراً على سعر الصرف سيكون “شديد التأثير” على أرقام الموازنة التي وصفها بأنها الأعلى في تاريخ الميزانيات بالبلاد، لافتاً إلى أن زيادة السعر التأشيري إلى 375 جنيهاً من 55 جنيهاً من المتوقع أن يحدث زيادة في رسوم الخدمات بنفس نسبة الزيادة في السعر التأشيري الجديد.
وتوقع الصديق لـ “الصيحة”، اعتماد الحكومة على سد هذه الفجوة وتعويض الفرق بين السعرين القديم والجديد عبر عدة خطوات، قد تتضمن التعويض من الضرائب والجمارك والجبايات والرسوم الحكومية، بالإضافة إلى الاستدانة من الجهاز المصرفي، ولكن هذه الخطوة ستكون محفوفة بالمخاطر لجهة تسببها في رفع معدل التضخم لمستويات أعلى بكثير من السابق، في وقت تستهدف فيه وزارة المالية خفض التضخم في حدود “95%”، ولكن هذا الرقم يبدو بعيد المنال بحسب تعبيره.
وبشأن تعويل الحكومة على قطاعات المستورين، أوضح الصديق، أن العديد من المستوردين ظلوا منذ سنوات ماضية يعتمدون على شراء العملات الأجنبية والدولار من السوق السوداء، ويقومون بتوريد الدولار أو العملات الأجنبية المشتراة للبنوك بغرض تحويلها للخارج لسداد فواتيرهم، موضحاً أنهم ما يزالون كذلك، وقالوا إن هذه الخطوه ليس فيها ميزة لاحتياطي النقد الأجنبي لأن البنوك ملزمة بالخصم من أرصدتها بالخارج لغطاء تلك الفواتير، أما بقية المستوردين ما زالوا إلى يومنا هذا يحولون مستحقاتهم عن طريق السوق الموازي.