Site icon صحيفة الصيحة

إغلاق الجامعات .. بين الأكاديميات والقرار السياسي !!

طلاب خرجوا من الجامعات السودانية إلى جامعات أجنبية

 خبير: إغلاق الجامعات لفترات تطول يحتاج إلى مراجعة

طلاب: الأحزاب السياسية تمرر أجندتها داخل الجامعات

الخرطوم: إبتسام حسن

عندما تدلف إلى داخل جامعة الخرطوم، أول من يستقبلك القرود بنظرات فاحصة علهم يصلون إلى مآربهم في الحصول على ما يسد رمق جوعهم باستهداف أشخاص لا تصل أعدادهم إلى عدد أصابع اليد الواحدة يتجولون كالأشباح في وحشة الجامعة الفارغة، إلا من عدد محدود من أساتذة الجامعات والعاملين والموظفين، وهذا يعكس بيئة جامعة الخرطوم التي أدت إلى نفرة الطلاب ودفعتهم قبل قرار إغلاق الجامعات من السلطات الحكومية إلى تنظيم وقفة احتجاجية، وهذه الخطوة وجدت ترحاباً من عدد من أساتذة الجامعة لجهة أنهم اعتبروا الوضع طارداً بالجامعة، وأن البيئة غير ملائمة للدراسة، هذا الوضع سمة عدد كبير من الجامعات.

وعلمت (الصيحة) من عدد من الأساتذة أن نفور الطلاب وتنظيم الوقفات الاحتجاجية التي نفذت 3 مرات كانت أحد أسبابها غلاء الأكل والشرب بالجامعة، وأرجعوا ذلك إلى أن إدارة الجامعة تؤجر كافتيريا الجامعة بقيمة مليار و200 ألف جنيه، وهذه الخطوة انعكست على ارتفاع قيمة أقل سندوتش في الجامعة إلى (45) جنيهاً، وهذا أدى لإضراب الطلاب عن الدراسة.

الشرطة والرسوم

أبدى أساتذة ملاحظات على أفراد الشرطة الجامعية وكانوا قد أبدوا تلك الملاحظات للجهات المختصة عندما طالبوهم بأن تكون أعمار أفراد الشرطة أكبر قليلاً عن أعمار الطلاب، سيما أن أفراد الشرطة يبدون انفعالات لأبسط الأسباب ويشتبكون مع الطلاب، واعتبروا ذلك سينعكس على البيئة الجامعية فضلاً عن ارتفاع قيمة الرسوم السنوية التي تصل إلى 50 مليون جنيه، معتبرين قيمة الرسوم المفروضة، لا تنعكس على الأساتذة ولا الطلاب، أضف إلى ذلك الارتفاع في تسويق الخدمات التي تقدم للطلاب داخل الجامعة، كل ذلك أدى إلى زهد الأساتذة في الالتحاق بطاقم التدريس، إذ أن راتب الأستاذ الجامعي لا يزيد عن 6 آلاف جنيه، في وقت توجد فيه خيارات أخرى بوظائف في مؤسسات حكومية أو خاصة بأضعاف المرتبات التي يتقاضونها من التدريس بالجامعات الأمر الذي حدا بهم إلى العمل كمستشارين بعدد من المؤسسات، سيما أن وضع الأستاذ الجامعي يجعله غير متفرغ للانخراط في وظائف أخرى.

تصنيف الطلاب

لم يُثنه إغلاق الجامعة عن رغبته الجامحة في اكتساب الخبرات، وحصد عصارة جهده لما تلقاه من علوم أكاديمية يستفاد منها وملء وقته الفارغ … هذا هو أحد طلاب الهندسة الذي دون اسمه مع عدد من الأسماء والولوج في مسابقة لتصميم كبري في تركيا، كانت تبدو عليه الجدية وارتباطه الوجداني بأستاذه، وهو يحاوره لم يبد تبرماً عندما أوقفنا أستاذه لطرح سؤال حول تأثير إغلاق الجامعة على الطلاب، بل وقف إلى جانبه، وشارك في الحوار، هذا نموذج لأحد الطلاب الذين ظلوا ينهلون من العلم حتى بعد إغلاق الجامعة.

 وأبدى عدد من الطلاب ارتباطهم الأكاديمى بالجامعة حتى بعد إغلاق أبوابها وظلوا على صلة بأساتذتهم داخل الجامعة، غير أن هناك مصاعب تجابه الطلاب في الدخول إلى الجامعة، منها أن أفراد الشرطة التي تضع سياجاً أمنياً على الجامعة، ومنعهم  من الدخول إلى أبوابها، إلا بإذن من الشرطة الجامعية خاصة أن كثيراً من الطلاب الذين تحدثوا إلى الصحيفة، أشاروا إلى أنهم في حاجة إلى الاستفادة من وقتهم، منهم من يطلب خطاباً من الجامعة للالتحاق بالتدريب بالمؤسسات، وآخر يريد المشاركة في منشط يخص تخصصه.

غير أن أحد الأساتذة رفض الإفصاح عن هويته، أشار إلى وجود طلاب آخرين ركنوا إلى الراحة بعد إغلاق الجامعات، ولم يبدوا أي اهتمام بالاستفادة من وقتهم.

نقد وتبرم

صبّ الأستاذ الجامعي، د. وائل محمد عبد الله جام غضبه على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لجهة أن قرار إغلاق الجامعات لم يصدر منها، بل تلقته من جهة سياسية أو سيادية عليا ـ على حد تعبيره ـ  معتبراً أن إغلاق الجامعات يؤثر على مستوى الطالب الأكاديمي، ووصف وزارة التعليم العالي بالمهمشة، إذ أن العملية التعليمية عملية مستمرة، مقارناً بينها وبين وقف العلاج التي لا تستطيع جهة سياسية إيقافه. واعتبر قرار إغلاق الجامعات قراراً تعسفياً، وأكد أن القرار يفضي إلى تكدس الطلاب، ويجعل مصير طلاب الشهادة الثانوية الذين امتحنوا هذا العام  مجهولاً وانتقال طلاب من جامعة مغلقة إلى جامعة مفتوحة، مما يحدث فراغاً فى الجامعة، غير أن الجامعات تعتمد في مواردها على رسوم طلاب  التعليم الخاص، والتي يأتي طلابها من دول أجنبية وتدفع رسومها بالدولار، فضلاً عن أسر سودانية بعثت بطلابها إلى الدراسة بدول أخرى، مثل الهند خصماً على التعليم بالسودان، واعتبر كل ذلك يضر بسمعة الجامعات السودانية.

 وقال إن الجامعات تتلقى خطابات من الطلاب في الفرق الأولى والثانية لتدوين توصية للدراسة في جامعات خارجية، إذ 10ـــ 20% من الطلاب خرجوا من الجامعات السودانية إلى جامعات في دول أجنبية الأمر الذي يجعل الجامعات السودانية إلى النزول إلى الخانات المتأخرة في التصنيف الجامعي.

مشاكل سياسية

يقول الأستاذ الجامعي عوض الجيد محمد عوض الجيد، إن إغلاق الجامعات لها تأثير أكاديمي وتأثير اقتصادي ويؤثر حتى على التنمية، ويضيف: حتى الدولة غير مستفيدة من إغلاق الجامعات، واستهجن الخطوة، مشيراً إلى أنهم كأساتذة مرتبطون ببرامج أكاديمية خارج السودان، وقال إن خطة الجامعات تكون معروفة لمدة 10 سنوات قادمة خارج السودان سيما أن البلاد تكون متضررة من إغلاق الجامعات منها الضرر الاقتصادي، فضلاً عن صرفها على الأساتذة حتى في فترة إغلاق الجامعات غير توقف الدراسة لطلاب الدراسات العليا، واعتبر أن إغلاق الجامعات بسبب مشاكل سياسية لا علاقة للجامعة بها.

غياب اتحاد الطلاب

وينوه عوض الجيد إلى أن غياب اتحادات الطلاب فاقم المشاكل بالجامعات، إذ أنه لا توجد جهة تمثل الطلاب، وهذا من شأنه أن يشكل مجموعات طلابية وكيانات متعددة، إذ أنه كل 6ـــ 7 طلاب يكونون جسماً  اعتبارياً يمثلهم. وقال إن اتحاد جامعة الخرطوم كان قد شكلت له لجنة من قبل لإعادته، إلا أنها ذهبت أدراج الرياح لمشاكل اعتبرها خاصة.

ووافق أستاذ الهندسة الزراعية عمر آدم رحمة ما ذهب إليه عوض الجيد، وقال إن الشيء الطبيعي أن تكون الجامعات مفتوحة وانتظام الدراسة بها، ونوه إلى أن الإغلاق ليس في مصلحة الطلاب، ولا الأسر ولا الدولة نفسها، وأضاف: نحن نقول الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، موضحاً أن إغلاق الجامعات ليست مسألة مزاج، بل اتخاذ قرار في ظروف موضوعية، لا يمكن فتح الجامعات بها حتى يكون هناك هدوء واستقرار في حراك الشارع الذي كان سبباً في إغلاق الجامعات، واعتبره وضعاً استثنائياً. وعاد وقال: لكن إغلاق الجامعات لفترات تطول يحتاج إلى مراجعة لعدم حدوث تكدّس في دفعات الجامعات.

استقلال الجامعات

ونوه الأستاذ يوسف عباس، إلى أن الأكاديميات غير منفصلة عن الوضع الحاصل بالبلاد، لذا لابد أن تكون الجامعات مستقلة من السياسة على أن تكون الجامعات أكاديمية بحتة .

مغامرة

وأكد عدد من الطلاب رفضوا الإفصاح عن هويتهم أن خطوة إغلاق الجامعات مغامرة بمستقبل الطلاب، ونادوا بضرورة ضمان استقرار الوضع السياسي قبل فتح أبواب الجامعات، مع الوضع في الحسبان، هل الأمر يسمح أو لا يسمح لجهة عدم المخاطرة بأرواح الطلاب، واستهجنوا عبر “الصيحة” وجود دور للأحزاب السياسية داخل الجامعات لجهة أنها تمرر أجندتها وتحاول الاستفادة من الطلاب، وشددوا على أن الطلاب متضررون وقللوا من خطوة حل اتحاد الطلاب معتبرين أن الحراك الكائن بالشارع الآن أكبر من مقدرات اتحاد الطلاب، إذ أنه ـــ حسب الطلاب ـــ لا يستطيع أن يضيف إلى الحراك أو يكون رأي حوله، وثمنوا مبادرة لجامعة السودان والعلوم والتكنولجيا، وطرحها استفتاء يدعو إلى نزول طلاب الملاحق منادين بتعميم الفكرة وقالوا إن الجامعة مرآة تعكس ما يجري في الخارج.

Exit mobile version