عجز القادرين
هل السودان في حاجة لأموال من (مشيخات) الخليج وممالكه التي تسعى لفرض رؤيتها علينا؟؟ وهل بمقدور هذه البلاد الاعتماد على نفسها مثلما فعلت قبل خمسة وعشرين عاماً مضت؟؟ نعم السودان يملك مقومات أن يأكل بيده ويطعم غيره.. ولكنه (مكبل) اليدين بعجزه عن اتخاذ القرارات الصعبة فما هي فرص أن ينهض السودان بنفسه؟؟
أولاً: بفتح حدوده مع دولة جنوب السودان وتصدير الذرة والزيوت.. ولائحة طويلة تبلغ مائة وعشرين سلعة.. والعائد اليومي من المعابر الحدودية بين السودان وجنوب السودان يبلغ (2) مليون دولار أمريكي..
ثانياً: المضي قدماً في سياسات الوزير السابق للبترول بتحسين حقول بترول الجنوب الذي يتوقع بحلول العام 2020م أن يبلغ 500 ألف برميل في اليوم نصيب السودان من إيجار خط الأنابيب بنصوص الاتفاق الاقتصادي بين الدولتين حوالي 20 دولاراً للبرميل الواحد وبذلك يصبح العائد اليومي من بترول جنوب السودان حوالي (5) ملايين دولار في اليوم.. وكل احتياجات السودان اليومية حوالي (10) ملايين دولار في اليوم عبارة عن دقيق وجازولين وبنزين ودواء!!
وفي حال التوصل لاتفاق سلام في المنطقتين وإشراك رأس المال الوطني في شركات البترول والاتفاق مع الصينيين مجدداً أو التوجه غرباً بحثاً عن تكنولوجيا أكثر تطوراً سيبلغ الإنتاج اليومي من البترول نحو (200) ألف برميل.. من شأنها تغطية الفجوة البالغة (3) ملايين دولار في اليوم.. وتذهب كل عائدات صادر الثروة الحيوانية والذهب والمنتجات الزراعية للتنمية وتوظيف عائدات الجمارك في التعليم والصحة فقط.. ويعيش المواطن في رفاه.. ولا يمد المسؤولين الأيادي (لمشيخات) الخليج..
ولكن لن يتحقق ذلك إلا إذا اقتنعت الحكومة وقادتها بأن السلام في المنطقتين وفي دارفور هو (المخرج) الوحيد من حالة التوهان الحالية.. وبعد أن مدت الحكومة يدها إلى الجنوب وأنجزت اتفاقاً تاريخياً.. فتح لها أبواب العالم وحسّن صورتها خارجياً وأدركت الولايات المتحدة الأمريكية أهمية الخرطوم كلاعب لا غنى عنه، تلكأت الحكومة في السلام الداخلي وأضاعت فرصة التسوية في أديس أبابا حينما ذهب وفد الحكومة إلى هناك بلا تفويض حقيقي، وأهدر ضربة الجزاء التي كانت كفيلة بتحقيق نصر يجنب البلاد مأزق الاحتجاجات..
الآن أتت فرصة أخيرة بإعلان حكومة جنوب السودان جمع الفصائل السودانية المسلحة في جوبا وطلب الخرطوم لتأتي لتوقّع معها اتفاق سلام يفتح الباب لتعاون وتكامل اقتصادي بين السودان والشقيق الجنوبي الذي يحتاج إلينا ونحتاج إليه، ولكن من يُقدر أهمية الزمن؟؟ ومن يقنع القيادة بأن السلام هو طوق نجاة للنظام والحركات المسلحة معاً.. أم لا نزال نقف في محطة القادرين على الفعل والعاجزين عن دفع استحقاقه..؟!