أصدر بنك السودان بياناً صحفيًا أشار فيه إلى وجود عدد من التشوهات الهيكلية والاختلالات الإدارية التنفيذية والتي تمثلت حسب ما ورد في البيان في (ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة) في ميزانية 2021 والأعوام التي سبقتها كما أشار أيضاً إلى الاختلال الخارجي المتمثل في (ارتفاع عجز ميزان المدفوعات) وبنك السودان هنا يشير إلى مرتكزين مهمين ذي بعد خارجي وآخر داخلي. كذلك أشار البيان إلى أن هناك تشوهات أخرى كثيرة متعلقة بالحصار الجائر على السودان طيلة العشرين سنة الماضية إضافة لضعف الإنتاج الزراعي والحيواني وخاصة سلع الصادر مما تسبب ذلك في ارتفاع معدلات التضخم بشكل جنوني ومدهش خاصة أن الحكومة كانت لديها إجراءات متعلقة بتحديد سعر الصرف للعملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، ومن أهم المعوقات التي أعاقت الاقتصاد السوداني كما أسلفت الحصار الجائر وعدم الاستفادة من حصائل الصادر وتحويلات المغتربين في دول المهجر مما أدى الى تدهور في قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.
وبالعودة الى بيان بنك السودان الذي أورد فيه بعض المبررات وهي (تعمقت هذه الاختلالات بعد انفصال دولة جنوب السودان وذهاب معظم الاحتياطي النفطي لدولة جنوب السودن واستمرار عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي مع استمرار الحظر الاقتصادي الأمريكي ووجود اسم السودان في القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، وما نتج عنها من صعوبات وتعقيدات في علاقات المراسلة الخارجية للمصارف السودانية وانحسار تدفقات النقد الأجنبي، وتعذر استفادة السودان من المبادرات الدولية الخاصة بإعفاء الديون مثل مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون المعروفة اختصاراً بــ HIPC.)
في تقديري الشخصي أن هذه الأسباب والمبررات التي ساقها بنك السودان المركزي أعتقد غير كافية لما اتخذ من سياسات جديدة ويمكن وصفها بأنها قفزة في الظلام غير محمودة العواقب وليست خطوة للأمام .
والسياسات التي وضعها بنك السودان ابتداء من يوم الأحد الموافق 21 فبراير 2021م، وذلك بتوحيد سعر الصرف بما يساهم في تحقيق الآتي:
1ـ توحيد واستقرار سعر الصرف.
2ـ تحويل الموارد من السوق الموازي الى السوق الرسمي.
3ـ استقطاب تحويلات السودانيين العاملين بالخارج عبر القنوات الرسمية.
4ـ استقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي.
5ـ تطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات.
6ـ تحفيز المنتجين والمصدرين والقطاع الخاص بإعطائهم سعر الصرف المجزي.
7ـ الحد من تهريب السلع والعملات.
8ــ سد الثغرات لمنع استفادة المضاربين من وجود فجوة ما بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي.
9ـ المساعده في العمل على إعفاء ديون السودان الخارجية بالاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون.
والناظر للوضع الاقتصادي الحالي وبعدم وجود ضمانات باستلام قروض من البنك الدولي أو منح من الدول الصديقة لمواجهة الآثار السالبة لهذه السياسات الجديدة التي أعلنها البنك، ويشير هنا الدكتور عبد الحميد كاشا الخبير الاقتصادي (إن هناك طريقتين لتعويم الجنيه أولهما الخفض التدريجي والتعويم، وأردف كاشا قائلاً: هذا الإجراء الذي اتخذه البنك نجاحه مرهون في قدرة البنوك على توفير التعاملات النقدية الأجنبية للقطاع الخاص وإلا سيلجأ الأخير إلى السوق السوداء، وأضاف: ضرورة تفعيل دعم الشرائح الاجتماعية الضعيفة لمواجهة الآثار التي يمكن أن تنجم من هذا الإجراء).
أتمنى أن لا أكون متشائماً وأن لا تؤدي هذه السياسيات الى تفاقم الوضع المعيشي اليومي وزيادة أسعار السلع والأدوية خاصة المستوردة لارتباطها الوثيق بالعملات الأجنبية.
أعتقد آن الأوان أن تعمل الدولة جادة في جذب الاستثمارات الأجنبية وكذلك وضع المحفزات والضمانات لضمان تحويل مدخرات المغتربين في الخارج الذي يقدر تعدادهم بأكثر من خمسة ملاييون.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل