تعويم الجنيه ..إصلاح اقتصادي أم إملاء دولي؟
أثار قرار تحرير سعر العملة الوطنية (الجنيه) جدلاً كثيفاً على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد للخطوة واعتبارها الحل الناجع للأزمة الاقتصادية؛ وبين رافض لقرار التحرير في هذا التوقيت، مبرراً أن الخطوة لم تكن جديدة على الاقتصاد السوداني وإنما تجريب المجرب، حيث سبق وحرر آخر وزير مالية للحكومة السابقة الجنيه، ولم ينجح في إذابة الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي ..
نصح خبراء بإدارة المعروض من العملة بدلاً من سياسة تحجيم الطلب لتداول العملات الأجنبية مع تسعير الجنيه بقيمته الحقيقية للقضاء على سعري العملات الأجنبية، وتوفير كافة احتياجات السوق من العملات الأجنبية ليصبح موازياً في كل البنوك.
“الصيحة” أجرت مواجهة بين عضو اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير عادل خلف الله والخبير الاقتصادي د. هيثم فتحي، فإلى المواجهة.
مواجهة/ نجدة بشارة/ أمنية مكاوي
عضو اللجنة الاقتصادية بمركزية الحرية والتغيير عادل خلف الله: تحرير الجنيه قرار خاطئ.. وإرضاء لسياسات صندوق النقد الدولي
*التعويم لن يستطيع تذويب الفجوة بين السعر الرسمي والموازي
ـــ رأيك في قرار تعويم العملة الوطنية الذي أصدره بنك السودان المركزي؟
الخطوة سبق تطبيقها من قبل آخر وزير مالية في عهد النظام السابق، وفي إطار استجابته لضغوط صندوق النقد الدولي؛ والرأسمالية الطفيلية.. حيث تبنى سياسة تحرير سعر الصرف المرن.. ولكن حدث استعجال والقرار تم الإعلان عنه قبل تنفيذ مطلوباته من بناء احتياطي نقدي، هذا الاستعجال أدى إلى أن يقفز الدولار بالسوق الموازي في ذات اليوم إلى سعر 52 جنيهاً والتأشيري 47 جنيهاً، واستمرت لعبة القط والفأر منذ ذلك الحين حتى الآن.
ــ وكأنك تشير إلى تشابه سياسات الحكومة الانتقالية مع سياسات النظام المعزول؟
لا جديد في القرار.. هو استخدام لذات السياسات السابقة وتجريب
للمجرب.
ــ هل سيكون التعويم الحل لمشكلة الأزمة الاقتصادية في السودان؟
إذا كان الهدف من القرار جذب العملات الأجنبية للجهاز المصرفي، هذا لن يتم، أعتقد أن الخطوة لن تنجح في كبح جماح السوق الموازي.. لن يحدث توحيد لسعر الصرف إلا نظرياً.. بينما أغلب العملات سيتم تداولها خارج الجهاز المصرفي، وأتوقع ان يحدث تنافس من قبل الموازي على نهاية كل يوم، وأردفك القرار ليس إدارياً أو سيلقي بظلال شديدة الوطأة على المستوى السياسي والاجتماعي.
ــ توقعاتك بنتائج التعويم على المشهد الاقتصادي؟
أتوقع أن يؤدي القرار إلى قفزة مستمرة في أسعار السلع والخدمات.. مجرد التلويح بالقرار أدى لخروج عدد من السلع عن متناول يد المواطن.. وأتوقع أن تزداد معدلات الفقر.
ــ هذا يعني أن التعويم كارثي؟
هو قرار خاطئ، ولن يوصل إلى أي نتيجة لصالح المواطن، وإنما أولاً وأخيراً إرضاء لصندوق النقد الدولي، حيث تم تحرير سعر الوقود.. وتحرير سعر الكهرباء، والخطوة الأخيرة قبل وصول بعثة الصندوق إلى الخرطوم لتقييم الاقتصاد السوداني كانت تعويم العملة الوطنية.
ــ هل تتوقع أن يستقر سعر الصرف؟
هذه السياسة في الأصل قائمة على عدم الاستقرار، يتم بشكل يومي تحديد سعر الجنيه مقابل العملات القابلة للتداول، بالتالي سيكون مع غياب الاحتياطيات من النقد الأجنبي أو الفجوة بين العرض والطلب لم تحل ولم تستهدف بسياسات، بالتالي العلاقة الطردية بين الطلب والعرض تتسبب في عدم الاستقرار، بالتالي البرنامج يستجيب لمطلوبات صندوق النقد الدولي قبل زيارة بعثتها المقبلة في إطار البرنامج الموضوع الذي استلمته الحكومة ويسمى البرنامج الاتحادي للإصلاح المراقب .
ــ متى تصل بعثة الصندوق؟
مطلع مارس المقبل كي تكتب تقريراً للمدير التنفيذي للبنك الدولي ولصندوق النقد الدولي على ضوء ما وقفت عليه من خلال زيارتها وعلى ضوء ذلك يتخذ القرار .
ــ هل تتوقع دعم الصندوق للسودان في حال تنفيذ برامجه؟
صندوق النقد الدولي مثله مثل الدائنين همهم الأول استنفاد مديونياتهم مليار و200 مليون مطلوبة تعادل إنتاج 4،2 طن من الذهب بالتالي لماذا نكبل شعبنا ومن إيرادتنا بمبلغ زهيد.
///////////////////////////////////
الباحث والمحلل اقتصادي د. هيثم محمد فتحي لـ (الصيحة): أتوقع مردوداً إيجابياً لقرار تحرير الصرف على المدى الطويل
*مطلوب تسعير الجنيه بقيمته الحقيقية لردم الفجوة بين السعرين الموازي والرسمي
ــ ماهو رأيك في قرار الحكومة حول تعويم الجنيه؟
سعر العملة يعتبر مقياسًا لأداء اقتصاديات الدول، وعندما تحدث تدفقات دولارية ورؤوس أموال بالعملة الصعبة، يؤدي ذلك إلى دعم قوة العملة المحلية.
ــ ماهي عواقب هذا القرار؟
قرار تحرير سعر الصرف سيكون، صادماً في الأشهر الأولى من التطبيق، وقد يرفع أسعار السلع بنحو 150 في المئة على الأقل في بداية تنفيذه لكن أتوقع أن يعود السوق للاستقرار تدريجياً.
ــ هل سيؤثر على السلع الاستهلاكية؟
نعم، أتوقع أن يؤثر على المستهلكين بعد ارتفاع أسعار السلع محلياً وصعود سعر صرف الدولار لأنه يعتبر أحد المحددات الرئيسة للأسعار.
ــ ماهو الشيء المطلوب لتفادي التحجيم؟
المطلوب إدارة المعروض وليس تحجيم الطلب لتداول العملات الأجنبية مع تسعير الجنيه بقيمته الحقيقية للقضاء على الفجوة بين السعرين في السوق الرسمي والموازي للعملات الأجنبية، وتوفير كافة احتياجات السوق من العملات الأجنبية ليصبح موازياً في كل البنوك.
ــ هل هذا القرار يتطلب تسعير الجنيه السوداني بسعر حقيقي؟
الآن يمكن أن يكون الحل العاجل في تسعير الجنيه السوداني بقيمته الحقيقية، وإلغاء القيود المفروضة على تداول العملة الأجنبية بالسوق المحلي، وإلغاء القيود على تحويلات العملات للخارج، ووقف نزيف الاحتياطي النقدي، على أن يترك تحديد سعر الجنيه لقوى العرض والطلب بالسوق، وهو ما يطلق عليه التعويم، وذلك من خلال تعويم تدريجي للعملة الأجنبية أمام الجنيه من خلال خطة زمنية معلنة، وسيؤدي ذلك إلى توفير مصادر تمويلية للعملات الأجنبية.
ــ لماذا تسعير الجنيه السوداني؟
لتلبية احتياجات السوق بعيداً عن استنزاف الاحتياطي النقدي، وسيكون لذلك مردود إيجابي على المدى البعيد بالنسبة إلى ارتفاع جاذبية السوق السوداني وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الصادرات وعودة تحويلات العاملين بالخارج مما ينعكس على تحفيز النمو وزيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي.
ــ هل القرار سينفذ لقرار النقد الدولي؟
القرار هو صلب خطة الإصلاح الاقتصادي والوصفة تمهد للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
ــ هل الاقتصاد السوداني يتحمل قرارات صندوق النقد الدولي خاصة وأن السودان به حالة اقتصادية طاحنة؟
الآن أصبح السوق السوداني طارداً للاستثمارات الأجنبية والوطنية مع انخفاض حاد للاحتياطي النقدي الأجنبي وتفاقم السوق الأسود للعملة.
ــ هل تعتقد أن القرار إنفاذ لتوجيهات صندوق النقد الدولي؟
القرار هو في الأساس خطة للحكومة الانتقالية للإصلاح الاقتصادي والوصفة تمهد للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.
ــ هل الاقتصاد السوداني له القدرة على تطبيق قرارات صندوق النقد الدولي في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة؟
لا أعتقد، لأن السوق السوداني الآن أصبح طارداً للاستثمارات الأجنبية والوطنية مع انخفاض حاد للاحتياطي النقدي الأجنبي وتفاقم السوق الأسود للعملة.