بستان الحلنقي
(1)
كنت أعمل أيامها سكرتيراً لتحرير مجلة «بلدية العين» والتي تعد من أكبر المجلات ذات الوهج الجمالي في دولة الأمارات العربية المتحدة.. أذكر أن سمو الشيخ «سعيد بن طحنون آل نهيان» الذي كان يرأس مجلس إدارتها طلب مني إجراء حوار صحفي مع أعظم شاعر عرفته دولة الأمارات الشاعر الكبير «سلطان العويس».. ذات صباح لملمت أوراقي واتجهت إلى إمارة دبي لملاقاة هذا الشاعر العملاق.. قلت له محاوراً: هل هناك حب عذري في هذه الدنيا؟.. فأجابني ضاحكاً: لا وألف إن الحب العذري أسطورة ضخمة كان لعدد كبير من الشعراء العرب دور كبير في الترويج لها وعلى رأسهم الشاعر «جميل بثينة».. وأضاف: كيف لرجل أن يرى أمامه حديقة من البنفسج ويعمل على حرمان نفسه من التمتع بقليل من عطرها.. وواصل ضاحكاً: إلا إذا كان هذا الرجل سواء كان شاعراً أو حطاباً يعاني من أمرٍ ما.
(2)
رفضت أعظم ممثلة عرفها تاريخ الإبداع المصري «فاتن حمامة» أن تكتب مذكراتها بالرغم من المبلغ الذي تم دفعه لها من إحدى دور النشر والذي يفوق الملايين.. وقالت إنها لن تسمح للناس بالتسلل إلى شئونها الصغيرة لكي يعلموا شيئاً عن حياتها وهي في هذا العمر الخريفي.. كما رفضت أيضاً زهرة البيت الأبيض الراحلة «جاكلين كنيدي» أن تكتب مذكراتها وقالت: إن آل كنيدي عرفوا لدى الشعب الأمريكي أنهم صناع أمجاد وتاريخ وأنهم مهما كانوا ظالمين لها إلا أنها لن تسمح لعدد من ملايين الدولارات أن تجعلها تكشف عن المستور لأسرة يكفي أنها قدمت لهذا العالم أعظم رئيس مرّ على الولايات المتحدة الأمريكية «جون كنيدي».
(3)
أقامت إحدى المدن الأفريقية مهرجاناً موسيقياً ضخماً شارك فيه عدد كبير من الموسيقيين الأفارقة بعدد من المقطوعات الموسيقية المنوعة.. وكان «آيزك هيث» المغني الأمريكي المعروف ضيف على هذا المهرجان الذي شارك فيه الموسيقار الراحل «برعي محمد دفع الله» بمقطوعته الموسيقية «ملتقى النيلين».. أعلنت لجنة التحكيم أن الموسيقار الحاصل على أجمل مقطوعة موسيقية في هذا المهرجان هو الموسيقار السوداني «برعي محمد دفع الله».. اتجه صاحب الأنامل الذهبية للمنصة لتسلم جائزته من المغني الأمريكي «آيزك هيث» فقال له حين اكتشف أنه لا يزال في ربيع العمر: إنك تحمل بين جوانحك دفقة من إشراق موسيقي وأرجو أن تتفهم بلادك هذا الأمر.. كان يعلم أننا إلى حدٍ ما نتعامل مع الإبداع بشكل هامشي.. عاد «برعي» إلى السودان ولم يجد أحداً في استقباله من المسئولين لتهنئته على إنجازه الضخم، وذلك بحصوله على أعظم جائزة موسيقية إلا أن «برعي» وجد صمتاً ورماداً ينتظر قدومه.
(4)
الممثلة الإيطالية الأصل «صوفيا لورين» سألها أحد الصحافيين عن الأسباب التي أدت لانفصالها عن خطيبها الذي يملك منجماً من الماس.. فردت عليه بكل بساطة: لكنه يملك أيضاً قلباً من جليد.. وتقول الرواية أن خطيبها أثناء زيارة قام بها إلى منزلها نظر إليها وهي تطعم طائراً للكناري في حديقتها الصغيرة.. فقال لها: تذكري دائماً أن منزلنا الجديد ليس فيه مكان لطائر.. ولمّح إلى أن شقشقة الطيور تزعجه.. وبما أن «صوفيا» كانت من أكثر الممثلات حباً للطيور قررت أنها لن تصبح زوجةً لرجلٍ يكره أن يستمع لصوت كنارٍ يغرد.
(5)
عُرف عن إحدى القبائل الهدندوية أن رجالها يكتمون حبهم إلى حدٍ قد يموت الرجل منهم دون أن يفصح عنه ولو بمجرد إشارة عابرة.. وبما أن أحد أصدقائي كان والده ينتمي لهذه القبيلة أصلاً ذهبت إليه أسأله عن حقيقة هذا الأمر.. فقال: نعم نحن نكتم حبنا وأكد أن عدداً كبيراً من أصحابه ماتوا شهداء حبٍ لم يتكلم قط بل ظل صامتاً إلى أن ارتحل.. قلت: له ماذا إذا كشف الإنسان عن شعور نبيل لإمرأة أحبها؟.. أجابني: ماذا لو رفضت هذه المرأة هذا الشعور باعتبار أنه يجب أن يكون في خانة الصمت وأنه يكون أعظم مقاماً لو تم تحت ظلال زواج كريم.. ابتسم الرجل وهو يضع يده على يدي قائلاً: إذا أردت لحبك أن يدوم عليك بكتمانه وبذلك تنال مقام الاستشهاد شوقاً تحت راية حب كبير.
هدية البستان:
رُد السنين الشلتها
رجع سنين عمري المضى
عز الليالي الباقية لي
أديها بس حبة رضا