كتب: سراج الدين مصطفى
(1)
الأستاذ الراحل ميرغني البكري، يمثل علامة فارقة في تاريخ الصحافة في السودان، لاسيما الصحافة الرياضية والفنية حتى أطلق عليه لقب (شيخ النقاد).. وهو يمثل لكل الأجيال رمزاً ملهماً لأنه تميز بعصامية نادرة جعلت منه واحداً من أبرز من كتبوا في مجال الفنون كما كان مصدراً مهماً للمعلومات.
(2)
ولد ميرغني الشيخ البكري الحنفي، الذي ينحدر أصله من أسرة البيلي العريقة في 30 سبتمبر 1928في حي الهاشماب بأمدرمان وتعود عائلته بجذورها إلى منطقة (منصوركتي) في شمال البلاد، والده هو الشيخ المكي البكري الحنفي الذي تزوج تسع مرات وأنجب ست بنات وثمانية من الأبناء ووالدته هي زهراء إبراهيم وهي من أب مصري وأم من دارفور.
(3)
تزوج الأستاذ الراحل ميرغني البكري في العام 1964 وهو زواج كان حدثاً فنياً لن يتكرر بحسب الأستاذ معاوية محمد يس الذي ذكر في كتابه تاريخ الغناء والموسيقى في السودان في طبعته الثانية (شارك في حفل زواجه 48 فناناً وذلك بحكم علاقته مع المطربين والعازفين آنذاك.. وقد استمر الفرح لستة أيام وشارك فيه المطرب عثمان حسين الذي تغنى للمرة الأولي بأغنية (شجن) ويقول الراحل ميرغني البكري وعدت عثمان حسين بأنني لو رزقت ببنت فأطلق عليها اسم (شجن) وكان أول مولود لي بنت وأوفيت بوعدي وأسميتها (شجن).. وشاء الله أن يحضر عثمان حسين زواجها في عام 2007 كضيف شرف.
(4)
من الفنانين الذين أحيوا زواجه محمد وردي وإبراهيم الكاشف والعاقب محمد الحسن، والتاج مصطفى ـ كانوا وزراء العريس ـ بجانب أحمد المصطفى وإبراهيم عوض وعبد الكريم الكابلي وجميع المطربين الشعبيين، وأقيم الزواج في حي البوستة بجوار منزل الموسيقار عبد اللطيف خضر ود الحاوي..
ويعترف البكري بأنه كان عاشقاً، ولكن من عشقها ذهبت لمدينة ود مدني وكانت هي السبب في ارتباطه بهذه المدينة وبفنانيها الى درجة يعتبرني البعض من أبناء مدينة ودمدني.
(5)
وبحسب الأستاذ معاوية محمد يس (بدأت علاقة البكري بالعمل الصحفي في العام 1946 من خلال قراءته للصحف المصرية، ويقول الراحل البكري إنه برغم أن عمره تجاوز الثمانين ولكنه لايزال مواصلاً في الاطلاع على الصحف المصرية التي ولدت لدي الحس الفني، ويستدعي البكري حكاية أول مقال كتبه حيث ذكر: في العام 1949 كانت وسيلة المواصلات الأولى هي (الترام)، وكانت تحدث بداخله مناظر مؤذية مثل الترحش بالراكبات، فكتبت مقالاً أرسلته إلى صحيفة (صوت السودان) وكان رئيس تحريرها محمد أحمد السلمابي، فأرسلت المقال بالبريد وتم نشره، وأصبحت أراسل الصحف، وظهرت جريدة (التلغراف) وصرت أراسلها وأصبح لي باب ثابت بعنوان (صور من الحياة) في عام 1951.
(6)
في عام 1958 ونسبة لجلوسه المنتظم في مقهي جورج مشرقي الذي كان عامراً بالنجوم من الإذاعة والتلفزيون والفن والمسرح كانت تتوافر له الكثير من المواد الفنية التي لا تتوافر لناقد فني آخر. ويقول الراحل البكري (عندما كنا نجتمع ويشرف كل منا على صفحته كنت أجد المحررين الفنيين محتاجين للأخبار الفنية، وكنت أمدهم بتلك الأخبار فأقترح علي رئيس تحرير (الصباح الجديد) إنشاء صفحة فنية إلى جانب صفحتي الرياضية، وكانت أول صفحة فنية بعنوان إذاعة وإذاعيون، ومن خلال هذه الصفحة تنبأت بالمستقبل للإذاعي الراحل أحمد قباني ومحمد خوجلي صالحين بجانب حمدي بدر الدين وكمال محمود الماحي.
(7)
ومن الفنانين الذين يقول البكري إنه أسهم في ظهورهم من خلال كتاباته محمد وردي، وصلاح مصطفى، وصلاح بن البادية، وكل المطربين الذين ظهروا في مهرجان طلعت فريد عام 1962 محمد الأمين وأبوعركي البخيت والطيب عبد الله، بجانب أم بلينة السنوسي، وقال: وإذا حمدت الله على شيء فإن 90% ممن يعملون في الصحافة والإذاعة والتلفزيون والفن لا تربطني بهم علاقة العمل الصحفي فقط بل العشرة والصداقة والحب والتقدير.