الوداع فاتنتي..
تماماً كما ودّع الشاعر العباسي فتاته – في أغنية الطيِّب عبد الله الشهيرة – مع الفارق..
فأنا فاتناتي لا أودعهن لأنّهن يعبن علي سوادي..
أو – في مقام كلمتنا هذه – سواد أفعالي؛ بدليل إنّني أنا الذي أفارق لضرورات قاهرة..
وتختلف هذه الضرورات من فاتنة لأُخرى..
ما بين تضييق خِناقٍ… أو تعكير مَزاجٍ… أو مَس كبرياءٍ… أو إغراءٍ من تلقاء أخرى أشدّ فتنةً..
واليوم أودِّع فاتنة؛ لا لأيِّ سببٍ سوى الأخير هذا..
أفارقها بمعروفٍ كما اجتمعنا – حيناً – بمعروفٍ؛ وفي القلب حسرةٌ… وبالحلق غُصّةٌ..
وهو فراقٌ أسيفٌ؛ لم أشعر بمثله إلا عند وداع فاتنة سابقة..
وهي (الجريدة)؛ لناشرها المُهذّب… الراقي… الصادق… الإنساني… عوض محمد عوض..
وما زال في نفسي شيءٌ من (حتّى ألم) إزاء ذاك الفراق..
أما الفاتنة التي أودِّعها اليوم – وبكلمتي الحزينة هذه – فهي (الصيحة)؛ ذات الطاقم الرائع..
سواء كان طاقماً فنياً… أو إدارياً… أو تحريرياً… أو تدقيقاً لغوياً..
فزماننا هذا أضحى عصيباً… وصعيباً… وكئيباً؛ أو كما غنّى اللحو (فرقك علينا صعيب)..
ومن حق المرء فيه أن يسعى إلى الأفضل؛ دونما حرجٍ..
تماماً كما يتنقل نجوم كرة القدم من نادٍ إلى ثانٍ… إلى ثالثٍ…. إلى رابعٍ… تطلُّعاً إلى الأحسن..
نَعم؛ هُنالك مُنغصٌ يتمثّل في عدم وفاءٍ بوعدٍ ما..
وهو الأمر الذي ما كان ليحدث من تلقاء ناشر الصحيفة السّابق – الطيب مصطفى – أبداً..
وللسبب هذا ما زلت أحترمه – جداً – رغم التبايُنات السياسية..
وما كان ليحدث – كذلك – من مديرها العام الحالي يحيى حامد؛ وقد جاءها عقب الوعد..
فهو ذو صفاتٍ يندر توافرها لدى كثيرٍ من إداريي صُحفنا الآن..
وقد حرصت على أن لا أخطره بالفراق الاضطراري هذا إلا عبر كلمتنا – الختامية – اليوم..
وذلك تحاشياً لنبلٍ من تلقائه قد يُبطل مفعول وعدي للفاتنة الجديدة..
وقد تصبح قديمة بعد حينٍ؛ فأنا – كما ذكرت عند انتقالي إلى (الصيحة) هذه – سواح..
وسأظل أمشيها خُطىً كُتبت علي؛ في دروب الصحافة..
فشُكراً ساتي… وبصيري… وخليفة… ومريم… وأبا عبيدة… وسيبويه الجريدة (أندَاندي)..
وشُكراً – بقدر صياح الصيحة الرسالي – يحيى حامد..
وشُكراً – للمرة الثانية – فاتنتي (الصيحة)؛ شُكراً جزيلاً…. جميلاً…. نبيلاً…. أصيلاً..
فأنتِ كنتِ – لي – نعم الفاتنة..
سواء في عهد الطيب؛ أو العهد (الطيِّب) هذا..
والـــوداع !!.