السلع الإستراتيجية.. وعود باستمرار الدعم
الخرطوم: سارة إبراهيم
الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها البلاد منذ زمن ليس بالقليل، ظهرت آثارها في ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، وحدوث زيادات مفاجئة في أسعار عدد من السلع أبرزها السكر والزيوت والغاز، وشهدت حركة التجارة ومبيعات السلع تراجعاً ملحوظاً، كما تراجعت القوة الشرائية لأدنى مستوياتها، وبالتالي تراجع المستوى المعيشي للموطن وأصبح توفر السلع مصدر قلق للمواطن البسيط، في ظل غياب رؤية لحل الأزمة الاقتصادية.
تضاعف المسؤولية
تضاعفت معاناة المواطنين من محدودي الدخل والشرائح الضعيفة بسبب عجزهم عن توفير متطلبات المعيشة، بسبب الزيادات المستمرة في الأسعار، ويقول مواطنون، إن هذه المتطلبات باتت أثقل من أن يحملها كاهلهم المثقل أصلاً بالتزامات متعددة تشمل السكن والغذاء والمواصلات والتعليم والعلاج، كمتطلبات أساسية، فيما استغنى الكثيرون عن الكماليات، لأن الحصول عليها أصبح “بعيد المنال”، وتضاعفت المسؤولية أمام المواطنين بعد تخلي الدولة عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء.
ويعاني آلاف العمال وصغار الموظفين من الغلاء وندرة السلع الاستراتيجية، حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح على الرغم من إقرار الموازنة الحالية رفع الدعم الاجتماعي، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح، حيث يشكك كثير من المختصين في تنفيذ الحكومة للدعم الاجتماعي، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم.
ويصف يوسف الماحي، وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة، الواقع بأنه بات “أصعب مما كان”، وقال إن ما يوفره الراتب لا يتجاوز 20% من الحاجة الفعلية، موضحاً أن سد هذا العجز يكون بالتنازل عن العديد من المتطلبات إجبارياً والاكتفاء بالمستلزمات الغذائية فقط، وتوفير بعض متطلبات المدارس على دفعات، موضحاً أن الغذاء يتصدر ترتيب الأولويات، حيث لا مجال لمحدودي الدخل والموظفين للتفكير في تملك كماليات لا تسعفهم إمكانياتهم لشرائها.
تطمينات للمواطن
وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم، بعد توليه حقيبة المالية، أرسل تطمينات للمواطن باستقرار تدفق الوقود حتى تكتمل عمليات الصيانة، متطرقاً لموقف الصيانة في مصفاة الخرطوم، ومتناولاً جهود وزارة الطاقة والنفط بالتنسيق مع وزارة المالية وبنك السودان ومحفظة السلع الاستراتيجية وشركات استيراد وتوزيع الوقود، وقال: نطمئن الشعب السوداني بعدم رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية كالغاز والفيرنس وغيرهما حتى نهاية العام الحالي، ونعمل مع بنك السودان على تخفيض سعر الصرف، كما يجري العمل في التعاون مع الشركات الحكومية، مؤكداً جاهزية وزارة المالية لمعالجة تمويل بواخر الغاز بجانب الجازولين والبنزين.
انسياب المواد البترولية
وحمل ذات اللقاء لوزير المالية مع الجهات ذات العلاقة بتوفير السلع الاستراتيجية، بشريات عن الاستمرار في توفير الوقود، لاسيما خلال فترة توقف مصفاة الخرطوم للصيانة الدورية والتي حال عادت للعمل بالتأكيد ستخفف من الهلع الذي انتشر عقب أزمة خانقة في المشتقات البترولية منها الجازولين والبنزين وغاز الطبخ المنزلي.
ووزارة الطاقة، أكدت أن صيانة المصفاة قد اكتملت بنسبة 90% وبإعادة تشغيلها ستنساب المنتجات البترولية بسلاسة، وفي ذات الوقت هناك جهود تبذل في سبيل جدولة وصول البواخر المحملة بالوقود عقب التعقيدات التي مرت بها عمليات توفير الوقود، وقد شهد الموقف من المواد البترولية بعض التحسن بدخول محفظة السلع الاستراتيجية.
إصلاحات اقتصادية
وحذّرت خبيرة الاقتصاد، د. إيناس إبراهيم في تصريح صحفي، من خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي، وقالت لـ “الصيحة”، إن الحكومة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بإجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن، وتجنب انفلات الأوضاع في حال استمرار الأزمة دون حلول جذرية.
وقالت إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت إلى أن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة، وما يتصل بها من الصناعات التحويلية، ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة على الإنتاج، وكثيراً ما يتكبدون خسائر.