روح إيجابية سادت.. المنصورة بالخارجية.. التصويب تجاه الأهداف
الخرطوم- مريم أبشر
روح إيجابية لحد كبير بدأت تسود أروقة وزارة الخارجية في أعقاب إعلان حكومة النسخة الثانية للحكومة الانتقالية، وعلى مشارف الانتهاء من خطة استراتجية شاملة لعمل الخارجية صاغها ولمدة تزيد عن الخمسة أشهر خيرة الخبراء والمختصين في العمل الخارجي، ومع قدوم الدكتورة مريم الصادق المهدي برصيدها السياسي لتتصدرة قمة الهرم في الوزارة. فقد ظلت الوزارة برأي منسوبيها مسلوبة الإرادة خلال فترة الحكم السابق بعد أن اختطفت معظم ملفات العمل الخارجي المنضوية في صميم أولويات مهامها وتوزعت على أصحاب النفوذ، وأصبح عمل ودور الوزارة شبيهاً بالعلاقات العامة كالمشاركة في اجتماعات اللجان واستصحاب أصحاب النفوذ أحياناً.
وبرأي ذات المراقبين أن هذا الدور الهامشي استمر حتى النسخة الأولى من الحكومة الانتقالية، حيث ظلت الوزارة مغيبة من الملفات الخارجية المهمة أبرز ذلك ملف التطبيع مع إسرائيل.
بارقة أمل
وظلت الوزارة أيضاً تعاني وضعاً ماليًا مزريًا في كل بعثاتها المعتمدة بالخارج حيث عجزت البعثات عن دفع رواتب العاملين فيها من دبلوماسيين وإداريين ومكونات العمالة المحلية جراء الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، بل أن شح المال المتمثل في النقد الأجنبي بات يهدد مقار السفارات والقنصليات المستأجرة وإيجارات سكن منسوبي البعثات لعجز البعثات عن دفع قيمة الإيجار، الأمر الذي ربما يدفع أصحاب تلك المقار للجوء للمحاكم، بل إن بعض البعثات طلبت من منسوبيها البقاء في منازلهم ولجأت أخرى لتخفيض العمالة وأغلقت بعثات رأت الوزارة أنه في الإمكان إدارتها عبر التمثيل غير المقيم.
أمام هذا الوضع المأساوي، بدأت تظهر في الأفق بوادر أمل حيث كشفت مصادر عليمة لــ(الصيحة) أن الوزارة بصدد إغلاق جميع متأخرات بعثاتها الخارجية، وذلك بقفل وتسديد كل الأموال والمبالغ المالية المتأخرة، وتوقعت مصادر حدوث استقرار في العمل الخارجي بصورة عامة، وذلك من خلال تطبيق برامج للتعاون مع الأطراف الخارجية، فضلاً عن أن سقف التوقعات ارتفع باتجاه تحسن الوضع بصورة عامة بموجب خطط وبرامج الحكومة الجديدة، ولفتت مصادر إلى أن تحسين الأوضاع يعد أحد الأولويات للمرحلة الحالية، يجري هذا التحرك الخارجي وتستشرف أول كوتة من الدبلوماسيين بعد ثورة ديسمبر المجيدة، حيث يتوقع أن ينضم للوزارة خلال الأيام المقبلة 50 من الكوادر الوسيطة (مستشارون وسكرتيرون أوائل)، طبقت في دخولهم الوزارة كافة معايير الشفافية والعدالة والكفاءة في كل مراحل الاختبارات مزقت بموجبها نهج “اللست” الجاهزة وطي صفحة سواء من نيل الوظيفة العامة عبر الانتماء والميول السياسي.
أولى الخطوات
وفي الأثناء قامت وزيرة الخارجية الدكتورة مريم الصادق عقب تسلمها مهام الوزارة من سلفها المكلف الدكتور عمر قمر الدين بجولة تعريفية طافت خلالها على من الإدارات التابعة للوزارة، و استمعت من مديري الإدارات على شرح تعريفي لكل الملفات التي تشرف عليها الإدارات.
ولفت عدد من السفراء إلى أن روح من التعاون والترحيب بالمنصورة للعمل بالوزارة خلال الفترة القادمة يتوقع أن تسود الوزارة وفق الخطة الملزمة التي ستضعها الحكومة التنفيذية وإستراتيجية العمل الخارجي التي وضعتها الوزارة وشارفت على الانتهاء.
تأسيس
اتفق عدد من المتابعين في فترة الدكتور عمر قمر الدين وإن كانت كل الحكومة واجهتها عقبات حقيقية، إلا أنها شكلت مرحلة مهمة لجهة أنها شهدت طفرة مهمة وغير معهودة لتأسيس العمل بوزارة الخارجية على المستوى الداخلي وكشف السفير عبد الباقي كبير عن أن هنالك عملاً كبيراً أنجز حتى وإن لم يتم إعلانه حتى الآن، وأكد أن فرص النجاح للدكتورة مريم الصادق للمضي قدمًا كبيرة جداً، ويرى أنها بحكم رصيدها السياسي منفتحة على الأقليم ومتحركة ولديها الذخيرة الكافية والمتاحة للانطلاق.
وقال كبير لـ”الصيحة”: هنالك عمل كبير اكتمل في الاستراتيجية والسياسات التي تخدم العمل الخارجي بجانب العمل على إعادة هيكلة الوزارة، ويعتقد أن المنصورة حريصة على الانطلاق بالعمل الخارجي والنجاح في الوزارة كمؤسسة بعيداً عن الأبعاد الحزبية، والسفير يعتقد أن الوزارة باعتبارها مؤسسة سيادية بالضرورة يكون لها ارتباط بالمجلس السيادي، غير أنه لفت إلى أن الفترة الماضية عانت الوزارة من الازدواجية، وكان هنالك تسويف ممنهج وتهميش لمؤسسة مسؤولة عن العمل الخارجي، وضرب مثلاً لذلك بملف الاتحاد الأوروبي الذى يديره مجلس الوزراء إبان فترة الوزير السفير عمر مانيس، ويرى أهمية إعادة الملفات التي تعد من صميم العمل الخارجي للوزارة حتى تضطلع بمهامها، مذكرًا أن بالوزارة كوادر وخبرات جاهزة وحاضرة لإنجاز المطلوب من عمل خارجي يخدم البلد والثورة.
الفرصة مهيأة
اتفق السفير والناطق الرسمي السابق بوزارة الخارجية جمال محمد إبراهيم مع الاتجاه السائد بالوزارة بأن هنالك روحاً من التفاؤل تسود العاملين بالخارجية، في أعقاب بداية العمل في النسخة الثانية للحكومة الانتقالية، وفي ظل اختيار الدكتورة مريم الصادق لتكون على رأس الوزارة، وتوقع نجاحًا في فترة عملها لافتاً إلى أن فترة الستة أشهر الماضية شهدت عدم استقرار، حيث كان الوزير الدكتور عمر قمر الدين يسير العمل بالتكليف، إضافة لذلك السفير جمال يشير في حديثه لــ(الصيحة)، إلى أن لجنة إزالة التمكين قامت بعمل كبير بإزالة التمكين من الوزارة ورغم تأكيده على أن القوى العاملة حالياً ليست بالمستوى المطلوب عدداً ونوعاً، إلا أن المنصورة لديها رغبة كبيرة لبداية العمل الصحيح والنجاح خاصة وأن وكيل وزارة الخارجية أشرف على عمل كبير بالوزارة بتكليف من مجلس الوزراء وعمل على وضع خطة استراتيجية متكاملة للعمل بالوزارة عبر لجان متخصصة ضمت خبراء وأنجزت مخطوطة عمل ضخمة جاهزة الآن بعد الإجازة للتنفيذ.
وفيما يلي الملفات المسلوبة، يرى ضرورة إعادتها للوزارة لأنها من صميم العمل وضرب لذلك مثلاً بسد النهضة، وقال: رغم أن وزارة الري تشرف على الملف لجهة الاختصاص الفني، إلا أن الشق السياسي في ملف سد النهضة كبير ومهم ومن أولويات الوزارة، لافتاً إلى أن أداء الوزارة فيه خلال الفترة الماضية كان ضعيفاً وبرأي إبراهيم، على المنصورة تفعيل الشق السياسي المتعلق باختصاص الخارجية لإحداث الاختراق المطلوب.