ما يدور الآن في بعض مدن السودان من تخريب وكسر ونهب وسرقات وقفل الطرقات، يدل على ضعف الوازع الديني لدى كثير من أبنائنا المسلمين، وأمر مؤسف للغاية حينما نرى في بعض مواقع التواصل بعض الطلاب يحملون سلعاً ومواد غذائية قيمة سرقت من المتاجر نهاراً جهاراً.. صحيح قد تكون الأوضاع المعيشيه في غاية السوء، ولكن ما هكذا كان سلوك أهلنا السودانيين، وما كنا نظن أن الأمر وصل لهذا الحد.. فلذلك أقول، المسألة محتاجة لتوعية دينية في المقام الأول قبل البمبان أو مسيل الدموع، أو أي آله تستخدم لمكافحة الشغب.
واجب دعاة الخير أئمة المساجد والعلماء والوعاظ في هذه الأيام العصيبة في بلادنا، تذكير الناس بحرمة الدماء وخطورتها في الشريعة الإسلامية، وأعظم جرم أكل أموال الناس بالباطل، وحرق ممتلكات المواطنين العزل، والناس في أوقات الفتن تشتد حاجتهم إلى التذكير بالله تعالى ربهم، وتعليمهم توحيد الله وأسماءه وصفاته وبيان معانيها ومدلولاتها، وتذكيرهم بأصول دينهم ومبادئه ومجمل أسباب النجاة وأسباب الخسران.. ومن ذلك بيان (الحقوق) ببيان ما يجب على المسلم تجاه ربه وخالقه وما يجب عليه تجاه دينه وتجاه نفسه وغيره.
وبيان عاقبة الصبر وضبط النفس وتحمل الأذى والحلم والتحلي بحسن الخلق والإعراض عن الجهل والسفه والبعد عن التشنج والتوتر..
ولا بد من بيان مفصل تبرأ به الذمة لوجوب التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن النجاة في الدنيا والآخرة في التمسك بهما وعض النواجذ عليهما..
وليكن دعاة الخير بحكمتهم وعلمهم وحلمهم قريبين من الناس؛ فإن صلاح العباد والبلاد لا يكون إلا بالاستقامة على الدين الخاتم الذي ختم الله به الأديان على منهج أهل السنة والجماعة اتباع السلف الصالح بلا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط..
وكلما ابتعد دعاة الخير ورثة الأنبياء عن أقوامهم ارتفع صوت الجهل والهوى والشر والفساد، وسمعت ورأيت ما لا تتحمل سماعه أو رؤيته وما لم تكن تتوقعه.. فيا أيها الداعية الله المصلح، فلتقم بما أوجب الله عليك في بيان الحق بالطرق الشرعية والأساليب المرعية، يا من تحملت أمانة عظيمة سيسألك الله عنها، قال الله تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ).
فليحدّث العلماء والدعاة والخطباء الناس وليبذلوا جهدهم في التعريف بمعالم الدين الخاتم دين الإسلام ببيان مبادئه وقواعده العامة.. وليفصلوا لهم في مقاصد التشريع الرباني فيه وأنه الدين الحق دين الرحمة ودين السماحة وأنه جاء بمصالح العباد في العاجل والآجل ولم ينه عن شيء إلا فيه الضرر في العاجل والآجل.. وليسعدوهم ببيان جمال التشريع وإعجازه فيما شرعه الله تعالى من أحكام راعت سعادة الخلق حتى تزداد رؤوسهم ارتفاعًا وقلوبهم اغتباطًا.
وليحدثوا الناس عن هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فإن خير الهدي هديه عليه الصلاة والسلام، فهو أعبد الخلق لله وأرحم الخلق بالخلق، وأشجع الناس وأحلمهم وأكرمهم وأصبرهم وأوفاهم عهداً وأحسنهم خلقاً.. وليخبروهم عن قدوات المسلمين من السلف الصالحين من الأنصار والمهاجرين والتابعين والعلماء الربانيين العاملين والعباد والزهاد والصالحين صبرهم وتحملهم الظروف المعيشية التي مرت بهم في عام الرمادة على سبيل المثال وعلى المنفقين من أهل الخير يجب أن لا ينسوا الفقراء في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها بلادنا. وعلى الوزراء الجدد أن يعلموا عظمة هذا التكليف والعمل بهمة ونشاط وشفقة من أجل إنقاذ البلاد اقتصادياً..عاجلاً، لأن هذا الشعب هلك من شدة الصبر حتى أصبح الفقير يرى باطن الأرض أفضل من ظاهرها.
فلتجتهد يا عبد الله الداعية إلى الخير في تعليم الناس خصوصًا فئة الشباب.. فإن الدعاة إلى الله وطلاب العلم المتمسكين بالكتاب والسنة والسائرين على هدي السلف الصالحين يقومون بعد انقطاع النبوة بما كان يقوم به الرسل والأنبياء ويا له من مقام كريم وفضل عظيم…
ولتجتهدي يا أمَة الله يا أختي الداعية والأستاذة في المدارس والمعاهد النسائية.. وطالبة العلم في الجامعة في نشر الحق بدليله، وفي تحبيب إماء الله وأهلك في خالقهم الله تعالى ودلالتهم على الطريق إلى الله، وأنه لا يكون إلا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قُلي الحق وبيّنيه لمن حولِك فإن الله تعالى يتولى هداية خلقه فضلاً منه ورحمة ويشرفك بالتسبب في أنه جواد كريم ..
نواصل