الخرطوم: الصيحة
(1)
يعتبر السر قدور من أبرز شعراء الأغنية، وله أغنيات معروفة من التي رددها كبار المطربين السودانيين ومثالاً لا حصراً من أشهر أغنياته الخالدة: الشوق والريد – يا صغير – أرض الخير للكاشف، يا ريت – قمر باين – نسيم شبال – عيونك فيها شي يحير- الريد يجمع يفرق – لكمال ترباس، حبيبي نحنا اتلاقينا مرة للعاقب محمد حسن، وكل البينا بقى حكاية لصلاح محمد عيسى وغيرها من الأغنيات التي تعلق بقلب من يسمعها.
(2)
عرف السر قدور طريقه إلى ما كان يعرف بحوش الإذاعة فانضم إلى كوكبة المسرحيين الرواد والممثلين ككاتب ومؤدٍّ في وقت مبكر. عمل مع عثمان حميدة «تور الجر» وعبد الوهاب الجعفري، عثمان اللورد، الفاضل سعيد، أحمد عاطف وإسماعيل خورشيد، ومع دخول التليفزيون السوداني في الستينات دائرة البث ضاعف من نشاطه التمثيلي ومن كتاباته المسرحية وكتب عدداً من النصوص المسرحية، منها مسرحية «المسمار» التي مثلها علي مهدي في الثمانينيات.
ويروي السر قدور في إحدى مقالاته قصة أغنية الشوق والريد، يقول السر: من أغنياتي التي قدمها الفنان الكاشف ثلاث أغنيات ارتبطت بمواقف طريفة الأولى كانت أغنية (الشوق والريد)، وكان ذلك في بداية الستينيات.. وكان الشعر الحديث قد أصبح موضة بين شباب الجيل الجديد، وقد ظن أولئك أننا نحن الذين نكتب بالأسلوب التقليدي نعجز عن مجاراتهم في هذا الميدان.. فكتبت أنا عدداً من القصائد المرسلة بعضها بالفصحى وبعضها بالعامية..
(3)
وذات صباح كنت أجلس مع الفنان الكاشف في المحل المجاور لجريدة “صوت السودان”، حضر إلينا المرحوم أحمد سنجر، وهو يحمل صحيفة يومية ولوح بالجريدة في وجهي، ثم شن علي هجوماً عنيفاً واتهمني بالعجز والتقليد الأعمى واستنكر أن أساهم في إفساد الشعر بهذه البدع.. ولكي يشارك الكاشف في النقاش طلب أن نقرأ له القصيدة وعندما قرأتها له دافع عنها دفاعاً مجيداً وقال أنها شيء جديد في شعر العامية. وهنا صرخ فيه العم سنجر.. طيب يا إبراهيم روح غنيها لو فالح..
(4)
وانتهى الجدل بهذا التحدي ومن الطريق إلى أم درمان ونحن في العربة طلب مني الكاشف أن أقرأ عليه القصيدة مرة أخرى.. وقرأتها ثم قرأتها مرتين، وعندما وصلنا إلى جوار سينما أم درمان، حيث أسكن أوقف العربة. وقبل أن أنزل قرأت له القصيدة للمرة الرابعة.. ثم وضع رأسه على عجلة القيادة وأسمعني القصيدة كاملة.. وقال لي مع السلامة.. وفي اليوم الرابع من هذا الموقف كان الكاشف يغني في حفلة ساهرة في المسرح القومي الأغنية الجديدة (الشوق والريد) استجابة لتحدي صديقه الشاعر أحمد سنجر رحمهما الله .