:: ومن الأخبار الجيّدة، تثمين والي الخرطوم أيمن خالد نمر لدور الشرطة، وتقديره لانتشارها السريع في كل المحليات، لتأمين وحماية المرافق العامة والمواقع الحيوية من (البلطجية).. ولقد أحسن والي الخرطوم عملاً برفع الروح المعنوية للشرطة، وذلك بالتجوال معهم في أطراف الخرطوم، والوقوف معهم في الطرقات والأسواق، ناصحاً وموجهاً ومستمعاً طوال ساعات ليلة الخميس..!!
:: فالشرطة بحاجة لمثل هذا الدعم المعنوي، ليس فقط من والي الخرطوم، بل من كل مُستويات الحكم، وخاصة الحاضنة السياسية الجديدة (شركاء المرحلة الانتقالية).. والمؤسف أن العلاقة بين الشرطة والحاضنة السياسية الفانية – قِوى الحرية – كانت (سيئة للغاية)، وهي العلاقة التي تسببت في تمرد غير معلن من قبل الشرطة.. غياب الشرطة عن موقع العمل يعني غياب الأمن في المجتمع، ويعني الحرائق والنهب وكل الجرائم..!!
:: والشاهد، منذ بداية الثورة، كما مَرّ بها الثوار وأسرهم، فالشرطة أيضاُ مرّت بكل لحظات الثورة العصيبة.. وكما حزنت البلاد بفقد بعض شبابها، فقد حزنت البلاد أيضاً لاحتساب الشرطة بعض أفرادها.. وفي خضم الثورة، كتبت زاوية تحت عنوان (ليس عدواً)، بحيث خاطبت فيها الشباب بالنص: (الشرطة ليس عدواً للمواطن، أو كما يسعى البعض لترسيخ هذا الخطل في المجتمع).. ولكن تلك الحاضنة السياسية لم تكن تقرأ النصح..!!
:: فالشرطة بعضٌ من أبناء الشعب.. وكما حال السواد الأعظم من الشعب، أفرادها يعانون من ضنك الحياة ورهقها كما يعاني المواطن، وكذلك يحلمون بغد سعيد لوطنهم وأنجالهم كما يحلم المواطن.. ومهما كانت وطأة تلك الظروف وقسوتها في الشوارع والبيوت، لم تكن من الحكمة أن تتخذ حاضنة سياسية، الشرطة عدوّاً.. فالعدو كان نهجاً قبيحاُ، وقد بدأ في الانهيار ثم التلاشي بإذن الله.
:: وكما دفع المواطن، فالشرطي أيضاً دفع ثمن أخطاء وجرائم النظام المخلوع.. وكان على عقلاء تلك الحاضنة السياسية تذكير شباب الثورة بأن الشرطي أحد أبناء المجتمع، وسيظل متحلياً بقيم وصفات المجتمع السوداني، ويتقاسم معه السراء والضراء.. وما كان يجب أن توضحه تلك الحاضنة السياسية – الشتراء – للشباب هو أن الشرطة لم تفرض على الشعب النظام المخلوع، ولم تضع قوانين النظام العام وغيرها..!!
:: لم يكن عدلاً أن تُحمِّل قوى الحرية، الشرطة مسؤولية (نظام كامل).. وكان ظلماً كل محاولات هدم الشرطة أو إضعاف دورها بالإعلام السلبي.. وليس فقط في أشهر الثورة وما فيها من مشاهد الدم والدموع، بل في كل الأحداث التي كانت ضحيتها الشرطي أو مواطن، فإن كلاهما يدفع ثمن السياسات الخاطئة وجرائم السياسيين.. ولا أحد غير المسمى بالمسؤول السياسي يفسد الود بين الشرطي والمواطن..!!
:: فانتبهوا لمخاطر المرحلة.. لو لم يحضن مجلس شركاء الحكم الشرطة، حتماً سوف تجد (حاضنة مضادة).. وعليه، مع إصلاح الشرطة وتقويتها وتجهيزها بكامل العدة والعتاد، يجب أن تكون قوانين هذه المرحلة ولوائحها (مثالية)، ليبقى الود والتقدير بين الشرطة والمجتمع عند (تنفيذها)، ولكي لا يتفاجأ المواطن بوطن – كما الغابة – البقاء فيه لذوي الأنياب فقط لا غير..!!