الخرطوم: الصيحة
أثار قرار رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك “تشكيل شركة قابضة لاستلام وإدارة الأموال والأصول المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين” العديد من ردود الفعل الرافضة لعودة الشركات الحكومية. بل رفض البعض تدخل حمدوك في تشكيل مثل هذه الشركات كون ذلك ليس من اختصاصاته.
بينما يرى مراقبون أن إنشاء شركة قابضة هو بوابة للفساد، وربما تكون معبراً لتهريب الأموال خاصة في مثل هذه الظروف المتعلقة بتشكيل وتعيين الحكومة الانتقالية.
وتساءل الخبير القانوني الدكتور أحمد المفتي، الرئيس السابق لمجلس لحقوق الإنسان، هل يحق لرئيس الوزراء، إصدار قرار بإنشاء ” الشركة القابضة، لاستلام وإدارة الأموال والأصول المستردة”؟
وقال المفتي في منشور بالرقم ٣١٨٦ اصدره بتاريخ 9 فبراير 2021، إن رئيس الوزراء ليس له الحق في إنشاء الشركات، ولا رئيس مجلس السيادة، لأن ذلك اختصاص حصره القانون في وزير العدل، ولذلك قرار رئيس مجلس الوزراء بإنشاء أي شركة، لا يسري ، وإنما ينفذه وزير العدل، بإفراغ ذلك القرار، في عقد تأسيس، ونظام أساسي، تسجل بموجبهما الشركة.
وأضاف بقوله “يمكن للحكومة أن تساهم في شركة قائمة، بعدد من الأسهم، مثل مساهمة الحكومة في شركة “زين” للاتصالات قبل أن تبيع أسهمها لاحقاً.
وأوضح أن شركات القطاع العام، التي تملك الحكومة أسهمها بالكامل، مثل الشركة التي يزمع رئيس الوزراء تأسيسها، فإنه عادة ما يكون أعضاؤها هما وزارة المال وبنك السودان.
وأوضح المفتي أن الهدف من إنشاء شركة القطاع العام، هو عدم خضوعها لضبط المراجع العام، وديوان الحسابات، وقوانين الخدمة العامة، والمشتريات الحكومية، وذلك من أجل أعطائها “الحرية” الكاملة لإدارة شؤونها.
ونبه الخبير إلى أن تلك “الحرية” هي كلمة حق، ولكن لا يترتب عليها إلا الفساد “المقنن”، إلا من رحم ربي، حيث إن تلك الشركات لا تخضع لولاية وزارة المالية الاتحادية، وضوابط الخدمة العامة القانونية، التي سبقت الإشارة إليها، ولذلك يكون من حق مجلس إدارة شركة القطاع العام، أن يصرف أرباح الشركة في الحوافز، والمرتبات الضخمة، وسلفيات المباني، ومباني الشركة، وأثاثاتها، وسياراتها، وسلفيات العربات، وبدل الإجازات، وغير ذلك، وأدق وصف لذلك، أنه الفساد “المقنن”، لأنه يحدث بسلطات قانونية، وتستحيل محاكمته.
وتطرق إلى الأمثلة السيئة لما تفعله شركات القطاع العام، مثل مصادرة نظام النميري للشركات الوطنية والأجنبية، الناجحة، في سبعينات القرن الماضي، وتمليكها لشركات قطاع عام، بددت أموالها وأصولها، ومن امثلة ذلك شركة بيطار، وشركة سركيس أزمرليان.
وأبان أن ذلك ينطبق على كافة الجهات الحكومية، التي ليست تحت ولاية وزارة المالية الاتحادية، ولا تنطبق عليها قوانين الخدمة العامة، مثل المؤسسات، والهيئات، والصناديق العامة.
ونصح المفتي الحكومة، إذا ما اضطرت لذلك، أي لمثل هذه الشركات، لأي سبب من الأسباب، أن تضبطها قانونياً، فيما يختص بشروط خدمة العاملين بها، وأي تصرف في أرباحها، بحيث يكون ذلك بموافقة وزير المالية الاتحادي كتابة.