تكدُّس المدارس الحكومية.. الهجرة من الخاص للعام!

مديرة مدرسة حكومية:  في ظل هذه الظروف لن يجني الطلاب ثمرة التعليم

أستاذة سهاد التيجاني: تكدّس الحكومي سببه ارتفاع تكاليف الخاص والترحيل

إدارة التدريب بالتربية: ارتفاع الرسوم اتفاق بين مجالس الآباء والمدارس الخاصة

وزارة التربية الخرطوم: 12  ألف تلميذ هاجروا من الخاص للعام

 

لم يكن من الغريب، الهجرة العكسية التي تشهدها المدارس الخاصة والتي هي رغبة وأمل كل التلاميذ بأن يكونوا ضمن كوكبة المدارس الخاصة لما تشهده من تميز وانضباط، ولكن لتغير الأوضاع وتقلب الأحوال، فقد هجر الكثير من التلاميذ المدارس الخاصة مكرهين ومجبرين جراء ارتفاع تكاليف الرسوم الدراسية ورسوم الترحيل لتتحمل المدارس الحكومية تلك الهجرات غير الشرعية التي حتماً ستتسبب لها في ضغط كبير على المرافق والخدمات، وبالتالي على المدارس الحكومية إيجاد خطة حتى تماشي وتواكب هذه الهجرات التي بدأت مع مطلع العام الدارسي وما زالت مستمرة مما يؤكد بأن الخاص قد فقد بريقه أمام العام.

 

الخرطوم: النذير دفع الله

ثمرة تعليمية

 

الأستاذة أسيا برتاوي مديرة مدرسة الحميراء الأساسية بنات بالخرطوم، قالت لـ(الصيحة)، إن ساعات العمل خلال اليوم الدارسي أصبحت تمثل إشكالية للأساتذة والطلاب، حيث يبدأ اليوم الدارسي منذ السابعة صباحاً سيما وأن مدة الحصة أصبحت نصف ساعة فقط ، لا تسمح بأن ينال منها الطالب شيئاً فقبل أن يفهم الطلاب  عنوان الدرس الذي أمامهم يأتي معلم الحصة التالية منبهاً بأن وقت الحصة قد انتهى، وهكذا مما جعل المواد تتداخل على الطلاب.

وأضافت آسيا أن انقسام اليوم الدارسي إلى دوامين اصبح فيه عناء للأساتذة، وأشارت إلى أن الضغط على المدارس الحكومية أصبح كبيراً مما جعل بعض المدارس تلجأ أحياناً لأن تجلس طالبين في مقعد واحد، وهذا يتنافى تماماً مع برنامج الاشتراطات الصحية، إضافة للضغط على الخدمات التي هي في الأساس غير موجودة أو معدومة، مشددة على أن الوزارة أو الجهات الحكومية لم تلتزم بتوفير المعقمات والكمامات للطلاب،  وإذا كان هنالك التزام فإنه من جانب الطلاب الذين يحضرون بوجبة الإفطار، إضافة لحافظات مياه الشرب، ولكن عن وجود التزام آخر فإنه معدوم.

ونبهت أسيا إلى أن ارتفاع الرسوم والمصروفات الدارسية وتكاليف الترحيل بالنسبة للمدارس الخاصة جعل معظم أولياء الأمور يلجأون بأبنائهم إلى المدارس الحكومية، وأكدت أنه في ظل هذه الظروف، فإن الطلاب لن يجنوا الثمرة التعليمية التي يجب أن يجنوها من العام الدارسي.

وأشارت آسيا إلى أن قبول طلاب الصف الأول مجاناً أصبح على الواقع غير متاح، وهنالك بعض المدارس غيرت صيغة الرسوم إلى (مساهمة) على أولياء الأمور دفعها في حالة قبول أبنائهم بالصف الأول،  وهي مفتوحة حسب الاستطاعة. وكشفت أن بعض المدارس حددت قيمة المساهمة، وبالتالي هي أشبه بالرسوم، فيما قالت آسيا أن المدارس ما زالت تواصل التدريس بالمنهج الجديد.

انعدام الخدمات

مديرة مدرسةعجيب البدري الثانوية بنات سهاد التجاني، كشفت لـ(الصيحة)، الوضع البيئي بالمدرسة الذي أصبح ضاغطاً وصعباً للغاية وأن المعلمين أصبحوا يعانون جداً من تفاصيل اليوم الدارسي في ظل انعدام الخدمات الأكل والشرب وأن معظم الأساتذة يعانون من أمراض السكر، سيما وأن البوفيهات ممنوعة، وأضافت أن العام الدارسي يمكن أن يستمر ولكن من خلال معاناة كبيرة يتحملها الطلاب والمعلمون مع أولياء الأمور، بينما تغير الأوضاع الاقتصادية انعكس سلباً على العملية التعليمية، فبعض الطالبات أحيانا يأتين متأخرات إلى المدرسة لعدم توفر المواصلات، هذا بالنسبة للمدارس وسط الأحياء، أما بالنسبة للمدارس الطرفية، فالأمر أشبه بالمستحيل.

وأشارت سهاد إلى أن هروب معظم الطلاب من المدارس الخاصة للمدارس الحكومية سببه الارتفاع  الكبير في الرسوم الدراسية ورسوم الترحيل وغيرها، الأمر الذي لم تستطع عليه الأسر مما دفعها لأن تأتي بأبنائها للمدارس الحكومية، ونوهت سهاد لضرورة تدخل الحكومة بشأن الرسوم العالية للمدارس الخاصة ووضع الشروط والضوابط لها وعدم ترك الحبل على الغارب، وضرورة المراقبة، وكشفت أن بعض المدارس وصلت في رسومها الدراسية لطلاب الأساس مبلغ 100 ألف مقسمة على ثلاثة أشهر فقط.

دعاية مجانية

أستاذ عمر فرح مدير مدرسة سعد بن أبي وقاص قال لـ(الصيحة)، إن أهم أسباب تكدس المدارس الحكومية ارتفاع تكاليف التدريس في المدارس الخاصة، إضافة لرسوم الترحيل، وهو ما يُعرِّي مقولة مجانية التعليم التي لم يلتزم أي طرف بالإيفاء بمطلوباته تجاه مجانية التعليم (ما جابوا أي شيء)، عليه لا يمكن أن تزدحم المدارس الحكومية تحت دعاية مجانية التعليم دون الالتزام بأي خدمات تجاه الضغط الكبير الذي سببه الباحثون عن مجانية التعليم، وأضاف أن الضغط أصبح كبيراً على المدارس الحكومية، مشيرًا إلى أن المدارس الحكومية أصبحت لا تستوعب هذا الكم الكبير ولا توجد أي مدرسة يمكن أن تستوعب 100 أو 90 طالباً في فصل واحد، نحن في مدرستنا نحتاج لإجلاس، ونحتاج لبعض الخدمات وترميم الحمامات وغيرها، وهو طلب بسيط، ولكن الجهة المسئولة أكدت أنن لا يتوفر لديها حاليًا إجلاس، ولكن متى ما توفر فإنها ستمدنا به، فما بالك ببعض المدارس الأخرى والبعيدة، بل والولايات أيضاً.

وأوضح عمر:  لقد طالبت الجهات المسئولة بإمكانية استمرار اليوم الدارسي بدوام واحد نسبة لأن تقسيم اليوم الدراسي فيه صعوبة للطلاب والمعلمين، وبالتالي يمكننا التوفيق بأن يستمر اليوم كما هو دون تقسيم، وأكد أن ستمرار العام الدارسي به بعض التحديات الكبيرة خاصة طلاب الصف الأول، لأنهم حديثو عهد، وأحياناً كثيرة يتيهون من الترحيل ويحتاجون لمتابعة ومراقبة مستمرة، لذا طالبنا باستمرار اليوم الدراسي كاملاً مع توفر الاحترازات الصحية، وقال إن تقسيم الفصل لدوامين أمر مرهق جداً، خاصة أن بعض المواد متوفر لها أستاذ واحد فقط.

تكدس مبرر

مدير إدارة التدريب بوزارة التربية ولاية الخرطوم دكتور حسن حمد الله عبد الله، أكد لـ(الصيحة)، أن التكدس الذي تعاني منه المدارس الحكومية ينحصر في زيادة رسوم المدارس الخاصة وارتفاع تكاليف الترحيل بصورة باهظة، أصبحت تكلف الأسر عناء كبيراً لا يستطيعون معه الالتزام بهذه التكاليف، وأضاف: لكن في ظل وجود جائحة كورونا، فإن التكدس غير ظاهر من خلال تطبيق التباعد الجسدي للطلاب والانقسام على دوامين، فبالتالي تتحمل المدارس الضغط الكبير، أما إذا عادت الحياة إلى طبيعتها، فإن التكدس سيكون كبيراً جدًا على هذه المدارس، وعندها لابد من حلول واضحة. مشيراً إلى ارتفاع الرسوم في المدارس الخاصة، فهذه اتفاقية بين مجالس الآباء وإدارات المدارس الخاصة حول الرسوم الدراسية، والوزارة لا علاقة لها بهذه الرسوم.

موسم الهجرة للعام

من جانبهـ أكد مدير إدارة شؤون التلاميذ بمرحلة الأساس بالوزارة الأستاذ الخزين بكري الخزين،  في تصريحات صحافية، أن عدد التلاميذ الذين تحولوا أو انتقلوا من التعليم الخاص للعام أو الحكومي تجاوز (12) ألفاً داخل ولاية الخرطوم، مبيناً أن الهجرة للمدارس الحكومية زادت بصورة كبيرة مع بداية العام الدارسي، حيث انتقل خلال الشهر الجاري أكثر من خمسة آلاف تلميذ من الخاص للعام، ومن المتوقع زيادة الهجرة من الخاص للعام خلال الفترة المقبلة، حيث سجلت بعض المحليات ومنها أم بدة وجبل أولياء وشرق النيل أعلى نسبة في الانتقال من الخاص للعام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى