“حراسة الثورة” مشروعٌ وطنيٌّ للإصلاح.. هل يُفلِح؟
تقرير ــ نجدة بشارة
عقب ترقّب وانتظار.. أعلن رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك حكومته في نسختها الثانية، وسط ترحيب من البعض بالتشكيل الجديد وبين منتقدين ومشككين.. لكن في الجانب الآخر هنالك تيار ثالث يرى أن المشكلة ليست في تشكيل وتكوين الحكومات، وإنما في البرامج والخطط، وأن تغيير الأشخاص لا يعني بالتأكيد نهاية الأزمة.. وأن حكومة حمدوك الجديدة لا تحمل بيدها مصباح علاء الدين لتصنع المعجزات للشعب السوداني..
ووسط هذه المفارقات، أطلق مدنيون من أرباب الطرق الصوفية، الإدارات الأهلية، المستنيرين من أساتذة الجامعات وبعض لجان المقاومة، مبادرة شعبية لحراسة الثورة وترميم وإصلاح ما يمكن إصلاحه.. فمن هم حرّاس الثورة.. وماذا تستطيع أن تقدم المبادرة للشعب السوداني؟.
ما وراء المبادرة
تُمثّل المبادرة مشروعاً وطنياً قومياً لكل السودانيين بمختلف انتماءاتهم القبلية الفكرية والسياسية والدينية وابتدرت هذه المبادرة لتكون عقدًا اجتماعياً يشكل به مستقبل المرحلة الانتقالية حتى تصل بالبلاد لمرحلة الانتخابات.
دشّنت المبادرة، الشعبية لحراس الثورة أعمالها بفندق (كانون بالخرطوم) من خلال منبر الحاكم نيوز، وسط حضور كبير من الطرق الصوفية والإدارات الأهلية والإعلاميين.
وقال الناظر محمد الأمين تِرِك رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، (إن البلاد لنا كلنا ولسنا ضد الحكومة بل نحن مع العدالة وتنظيم العمل السياسي).
ودعت المبادرة التي تتكوّن من جميع كيانات المجتمع السوداني، جماهير الشعب للالتفاف حولها لتكوين عقدٍ اجتماعي يشكل مستقبل المرحلة الانتقالية, لتصل البلاد إلى انتخابات حرة نزيهة وتقصير الفترة الانتقالية لمدة عامين فقط.
شدّدت (المبادرة الشعبية لحراسة الثورة)، على أن الحكومة الانتقالية عجزت عن القيام بواجباتها والوفاء بالأولويات التي وضعتها لنفسها بانشغالها بتمرير أجندات فكرية تُخالف هوية الشعب السوداني.
وقال نائب رئيس المبادرة عبد الوهاب بابكر الكباشي، إن السودان يمر بأسوأ حالاته والبلاد تشهد تردياً اقتصادياً وضيقاً في العيش وغلاءً في الأسعار أدى لانهيار شامل.
انحراف المسار
أوضح رئيس المكتب السياسي للمبادرة الشعبية لحراسة الثورة السودانية دكتور وليد محمد خير علي في حديثه لـ(الصيحة)، أن فكرة المبادرة وُلدت من الوضع السياسي الراهن وحالة الانغلاق السياسي العامة للدولة.. والتي أصبحت تهدد حتى الفترة الانتقالية.. وأردف: في الحالات العادية، فإن المرحلة الانتقالية ينبغي أن تركز على مهامها الأساسية.. تصريف أعمال لتهيئة البلاد للانتخابات من حيث تنظيم التعداد السكاني وتنظيم الأحزاب وقانون الانتخابات.. هذه مهام يفترض أن تنظمها حكومة الفترة الانتقالية، وقال: لكن ما حدث أن الانتقالية انحرفت عن المسار وأصبحت تطرق في اتجاهات تخص التشريعات مثل تعديل قوانين.. وقضية المناهج.. إضافة إلى الانفتاح على الخارج دون قيود.. حتى إن قضية التطبيع مع إسرائيل من أولويات المجلس التشريعي المنتخب والشعب وليس الحكومة الانتقالية.
ويرى محمد خير أن تخبّط الفترة الانتقالية، زاد من الشقاق الاجتماعي، وتعمقت الفجوة بظهور استقطابات سياسية حادة.. إضافة إلى تردي الحالة الاقتصادية.. وضعف الأداء الحكومي، وانعدام الأمن والطمأنينة غيّب الرؤية المستقبلية للبلاد، وأدى إلى إحباط في الشارع من انعدام الأمل في الإصلاح.
حُرّاس الثورة
وقال د. وليد، إن حراس الثورة هدفها إصلاح ما تبقى من الثورة.. ويرى أن تطلعات الشعب ورغبته في التغيير جعلته يتغاضى عن تمحيص الحكومة السابقة التي احتكرت تمثيلهم ونصبت نفسها ناطقة باسمهم مما ساعدهم على اختطاف الثورة.. وغياب الرؤية الوطنية والأهداف القومية.. وأصبحت البلاد مهددة والتحديات تكاد تعصف بها.. وقال إن الفترة الانتقالية غيّبت مبادئ أساسية للحكم الرشيد مثل الشفافية والمساءلة وسيادة حكم القانون.
وانتقد وليد فشل الحكومة الانتقالية المحلولة في استكمال هياكلها الدستورية والتشريعية.. فيما أوضح أن المبادرة الشعبية لحراسة الثورة استنفرت وحشدت قطاعاً شعبياً واسعاً بداية من الإدارات الأهلية والطرق الصوفية مثل شيخ الطيب من أم ضواً بان، وتضم لجان مقاومة دعموا مبادرة حراسة الثورة وإصلاحها..
تحرك الحكماء ..
في جانب تشكيل الحكومة الجديدة، انتقد حراس الثورة خطوة إعلانها دون الكشف عن برنامج حقيقي، واعتبروا أنها لا تتخطى حاجز المحاصصة، وبالتالي ما زالت الفترة الانتقالية مهددة حسب قوله خاصة في ظل المشكلات الأمنية واندلاع التظاهرات في عدد من الولايات المتفرقة بالسودان؛ أضف إلى ذلك مسألة الضغوط الاقتصادية، وأردف أن هذه التداعيات تستدعي تدخُّل وتحرُّك الحكماء.