تحدِّيات الحكومة الجديدة.. الأمن.. العمود الفقري للدولة المدنية
تقرير- صلاح مختار
تواجه تشكيلة الحكومة الانتقالية الجديدة جملة من التحديات الكبيرة، من تلك التحديات التحدي الأمني الذي يعتبر مرتكزاً مهماً لاستقرار الحكومة المدنية واستدامة التنمية.
هنالك تحديات أمنية داخلية، وتحديات أمنية خارجية، وكلها تحتاج إلى عمل عاجل وقرارات فورية، لفرض هيبة الدولة وعكس قدرة الحكومة على المحافظة على سيادة الدولة، ورد كل ما هو خطر يهدد الأمن القومي.
ولعل الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة انعكسا بالضرورة على الواقع المعيشي للمواطنين مما زاد من حدة التكلفة المعيشية التي اتسعت معها دائرة الفقر والعوز مما كانت له آثار سالبة على المجتمع، وبدأ معها انتشار الجرائم المسلحة وقطّاع الطرق والجرائم المنظمة وظهور العصابات، وباتت تلك الظواهر مصدراً مقلقاً للأسر بدأت معها قوات الشرطة في تشكيل قوات تسمى بالبرق الخاطف لمحاصرة تلك الجرائم وضرب أوكار المجرمين والقبض عليهم.
التحدي الأكبر
(الصيحة)، رصدت بعض التحديات التي ستواجه الحكومة الانتقالية الجديدة، وفي السياق يؤكد مراقبون أن التحدي الأمني الداخلي سيكون من أكبر التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة أو أي حكومة مقبلة خاصة أن الوضع الأمني أصبح هشاً في معظم مناطق البلاد، وأكد مصدر أمني لـ (الصيحة) ـــ فضل حجب اسمه ــ أن انتشار السلاح في كل المدن وحتى في ولاية الخرطوم باعتبارها المركز ظاهرة تحتاج إلى وقفة من الأجهزة الأمنية وضرورة وضع قانون رادع لجمع كل الأسلحة خارج يد القوات النظامية، ولفت إلى أن انتشار النزاعات القبلية خلال الفترة الأخيرة في بعض الولايات يستدعي الاهتمام بالجانب الأمني والتشدد في إعمال القانون لمنع تكرارها في أي ولاية من الولايات.
وقال المصدر إن التحدي الأكبر الذي سيواجه الحكومة يتمثل في كيفية معالجة الاختلالات الاقتصادية ووضع خطط للخروج من حالة الفقر التي يعيشها الناس، وأكد أن الحاجة الملحة قد تدفع بالناس إلى انتهاج سلوك غير سليم.
عمود فقري
ويرى القانوني إبراهيم محمد، أن التحديات في الدولة لا تنفصل عن بعضها البعض وترتبط ببعضها، وهي نتاج أو انعكاس لسياسات داخلية أو خارجية، وقال لـ(الصيحة)، إن التحدي الأمني يمثل العمود الفقري لأي حكومة تريد الاستمرار أو الاستقرار أو العمل، وبالتالي من أجل الاستمرار والعمل، فإن الوضع الأمني مهم لأي حكومة تريد أن تستمر خاصة في ظل ظروف السودان الحالية، ويرى أن الأوضاع الأمنية الهشة في الولايات ستكون عقبة أمام استقرار الدولة، وبالتالي من المهم أن تعمل الحكومة على معالجة مسببات تلك الأوضاع، وقال: في تقديري أن الوضع الاقتصادي واحد من مسبباته مما يعني على الحكومة معالجة الوضع الاقتصادي أولًا ثم الدخول في بقية البرامج.
سد المنافذ
وطالب محمد الحكومة الجديدة الاهتمام بالأمن الاقتصادي وسد المنافذ التي يتحرك منها المهربون واعتبر قضية التهريب تشكل مُهدّد للوضع الأمني وهي قضية فشلت فيها كل الحكومات واعتبر أن الاقتصاد لن ينصلح في ظل وجود مشكلة التهريب، وأكد أن الاقتصاد مسؤول عن كل الظواهر السالبة من الانفلاتات الأمنية وظهور العصابات المسلحة في كل المدن، ورأى أن معالجة الأزمة يجنب الحكومة كلفة الصرف على الأمن، وجزم بأن واحدة من أسباب التوترات الأمنية عدم معالجة مسار المراعي مع المزارعين مما يؤدي لوقوع احتكاكات أمنية.
انعكاسات داخلية
ويقول الكاتب والمحلل السياسي د. أبو بكر آدم: أعتقد أن أبرز التحديات لأي حكومة هو التحدي الأمني بغض النظر عن التحدي الاقتصادي أو السياسي، وأضاف: يظل التحدي الأمني انعكاساً لكل ذلك، ويرى في حديث لـ(الصيحة): على المستوى الداخلي أو المحلي هناك تحدي الانفلاتات الأمنية في كافة ولايات السودان، بجانب انتشار الصراعات القبلية، فضلاً عن التحديات التي نتجت عن الوضع والانهيار الاقتصادي، ولفت إلى التحدي الأمني الناتج عن التظاهرات والاعتصامات، وهو ما يواجه كل حكومة في ظل عدم وجود حتى الآن ملامح الحل الأمني أو علاج أو حلول، بل في كل مرة تزداد التحديات الأمنية، مثال لذلك الصراعات في مدينة الجنينة ونيالا بجنوب دارفور، والتظاهرات التي تشهدها عدد من المدن كالأبيض وكسلا والرهد، كلها تحديات داخلية تحتاج الآن إلى عمل لمعالجة مسبباتها، غير أن الحكومة مشغولة بالتحديات السياسية أكثر من الجوانب الأمنية التي تفرزها الجوانب السياسية.
مهدد أمني
ويرى آدم، أن الوضع على الحدود بين السودان وبعض الدول يشكل مهدداً أمنياً وتحدياً للحكومة، مثال لذلك ما يجري على الحدود بين السودان وأثيوبيا، وارتفاع درجة التوتر بين البلدين ما استدعى تدخل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وبعض الدول لاحتواء النزاع، إضافة إلى وجود شكاوى من بعض المواطنين على الحدود مع دولة جنوب السودان من دخول متفلتين قاموا باحتلال مزارع لمواطنين، كل ذلك بجانب التزام السودان بمكافحة الجريمة العابرة وتهريب البشر وإغلاق الحدود أمام المهربين، كلها تمثل تحديات ستواجه الحكومة الانتقالية الجديدة.