:: (حمدوك يقلب الطاولة)، هكذا قال أهم أخبار صحيفة (الحراك السياسي)، وهذه صحيفة ناضجة وإضافة نوعية لحركة السياسة والصحافة في بلادنا، صدرت – يوم أمس – برئاسة الأخ الأستاذ محمد عبد الماجد وآخرين لهم في خدمة الناس والبلد سيرة عطرة، وقد نجحوا في طرح إصدارة تختلف عن الصحف التي نصفها بالجديدة، بيد أنها إعادة إصدار وتوزيع لذات الصحف القديمة..!!
:: ونرجع لأهم أخبارها، وكان بالنص: (تلقى حمدوك نصائح من شخصيات مُستقلة مرموقة، دعته إلى الإمساك بزمام الأمور وإخراج الصراع مع “قوى الحرية” إلى العلن، بمُخاطبة الجماهير مُباشرةً، وإعلان رفض القوائم جميعاً، والمضي قدماً لتشكيل حكومة جديدة، وفقاً لجدول أولويات في مقدمتها معالجة الأزمة الاقتصادية الخانقة).. ثم كشفت الصحيفة عن تحفُّظ حمدوك على جبريل إبراهيم وخالد سلك لوزارتي المالية ومجلس الوزراء..!!
:: وإن كان واقع الحال كما جاء بالخبر أعلاه، وبغض النظر عن الأسماء المتفق أو المتحفظ عليها، فليس من العقل والعدل، تجريد رئيس وزراء الحكومة من سلطة اختيار فريق العمل.. ومنعاً لإعادة إنتاج تجربة المرحلة الفائتة، وهي تجربة فاشلة بكل المقاييس، يجب فك الحصار عن حمدوك، بحيث يختار وزراء حكومته بكل حرية، ثم يتحمل مسؤولية اختياره بكل شجاعة..!!
:: حمدوك كان يبدو ضعيفاً في المرحلة الفائتة، وما بدا هكذا لضعف شخصيته، بل لسطوة قوى الحرية وديكتاتوريتها عليه.. فالرجل ظل مُقيّداً بقيود قوى الحرية، لحد إظهاره هذا الضعف.. وقُلتها عندما اختاروا له وزراء حكومته الفاشلة، بالنص: لقد أخطأت قوى الحرية بعدم تفويض حمدوك باختيار أعضاء حكومته (كما يشاء)، وما كان يجب إلزامه بترشيحات المحاصصة التي صنعت هذا الواقع المتردي..!!
:: ورغم أن قوى الحرية هي التي فرضت الوزراء على حمدوك، لم يحدُث في التاريخ السياسي أن حاضنة سياسية عارَضت حكومتَها كما فعلت قوى الحرية بحكومتِها.. عارضت ترشيد الدعم لحد التهديد بإسقاط (حكومتها)، عارضت الانفتاح نحو العالم بالتطبيع مع كل دول العالم لحد تطابق خطابها مع خطب المتطرفين والإرهابيين.. هكذا كان تحالف قوى الحرية مع الحكومة، (تعارض بس).. وكأنها تحالَفت لتُعارِض حكومتها فقط لا غير..!!
:: لم نسمع عن خطة اقتصادية أعدّتها قوى الحرية قبل تشكيل الحكومة، لكن سمعنا رئيس الوزراء يُخاطب الجالية السودانية بالرياض بأنه لم يتسلم أي خطة عن الفترة الانتقالية من قوى الحرية.. وهذا يعني أن المسماة بالحاضنة السياسية لم يكن لديها برنامج عمل لحكومتها، أو أن برنامج عملها كان فقط معارضة حكومتها لحد إضعافها أمام شريكها (المكون العسكري)، ومن يتباكون اليوم على ضعف الحكومة المدنية يتجاهلون هذا الأمر..!!
:: وعليه، على حمدوك رفض سياسة (نريِّسك ونتيِّسك) .. وعليه أن يتذكر، لبؤس نهج الحاضنة السياسية، ظل حال حكومته كحال (مُركب على الله) التي تبحر به بلا شراع وبلا دفة قيادة، أي حيث تشاء (الأمواج).. أحياناً ترسى على الشاطئ الآخر، وتارةً تلف وتدور – حول نفسها – أو تغرق.. وإذا أراد حمدوك العبور بالناس والبلد إلى بر الأمان، فعليه استبدال (مُركب على الله)، بمُركب الشعب، ولو كان هذا الاستبدال قلباً للطاولة، فاقلبها وتوكل..!!