لم يكن بعض ولاة الولايات المدنيين الذين تم تعيينهم مؤخراً ضمن حكومة الفترة الانتقالية، قد وضعوا لذلك التعيين أدنى اعتبار سيما وأن الثورة كانت تنادي منذ خروجها وإسقاطها للنظام البائد أن الكفاءة هي الأساس، لذلك لم يتوقع بعض من الولاة أن يجدوا أنفسهم أمام ذلك التحدي، ولكنهم رغم ذلك قبلوا التكليف وخاضوا الحرب التي هي بمثابة تحدٍّ جديد للثورة والثوار، وبين ضعف الخبرة ومطالب الشعب، واجَه بعض الولاة تلك التحديات بواقع جديد وصراحة يحسدون عليها في اتخاذ القرارات وكشف المستور دون مراعاة للمركز، بل انتهجوا في ذلك مصالح المواطنين في ولاياتهم وإن لم يصنعوا أو يوجدوا شيئاً، إلا أنهم تركوا بصمة واضحة مفادها الشفافية الوضوح والتواضع.
الخرطوم: النذير دفع الله
والي شرق دارفور
ثقافة جديدة أحياها والي شرق دارفور الدكتور محمد عيسى عليو، حول أدب وثقافة الاستقالة، عليو أثبت أنه غير متشبث بالمقعد والكرسي، ويجب أن يكون الحديث واضحاً وصريحاً، فهو وبعد أزمة انقطاع الكهرباء مؤخراً في ولايته دفع باستقالته الشهر الماضي.
وقال إنّ أسباب استقالته تعود لتردي الخدمات بالولاية، وعجز المركز عن مُساعدته في تخطي الأزمة خاصةً فيما يخص كهرباء الولاية، فيما خاض المركز جُهُوداً كبيرة من أجل إقناعه بالاستمرار في موقعه، لكن عليو أكد أن ولايته تعيش في ظلام دامس لأكثر من أيام بسبب عدم التزام المركز بدفع مستحقات شركة الكهرباء التي باتت سيفاً مصلطاً على رقاب أهل الولاية، سيما وأن الولاية بها أكثر من 470 بئراً ارتوازية تعتمد عليها المدينة في مياه الشرب، وبالتالي تظل حاجة الكهرباء ضرورية، وأشار عليو الذي تحدث بصورة واضحة وأكثر جرأة، وهي لغة غير معهودة في تاريخ ولاة الولايات على مر الثلاثين عاماً الماضية، وربما في تاريخ السودان السياسي قريباً، أشار أنه خاطب المركز أكثر من مرة، لم يجد غير التجاهل التام، بل وكشف عليو عن أسباب عدم تقديم أي مساعدة بسبب وزارة المالية التي قال إنها تجود بالحديث المعسول أمامهم ولكنها في الخلف تتجاهل كل المطالب، ومن يتحمل المسؤولية كاملة هو رئيس الوزراء، وأن زمن الحديث المعسول وتخدير الناس انتهى، بل وطرح عليو مشاكل الولاية واضحة دون ستار، وقال إن برميل المياه يُباع داخل الضعين عاصمة الولاية بستمائة جنيه، وفي بعض المحليات البرميل بألف جنيه، وهناك محليات يُباع فيها برميل المياه بألف ومائتي جنيه، ولكم أن تصدقوا أو لا تصدقوا، ولكن هذا واقع هذه الولاية.
أما المشكلة الثانية التي نعاني منها وهي الطرق، وتعتبر شرق دارفور الولاية الوحيدة التي لم يتم ربطها بطريق قومي رغم أن الطريق وصل من الخرطوم إلى الفولة.. هي جملة من المخاطبات التي كانت حاضرة أمام والي شرق دارفور، ورغم عدم حل كل الإشكاليات، إلا أن حديث عليو ومخاطبته للمركز بلغة حادة وصريحة وجدت استحساناً وقبولاً لدى مواطن شرق دارفور، وأصبح عليو ضمن الشخصيات التي لها تأثير واضح حيال معاناة المواطن في شرق دارفور.
والي غرب دارفور
بدأت تفاصيل الإثارة والحديث حول والي غرب دارفور محمد عبد الله الدومة منذ الأيام الأولى لتعيينه، عندما أكد أن تعيينه لم يكن ضمن كتلة حزب الأمة، وإنما مواطنو غرب دارفور وقوى إعلان الحرية والتغيير هم جاءوا به والياً، وأن حزب الأمة لا علاقة له بتعيينه والياً لغرب دارفور، فكانت بداية الأضواء وحديث المدينة وأهل السياسة، ولكن مع ذلك، فقد أثار حديث الدومة حول المجموعة المتفلتة التي حاولت اقتحام منزله ومحاولة اغتياله عقب أحداث الجنينة قبل أكثر من أسبوعين والتي اتهم فيها المجموعة بأنها غير سودانية و(لهجتها) غريبة، ولا تشبه لغة أهل دارفور أو السودان، مما أثار حفيظة بعض المجموعات في الولاية، ووضع جملة من الأسئلة التي ما زال أهل غرب دارفور يبحثون لها عن إجابات.
الوالي قال إنه وبعد انتهاء الاجتماع وخروج المجتمعين بخمس دقائق، قامت مجموعة متلفتة بمهاجمة مقر إقامتي من ثلاثة اتجاهات غرباً وجنوباً وشرقاً، واطلقت وابلاً من الرصاص بالأسلحة الصغيرة (قناصة)، لكن القوات المشتركة المرتكزة أمام المنزل الرئاسي تصدت لهم بـ(الدوشكا)، وتمكنت من التصدى لهم في أقل من ثلاث دقائق ولاذوا بالفرار دون حدوث خسائر في الأرواح.
لكن الوالي قال: هذه المجموعة لغتها شاذة لا تشبه لغة أهل دارفور بتاتاً ولا أهل السودان, بينما هنالك بعض التصريحات التي ما زالت عالقة وتحمل جملة من الرسائل عن وجود كبير لأبناء دارفور في ليبيا، فمنهم من أجل العمل، وآخرون للمشاركة في القتال، وشدد: لن نسمح بدخول أي أفراد أو مجموعات مسلحة إلى حدودنا، وسوف نتصدى لذلك بكل قوة، لأننا لا نريد أي تهديد يؤثر على الوضع الأمني في هذا الإقليم، فيما حاول الدومة انتهاج نهج جديد هذه المرة في اتباع المسار القانوني فقط في الانتهاكات والتعدي، ولا مجال للمصالحات التي كانت تتم في السابق، وكل من ارتكب جريمة سيُسلّم للعدالة.
والي شمال كردفان
ربما هي الصدفة هي التي أتت بوالي شمال كردفان أستاذ خالد مصطفى آدم، الذي لم يكن معروفاً لأهل الولاية من قبل خلاف أنه أستاذ في المرحلة الثانوية ويمتلك مدرسة خاصة.
جاءت به الظروف الثورية ليكون والياً على شمال كردفان، فخلال أول حوار معه بعد التعيين من داخل منزله، وفي أشهر تصريح وجد تداولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقتها، قال (لو لقيتوني سايق عربيتي الأتوس وبشتري التبش من نساوين السوق ما تستغربوا).
حيث ما زال البعض يتساءل هل ما زال والي شمال كردفان الأستاذ خالد يركب عربته الأتوس ويشتري (التبش) من السوق أم تبدلت وتغيرت الأحوال؟
في الوقت الذي خرجت فيه مجموعة من الحشود رافضة تعيينه والياً على شمال كردفان، أكد أنه أتى من خلال الديمقراطية وعبر ترشيح من داخل تنسيقية الحرية والتغيير وعبر كل الكتل، وذات الأصوات الرافضة والمرتفعة موقعة على قائمة الترشيحات التي تم رفعها للمركز في نوفمبر من العام الماضي، ولم يكن هنالك أي صوت أظهر رفضه للقائمة، لماذا الاحتجاج الآن.
فيما وجد فيديو آخر متداول خلال الأيام الماضية لاجتماع ضم والي شمال كردفان مع أصحاب المخابز حول أزمة الخبز، حيث ظهر الوالي وهو يبسط عملية صناعة الخبر، وأنها لا تكلف شيئاً فهي فقط عبارة عن (دقيق وخميرة وملح وموية)، عندما نبهه أحد الموجودين بأن الغاز أهم عنصر، في اجتماع يمكن وصفه بأنه ساده هرج ومرج، فيما ظهر الوالي وهو يقاطع بعض المتحدثين بأسمائهم.
والي نهر النيل
وجدت والي نهر النيل دكتورة آمنة أحمد المكي نفسها أمام تحدٍّ كبير خاصة بعد أن قادتها الظروف والحظ العاثر أن تكون المتحدثة باسم الولاة جميعاً بعد أداء القسم، حيث جاء خطابها حاد اللهجة في مواجهة الدولة العميقة خاصة في ولاية نهر النيل، الأمر الذي أدى لخلق عداء مبكر بينها وبين المنتمين للنظام البائد بولاية نهر النيل الذين نصبوا لها المتاريس والعراقيل من أجل إفشال مخططها في محاربة منتسبي النظام البائد ومشاريعهم حيث أضمروا لها العداء والانتقادات الصريحة في فترتها الأولى مع المؤسسة العسكرية، ووجدت آمنة نفسها متحركة في حقل من الألغام بعد أن خرجت جموع الإدارة الأهلية في الولاية وأغلقت الطريق الرئيسي في تعبير ومطلب واضح والمطالبة بإقالتها, الأمر الذي قاد إلى احتقان بالولاية بين شورى الجعليين والوالي آمنة، ورغم تدخل العقلاء إلا أن النفوس لم تهدأ بعد.