صاحب برنامج “نسائم الليل”.. إبراهيم عبد الكريم.. الذاكرة الفولاذية!!
الخرطوم: الصيحة
مدينة كوستي التي تقع جنوب السودان، تتميز بأجواء وطبيعة نيلية ساحرة أسهمت كثيراً في تكوين الإنسان هناك، حيث تعتبر مدينة رافدة للإبداع في السودان وقدمت الكثير من الأسماء وفي كافة المجالات، ويعد الراحل الفريق أول شرطة إبراهيم أحمد عبد الكريم واحداً من تلك الأسماء الناصعة التي كان لها تأثير كبير في المجال الشرطي والإعلامي، ويعد برنامج (نسائم الليل) واحداً من البرامج التي أشتهر بها.
(2)
في بيت من بيوت البسطاء بكوستي وُلد إبراهيم أحمد عبد الكريم، فظل ملتصقاً بحياة البسطاء من أهل السودان تقديماً للخير وعملاً للإحسان في موضعه دون تكلُّف ورياء. درس إبراهيم أحمد الأولية والوسطى بكوستي ومن ثم كانت مدرسة خور طقت واحدة من محطات حياته الضاجَّة بالحياة. فلعب كرة القدم والكرة الطائرة وكان من ضمن طلاب منشط التدريب العسكري بالمدرسة.
(3)
تقول دقائق تفاصيل حياته، إنه منذ ميلاده في فبراير من العام 1936م حتى رحيله في أبرايل من العام 2002م، ظل دون راحة أو إجازة يرتاح فيها من عناء الحياة ومشقة العمل. فعمل في الإجازات المدرسية كسائر طلاب المدارس وقتها. ومن ثم التحق بكلية البوليس كأول مجموعة تلتحق بها في العهد الوطني فتخرج في يوليو 1959م، ليظل بسلك الجندية حتى تقاعده في فبراير من العام 1988م.
(4)
عمل إبراهيم أحمد بكل ولايات السودان دارفور وكردفان وشرق السودان والخرطوم. فكان أينما حلَّ حلَّت الحصافة المهنية وسرعة اكتشاف الجرائم والعمل حتى في أوقات راحته توفيراً للأمن والطمأنينة لجموع المواطنين.
تدرج في الرتب الشرطية حتى رتبة الفريق أول مديرًا لعموم شرطة السودان وقبلها مديراً لشرطة معتمدية الخرطوم ومديراً للمباحث الجنائية ومديراً لشرطة الإقليم الشرقي كسلا.
(5)
تمكنت منه محبة الأدب فصار واحداً من حفظة التراث الأدبي للدراسات السودانية في مجالي الشعر والغناء، بعد تقاعده عن العمل عمل أستاذاً زائراً بأكاديمية نايف للدراسات الأمنية بالرياض. ومقدماً لعدد من البرامج بالإذاعة والتلفزيون. فصار الناس يتحلقون حول المذياع حيث أوان برنامجه الإذاعي أو التلفازي.
(6)
ببرنامجه الأشهر على شاشة التلفزيون «نسائم الليل»، قدَّم حلقات لن تتكرر مع رموز الشعر والغناء فوثق لمناسبات الغناء في فترتي الحقيبة والغناء الحديث ظلت مرجعاً للباحثين والمهتمين بهذا الضرب الفني، اشتُهر بقوة الذاكرة وفولاذيتها مما جعله أنموذجاً للشخص الخارق الذاكرة، ومن ذلك معرفته لأحد المتهمين في جريمة قتل حدثت في العام «1963م» بدارفور.. وكان قد تعرف عليه من نبرة صوته وقامته في العام «1985م»، حيث عمل مديرًا للمباحث مما جعل حضور تلك الحادثة يصابون بالذهول.
(7)
من غرائب حياته عدم وجود سانحة للراحة لديه. فحتى بعد تقاعده ظل لصيقاً بالعمل الطوعي في عدد من المواقع مثل مجلس الصداقة الشعبية العالمية وجمعية أصدقاء مرضى السكر واتحاد متقاعدي الشرطة وغيرها، في أبريل من العام 2002م اشتدت علته، فكانت العاصمة البريطانية وجهة استشفائه فلقي ربه بها ليرحل صاحب الذاكرة الفولاذية.