باستقالة الفريق أول ياسر العطا عن رئاسة لجنة إزالة التمكين التي دَفَعَ بها إلى رئيس المجلس السيادي أمس، وملاحقة النيابة العامة للعضو النافذ باللجنة صلاح مناع، تكون لجنة إزالة التمكين فَقَدَت أهم مقومات تأثيرها على الرأي العام .
الفريق ياسر العطا اتّخذ القرار الصحيح، بعد محاولات كثيرة قام بها صلاح مناع، أبعدت اللجنة عن أهدافها الأساسية في مكافحة الفساد وإزالة تمكين النظام السابق، واستخدم منصبه هذا في التشفي والانتقام للذات ضد خصومه السياسيين وغير السياسيين، وضد منتقدي طريقته في الأداء. استخدم مناع سلطات الدولة العدلية في تجريم الآخرين دون مُسوِّغ قانوني.
أول أمس، انتشرت أخبار بالسوشيال ميديا، تفيد بتحرك قوات نظامية لتنفيذ أمر قبض على صلاح مناع في عدة بلاغات مفتوحة ضده .
ولأن السيد مناع يتوهّم دوماً أنه أكبر من أي سلطة، وأن وجوده في لجنة إزالة التمكين تجعل منه شخصاً ذا حصانة ضد أي مُساءلة قانونية، لم يمتنع أو يرفض المثول أمام النيابة العامة فحسب، بل خرج بتغريدات على حسابه على تويتر تتهم الكيزان بنشر شائعات وفبركة خبر هروبه من تنفيذ أمر قبض في مواجهته.
مناع لم يكن رئيساً ولا نائب رئيس لجنة إزالة التمكين حتى يكون هدفاً لأنصار النظام البائد، كما روج هو عن نفسه.
صحيح إن لجنة إزالة التمكين تعرّضت لهجوم كثيف منذ تكوينها وحتى اليوم. وصحيح أيضاً أن مناع تعدى على سلطة القانون في كثير من الحالات، وخلق نوعاً من الغبن وسط كثيرين، لكن الواقع أن لجنة التمكين بُرمتها ظلت هدفاً لنيران كثير من فئات المجتمع .
في الرد على ما قال إنها شائعة، ذكر أنه يمارس مهامه بحماس وأن تفاصيل يومه كانت مُزدحمة. ليفاجئ مناع الرأي العام أمس ويقول (وردتني معلومات مؤكدة بأن النائب العام أصدر توجيهاته بفتح بلاغ في مواجهتي. سأتوجّه إلى النيابة للمثول أمامها، ولو تحلّى النائب العام في أدائه بذات هِمّته في هذا البلاغ لما اشتكينا من تأخُّر العدالة).
قبل إعلانه بالمثول أمام النيابة، وردت معلومات في عددٍ من المواقع تشير إلى لجوء النيابة إلى الإعلان بالنشر لمتهم هارب إذا لم يُسلِّم مناع نفسه.
في كل الأحوال، ما حدث من ردود فعل تجاه قضية مناع أمس، تخصم كثيراً من حيادية لجنة إزالة التمكين، هذا بغير التشويش الذي أسهم فيه الرجل بتصرفات غير عقلانية. مما يشير إلى الخطأ الكبير في اختياره في مثل هذا الموقع الحساس.
مناع ظل خميرة عكننة داخل لجنة إزالة التمكين. يلقي القول على عواهنه دون أن يلتفت إلى النتائج .
تلاسن مع النائب العام واتهمه بتعطيل مكافحة الفساد، فجاءه رد قاسٍ من ديوان النائب العام، والذي اتهم مناع بخروجه عن التعامل والاحترام بين مؤسسات الدولة، وهو أمر يصب في اتجاه هدم المؤسسات، وإفشال مُتعمِّد للمرحلة الانتقالية.
خرج مناع مرة أخرى ضد العمل المؤسسي وهو يهاجم أعلى سلطة سيادية في البلاد، ويتّهم رئيس المجلس السيادي ونائبه بالتواطؤ مع أنصار النظام السابق وإطلاق سراح وداد بابكر .
أراد مناع بمكر أن يؤلب الشارع على المكون العسكري، خوفاً من هيمنة هذه القوى على مقاليد البلاد مع تزايد فرص هذا الاتجاه جراء الوضع الحرج الذي تمر به البلاد.
التهور في طريقة مناع مع ملفات رموز النظام السابق اضعفت هيبة الدولة مقابل قوة القبيلة .
للأسف، الاستنصار بالقبيلة أصبح بديلاً للقانون ومؤسسات الدولة العدلية.
تطورات الأوضاع في لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، تفرض على الحكومة الانتقالية استكمال هياكل الحكم التي تمثل الركيزة الأساسية للفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي .
من المهم التعجيل بإنشاء مفوضيات إصلاح الخدمة المدنية. ومكافحة الفساد، والدستور والانتخابات. والمجلس التشريعي حتى نرى مؤسسات الدولة تعمل بسلطة القانون لا بالمزاج السياسي.