وصول (اليوتناميس) وخروج (اليوناميد).. مرحلة جديدة!!
تقرير: صلاح مختار
وصل أول من أمس إلى الخرطوم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان (يونيتامس)، فولكر بيرتس، لتقلُّد منصبه الخاص بتنفيذ القرار الأممي (2524). حيث أعرب رئيس اللجنة الوطنية التنفيذية للتنسيق مع البعثة السفير عمر الشيخ، عن دعم الحكومة لعملية ترشيح فولكر وثقتها في تجاربه ومؤهلاته. وأضاف: «نرحب بالسيد فولكر وبالثقة التي أولاها إياه مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، ودعم الحكومة السودانية لعملية ترشيحه واعتماده ممثلاً للأمين العام ورئيساً لبعثة يونيتامس» معبراً كذلك عن «ثقته في تجارب ومؤهلات فولكر لقيادة بعثة «يونيتامس» وتوظيفها في دعم قضايا الانتقال الشائكة بالبلاد، ووفقاً لأهداف البعثة الاستراتيجية التي طالبت وساهمت في وضعها الحكومة السودانية. وأشار إلى أن «هذه البعثة تأتي بديلاً لبعثة اليوناميد التي انتهت فترة تفويضها في ديسمبر الماضي، وبدأت الآن بسحب قواتها من السودان.
الفصل السابع
ويتزامن وصول بعثة اليوتناميس للسودان خروج بعثة (اليوناميد) بعد انتهاء التفويض، حيث كانت تعمل بموجب الفصل السابع الذي ينص على تفويض الأمم المتحدة لاستخدام القوة المسلحة في السودان، و(الآن تحل محلها البعثة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان يونيتامس (وفق البند السادس)، هي بعثة سياسية طبقاً لما قاله رئيس اللجنة الوطنية التنفيذية للتنسيق مع البعثة السفير عمر الشيخ، موضحاً أن «المهام الأربع الرئيسة للبعثة الجديدة تتمثل في الاعتراف بخروج السودان من عزلته، مساعدة السودان في عملية التحول للحكم الديمقراطي، تنفيذ عملية بناء السلام، بالإضافة إلى حشد الموارد الدولية لمساعدة السودان على النمو اقتصادياً.
العمل الرسمي
وأبدى رئيس البعثة بيرتس «تطلعه لانطلاقة العمل الرسمي للبعثة، وتسخير كل الدعم الفني والدبلوماسي الممكن حول المجالات الأربعة لعمل البعثة، وذلك بالتشاور والتعاون والتنسيق التام مع كافة مؤسسات الحكم الانتقالي في السودان، وعلى رأسها اللجنة الوطنية التنفيذية للتنسيق مع البعثة. وحسب بيان للجنة الوطنية «سوف يباشر رئيس بعثة يونيتامس أعماله بلقاءات مكثفة مع كافة قيادات هياكل السلطة الانتقالية في البلاد بعد انقضاء فترة تدابير الحجر الصحي الخاصة بجائحة كورونا.
مقر البعثة
وزارة الخارجية قالت، إن “بعثة يونيتامس سيكون مقرها الخرطوم، ولها ثمانية مكاتب إقليمية في كل من الفاشر، زالنجي، نيالا، كادوقلي، كاودا، الدمازين، كسلا، وبورتسودان”. وأوضح ممثل الوزارة باللجنة مصطفى أبو علي أن «الأمم المتحدة قد خصصت مبلغ 34 مليون دولار لميزانية البعثة الأممية للسنة الأولى»، مشدداً على أن «ما تقدمه الأمم المتحدة للسودان عبر البعثة الأممية ليس مساعدة أو إعانة، إنما هو حق باعتبار أن السودان عضو أصيل فيها). ودعا إلى «عمل صندوق إئتمان لحشد الموارد التي تأتي من الدعم الخارجي للسودان).
تحديات الوصول
واجهت البعثة قبل وصولها صعوبات وتحديات كبيرة، كانت واحدة من تلك الصعوبات درجة قبولها بين المكونات السياسية والشعبية حيث اعترض البعض على البعثة في الأساس باعتبار أنها واجهة استعمارية جديدة للسودان، فيما أبدى البعض تحفظه وتخوفه من خطوة حمدوك باستدعاء تلك البعثة، ولكن الأبرز في ذلك تحفظ المكون العسكري في البداية حول تفويض البعثة إلى أن تم تعديل التفويض تحت البند السادس بأن تكون البعثة سياسية.
السفير البريطاني السابق لدى السودان عرفان صديقي كشف عن وجه آخر لتأخر وصول بعثة «يونتاميس» إلى السودان، قائلاً إن «المكون العسكري يرفض المرشح الفرنسي لتولي رئاسة البعثة، كما يريد خروج يوناميد أولاً». وقال في حوار منشور: «سمعنا لاحقاً عن تراجع الروس عن موقفهم الرافض بعد توصلهم لاتفاق مع الفرنسيين، إلا أن الروس قالوا إن المكون العسكري في الحكومة السودانية يرفض المرشح الفرنسي، ولاحقاً علمنا أن الحكومة السودانية قالت إنها لا تريد مناقشة ترشيحات رئاسة البعثة قبل انسحاب يوناميد، ونتيجة لهذا، هناك تأخير في تشكيل البعثة الجديدة». وتابع: “وبكل صراحة، لن تكون هناك مساعدة للحكومة السودانية إذا ظل موقفها إزاء البعثات الأممية بهذا الشكل”.
إدارية أمنية
ويقول المحلل السياسي بروفسير الفاتح محجوب: ليست هنالك علاقة بين ما تقوم به بعثة اليوناميد وبعثة اليوتناميس، حيث إن بعثة اليوناميد مهمتها حماية المعسكرات في حين أن مهمة بعثة اليتناميس مساعدة الحكومة الانتقالية للتحول السياسي، وبالتالي الفرق كبير بين البعثتين، حيث أن بعثة اليتناميس مهمتها إدارية حيث تحتوي على(250) خبيراً إدارياً، أما اليوناميد فمهمتها أمنية تحتوي على (12 إلى 13) ألف جندي تحت البند السابع، ويقول لـ(الصيحة): مهمة البعثة الجديدة مساعدة الحكومة الانتقالية على هيكلة الدولة والانتقال السياسي وهيكلة الخدمة المدنية، وبالتالي ليست لها علاقة ببعثة اليوناميد.
نجاح البعثة
ولنجاح بعثة اليونتاميس يرى محجوب أنه لابد من وجود مشروعات جاهزة تقدمها الحكومة للبعثة لطلب التمويل أو الاستشارة مثل مفوضية الانتخابات والدستور وتعتمد في المقام الأول على حالة التعاون التي تبديها الحكومة تجاه البعثة، ولذلك الأمر يتوقف على تعاون الحكومة الانتقالية وتجهيز المشروعات القابلة للتنفيذ وطلب الاستشارة والتنفيذ من غير ذلك سوف تفشل البعثة في مهمتها في مساعدة الحكومة الانتقالية، ولفت إلىن واحدة من الإشكاليات التي واجهت الحكومة والتي أدت الى عدم الاستفادة من مخرجات مؤتمر برلين أن الحكومة لم تنفذ الاشتراطات التي وضعها شركاء السودان.
فراغ كبير
وصول فولكر يعني الكثير للقوى الموقعة على السلام، ووفق ما قال الناطق باسم حركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح لـ(القدس العربي): “رغم اعتقادي أن البعثة تأخرت كثيراً بالنسبة لنا، لكن وصول رئيسها أمر مهم خاصة وأن بعثة وقوات يوناميد خرجت من دارفور، وسيترك هذا فراغاً كبيراً في الإقليم، كما أن جزءاً كبيراً من تنفيذ اتفاق السلام مرتبط بالبعثة الجديدة، وخاصة الترتيبات الأمنية، وسبق أن بحثنا عملية التسريح وإعادة الدمج، و(اليوناميد) كان يفترض أن تلعب دوراً كبيراً في هذا الصدد، لكن تفويضها انتهى. وزاد: «اتفقنا مع البعثة الجديدة، في اجتماعنا الأخير على جملة من الموضوعات، وسيكون للبعثة دور بارز وخاصة رفع القدرات بالنسبة للمرأة والشباب، ليكونوا أدوات مساهمة في اتفاق السلام. وتابع «من ناحية الأمن نعول على القوة الوطنية لحفظ الأمن التي تبلغ 12 ألفاً بالمناصفة بين الجبهة الثورية والحكومة، وهذه القوة قادرة على حسم التفلتات الأمنية، وستسهم في طرق العودة للنازحين إلى قراهم، وهذا بمعاونة البعثة الجديدة.
تجاوزه الزمن
مصدر لـ(الصيحة) قال: تأخر نشر القوات المشتركة الموقعة على اتفاق السلام يزيد الأوضاع على الأرض سوءاً، حيث بدأت الصراعات القبلية تضرب أجزاء واسعة من الإقليم بعد خروج بعثة اليوناميد مما تضع تلك الأوضاع مسؤولية قد تتجاوز بكثير بعثة يونيتامس في ظل العنف المستشري بعد خروج يوناميد، خاصة وأن البعثة فنية سياسية، وليست لديها قوات لحماية المدنيين وأضاف: حيث انتشر السلاح بكثافة غير معقولة في أيدي القبائل، وهناك مخاوف من عودة دارفور إلى سنوات الدم مطلع هذه الألفية، وهو الطريق الذي يسير فيه الإقليم الآن بخطى حثيثة، وسيكون وجود يونيتامس تجاوزه الزمن.
أخطر قضية
كان رئيس حزب الإصلاح الآن د. غازي صلاح الدين، قد قال: يمكنني بثقة تامة القول إن هذه أخطر قضية تواجه السودان منذ استقلاله، لأنها تعيدنا إلى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، أي فترة جلاء القوات الاستعمارية، تلك اللحظة من التاريخ شهدت ميلاد أمة جديدة بكل ما يحمله ذلك الميلاد من وعود وأمانٍ. هذا ليس أمراً بسيطاً يترك لتقدير مجموعة سياسية صغيرة أو حزب سياسي، أو وزارة من وزارات الحكومة، هذا أمر ستتأثر به حتى الحيوانات في مراعيها، أول سؤال يثور هو كيف يرى رئيس الوزراء أن هذه المسألة يمكن التعاطي معها كأنها أمر إداري بسيط.
موضوع ساعة
غير أن الخبير الإستراتيجي الفريق جلال تاور، قال إن “البعثة الأممية للسودان والتي دعاها رئيس الحكومة عبد الله حمدوك هي موضوع الساعة في الشارع السوداني، وأوجدت نوعاً من الانقسام بين المعارضة والتأييد ولكل طرف مبرراته وأسبابه، وفي تقديري الشخصي أن سبب هذا التباين في الفهم والرؤى يعود للسرية والغموض الذي أحاط بتقديم الطلب دون نقاش داخلي شفاف ومستفيض بين مكونات الحكم الحالية، من مجلس وزراء وسيادة والحاضنة السياسية وهي قوى الحرية والتغيير، مما جعل القرار أشبه بالقرار الفردي”. وتابع لـ(سبوتنيك)، “هذا بالإضافة إلى أن القاعدة الشعبية لم تجد الشرح الكامل للفوائد والمزايا التي يمكن أن يستفيد منها السودان، والآن هذه البعثة السياسية أصبحت أمراً واقعاً. وأشار إلى أن مسألة انتقاص السيادة الوطنية غير وارد بالنظر للبند السادس من ميثاق الأمم المتحدة.