الأوضاع الاقتصادية.. ضيق أفق الحلول
الخرطوم: رشا التوم
كان المطلب الأساسي للشعب عقب ثورة ديسمبر المجيدة تعيين حكومة كفاءات على المستوى السياسي والاقتصادي لحل المشكلات التي واجهت الاقتصاد السوداني وأقعدته عهودًا طويلة عن اللحاق بركب الأمم، وعلق الشعب آمالاً عريضة على التشكيل الوزاري الجديد بأن تتفتق أذهانهم وتأتي بمبتكر من العلاج الناجع خاصة في حل مشكلات الشح في السلع الضرورية لحياه الناس عقب مواجهتهم معاناه كبيرة في الحصول على النقود والوقود والخبز.. وفي اتجاه موازٍ تعطل النشاطات الاقتصادية وتراجع الاستثمارات وتوقف العون الدولي للسودان إبان فترة الحظر الأميركي، ورغم الخطوات الكبيرة التي تمت مؤخراً في إزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب والدعم اللا محدود من دولة أميركا والتعاون مع إسرائيل تظل حكومة الفترة الانتقالية محل خلاف وخاصة الطاقم الاقتصادي الممسك بالملفات الحساسة، بيد أن الشعب شكك في مقدرة الكفاءات التي تم تعيينها نتيجة تراكم الأزمات واحدة تلو الأخرى.
وقال عضو الحزب الشيوعي كمال كرار، إن السياسات الاقتصادية انحرفت عن مسار الثورة، ووصف الملمين بالملف الاقتصادي بأنهم أبعد ما يكونون عن هموم الناس الحياتية
وقال لـ(الصيحة)، إن الطاقم الذي قدمته الثورة ليقود أهدافها تبنى سياسات مغايرة للحرية والتغيير وتحديداً السياسات المتعلقة بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وأنهم أعادوا إنتاج الفئات الاقتصادية للنظام البائد، ومكنوا الرأسمالية الطفيلية من مفاصل الاقتصاد السوداني.
وأكد أن المشهد الآن في حالة أزمة شديدة، وجزم بأن البرنامج الاقتصادي الحالي مربوط بأجندة داخلية وخارجية تريد للأمور السير على هذا النحو.
وقطع بأن الحكومة الحالية لا تملك أي تفويض من الشعب، والجماهير التي خرجت للشارع سابقًا من حقها أن تثور على هذه السياسات وأن تصم الممسكين بالملف الاقتصادي بخيانة الثورة.
وكشف عن خيارين أمام الحكومة، إما العدول عن السياسة الاقتصادية والرمي بروشتة البنك الدولي في مزبلة التاريخ أو الإطاحة بها من قبل الشعب، وإيجاد البديل الثوري، وليس هناك خيار آخر.
وفي السياق نفسه، أكد د. عثمان سوار الذهب، أن الخطأ الذي ارتكبته الحكومة منذ تقلد مناصب الحكم بعدم امتلاك خطة ومنهج واضح وبدأت السير بصورة عشوائية دون تخطيط سليم.
مشيراً إلى أن البلاد تسلمتها الحكومة الانتقالية في حالة تدمير كامل، ولفت إلى أهمية توفر سياسات إصلاح شامل أسوة بالدول الأخرى التي شهدت أوضاعاً مشابهة للبلاد.
وشكا في حديث لـ(الصيحة) من مآلات الأوضاع الاقتصادية والتدهور المستمر للعملة الوطنية، وتراجع الشركات الكبرى عن الاستثمار في السودان لعدم وجود البيئة المناسبة، بجانب ارتفاع نسب التضخم دون أي ضوابط لكبح جماحه، والجمود الشديد في الحركة الاقتصادية بصورة عامة، مبيناً أن عائد الصادرات لم يستغل بالصورة المثلى ولم تدخل العملات الحرة خزينة الدولة بالإضافة الى نقص الموارد والشح الكبير في السلع الاستراتيجية، وعدم الاستفادة من تحويلات المغتربين نتيجة انعدام الرؤية الواضحة منذ البداية.
مطالباً بفرض الرقابة الحكومية على عائدات الصادر، لأن هناك تقصيراً واضحاً من القائمين على أمر السياسات، ونوه إلى عدم توفر المكون المحلي للاستثمار، فضلاً عن تهيئة البيئة المناسبة.
وعاب على الحكومة تقصيرها الواضح رغم أن الطريق كان ممهداً لحل المشكلات عقب ثورة ديسمبر، ولكن ما حدث هو العكس فتراكمت المشكلات، ووصلنا إلى مرحلة اللاعودة انعكست على أوضاع الناس المعيشية.
منادياً بإجراء إصلاحات اقتصادية، واضحة وعدم التعلل بالأسباب السابقة وروشتة البنك الدولي.
وقال إن الجدية في الإصلاحات مطلوبة لإزالة العراقيل على رأسها ديون السودان الخارجية التي لم تسدد حتى الآن لعدم وجود مبادرات جادة للإعفاء، ولا بد من عمل داخلي يناسب الإصلاحات، وتحريك الآليات المختلفة من القطاعات الصناعية والزراعة، والنظر بجدية إلى كيف نبدأ في حل مشكلاتنا من الصفر لإصلاح الأوضاع، وإلا سوف نواجه ذات المشكلات السابقة.
وجزم بأن ضعف الدولة في فرض سيطرتها وعدم الاهتمام بإصلاح الإخفاقات هو السبب في تراجع الأنشطة الاقتصادية رغم الكفاءات التي تم تعيينها في المؤسسات الاقتصادية المختلفة.