أمير آدم حسن
كشف شارع النيل عورتنا السياحية، وتركنا نسبح في فضاءات (الكسوف) من تصرفاتنا ومن إهمالنا، حيث يكفي أن تلتفت يساراً وأنت قادم من الخرطوم بشارع النيل أم درمان لتقع عيناك على طابية الدباغ، وهي تسكن بوداعة في حضن القمامة والشجيرات العشوائية بعد أن ظننا أن الواقع يقول إن هذا المكان معد بصورة تسعى لاستقطاب واستقبال الزوار والوفود السياحية، والشاهد على ذلك وجود (البنشات)، لكن ومن الواضح جداً أن بيننا وبين ثقافة استغلال وتوظيف المتاح من الموارد سنوات ضوئية، وهو شيء متجسد بوضوح في كل ما هو (عام) .
الأستاذ أسعد محمد علي، موظف سابق بفندق هيلتون الخرطوم، قال إن ثقافة توظيف الآثار السياحية من الأشياء التي تبدو بعيدة جدًا عن التوظيف، وهو أمر نجده أكثر وضوحاً في البيئة السياحية، فلا أعتقد أنها تقع ضمن خارطة المواقع التي يجب زيارتها لنا أو للأجانب، فمن المفترض على المستوى الشخصي أن أضع برنامجاً أسرياً تعريفياً بهذه المواقع، خاصة وأنها تقع في محيطنا السكني، لكن للأسف البيئة غير نظيفة ولا توجد إضاءة، أي أن المكان معتم ومخيف ليلاً لا يغري بالزيارة، ولا أعتقد أن الجهات المسؤولة عن هذه الأماكن قد حضرت في المدى القريب لرؤية حال التركة الثقافية والسياحية الضخمة التي تركتها لنا الأيام.
إذاً هذا هو حال طابية الدباغة، والأمر يتشابه بصورة مذهلة مع طابية الحتانة والشهيناب وكثير من المواقع التي كان من الممكن استثمارها بصورة جيدة حتى تغرينا والأجانب بالزيارة.
ويقول الأستاذ أسعد، إن التوظيف الرسمي يكاد يكون منعدماً لهذه المواقع، والأمر واضح من خلال عدم الاهتمام بالجسم الأثري والبيئة التي تحيط به، أيضًا على الناس كف أيديهم عن هذه المواقع وحمل قمامتهم بعيداً، وهناك تساؤل يطرح نفسه بقوة لمن تتبع هذه المواقع الأثرية، لأنها إن كانت أثرية فقط فمن الواجب الحفاظ عليها، وإن كانت سياحية فمن الأوجب توظيفها بالصورة المثلى من قبل الجهات المعنية والمفارقة الواضحة أن المواقع الأثرية التي توجد في السودان لا تحتاج إلى كثير جهد لجني ثمارها المادية، فالبنية التحتية موجودة وكل ما نحتاج إليه الاهتمام بالبيئة المحيطة فقط.
حيث نجد أن الوفود الأجنبية تأتي إلى السودان لتشاهد الطبيعة والآثار على وجه الخصوص، ومثل ما يحدث في كثير من الدول المجاورة تقوم بإعداد برنامج سياحي بمواصفات خاصة يتضمن خارطة للمواقع التي تجب زيارتها، لكن كثيراً من الشركات السياحية لا تتضمن العديد من المواقع التي بها تشوهات أو غير معدة لاستقبال الوفود ليتجنبوا مثل هذه المشاهد الشائنة، وللأسف الأمر ليست له علاقة بالإمكانيات المادية بل قليل من الاهتمام والتوظيف الأمثل لما هو متاح من موارد.