تقرير- عبد الله عبد الرحيم
يخشى السودانيون من أن يؤدي تدفق اللاجئين الإثيوبيين الكثيف إلى زيادة حدة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن سنوات من الحرب وسوء الإدارة. حيث دخل أكثر من 66 ألف لاجئ إلى السودان منذ بدء النزاع في الرابع من نوفمبر الماضي، بين الحكومة الفدرالية الإثيوبية وبين إقليم تيغراي المتمرد والمجاور للسودان. وأقام الذين فروا من المعارك في معسكرات غير صحية على الجانب الآخر من الحدود في شرق السودان، حيث ينقصهم الغذاء والمياه والمرافق الصحية.
عدد اللاجئين الإثيوبيين الذين عبروا إلى شرق السودان، جراء الاضطرابات في إقليم تيجراي، ارتفع إلى 66 ألفاً و971 لاجئاً، وبلغ عدد اللاجئين الإثيوبيين الذين عبروا أمس الأول لمركز “حمداييت” في القضارف بشرق السودان، 34 لاجئاً، ليبلغ العدد الكلي للاجئين في المركز 48 ألفاً و27 لاجئًا، فيما بلغ عدد اللاجئين الذين عبروا أمس إلى مركز “المدينة 8” 5 لاجئين، ليبلغ العدد الكلي 18 ألفاً و944 لاجئاً..
هذه الأوضاع التي فرضت على السودان أدخلت القلق شيئاً ما لدى المواطن والحكومة السودانية، فما هي الطريقة المثلى التي سوف يقابل بها السودانيون احتياجات هؤلاء، وهل الأزمات الراهنة سوف تنعكس سلباً على الحياة على الحدود السودانية الإثيوبية، وبالتالي احتمال تدخل الأمم المتحدة في شأن الصراع الإثيوبي ـ الإثيوبي، أم إن السودان وحده هو من يدفع فاتورة تلك الصراعات؟
أكبر من قدراتنا
وقال والي القضارف سليمان علي، في تصريحات له “إن عدد اللاجئين أكبر من قدراتنا على الاستقبال، وأية زيادة في الأعداد ستؤدي إلى ضغط إضافي ليس فقط على الولاية، ولكن على السودان ككل”. وأضاف، “منذ بداية الأزمة كانت استجابة المنظمات غير الحكومية ضعيفة، وبالتأكيد ليست على مستوى الأزمة الحالية”.
ولا يبدو أن النزاع يتجه إلى تهدئة، إذ أمر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بشن الهجوم النهائي على السلطات المتمردة في ميكيلي عاصمة تيغراي. ويعتقد د. عثمان أحمد الفكي ـ خبير اقتصادي لـ(الصيحة)، أن التدفقات أكبر للاجئين ستكون له انعكاسات اقتصادية بالغة الخطورة على السودان”. وتسعى الحكومة السودانية إلى إعادة بناء اقتصاد البلد الذي يعاني بسبب سنوات من العقوبات الأميركية، وسوء الإدارة والنزاعات المسلحة.
ويعيش قرابة 65 في المئة من 42 مليون سوداني تحت خط الفقر، وفق الأرقام الحكومية. وتأثر الاقتصاد بشدة كذلك جراء الفيضانات الكارثية التي اجتاحت جزءاً كبيراً من البلاد، وكذلك من تداعيات جائحة كورونا. وتتجاوز نسبة التضخم في السودان أكثر من 300 في المئة، بحسب اقتصاديين، فيما يعاني نقصاً مزمناً في العملات الأجنبية، والمحروقات والدقيق أدت بدورها إلى طوابير طويلة لشراء الخبز وأخرى أمام محطات الوقود.
معاناة صحية واقتصادية
“جوناس هورنر” من مجموعة الأزمات الدولية، قال في حديث له، إن “شرق السودان هو المنطقة الأكثر فقراً في السودان، وتدفق اللاجئين الإثيوبين عليه بحسب موقع (إندبندنت) سيؤدي إلى تزايد التنافس على الموارد والمساعدات”. وأضاف: “سيتعين على الحكومة الاعتماد بقوة على مساعدات المنظمات المحلية والدولية”.
ويقول والي القضارفك “كنا نعاني أصلاً نقصاً من الدقيق والوقود وسلع أخرى أساسية، ولكن الأزمة الحالية جعلت الحصول على هذه السلع مكلفاً أكثر”. وإضافة إلى المشكلات الاقتصادية، فإن الوضع الصحي سيئ في معسكرات اللاجئين. ويؤكد أطباء المعسكرات أن حالات إيدز وحمى الدوسنتاريا والسل ظهرت بالفعل بين اللاجئين، من دون إعلان أي رقم رسمي بعد، لكن التكدس وتردي الظروف المعيشية يمكن أن يزيدا الموقف سوءاً بجسب بعض الدوائر الصحية لـ(الصيحة)، خصوصاً مع الفرص المحدودة في التوجه إلى المستشفيات والمنشآت الصحية.
ووجه د. الفكي عبر (الصيحة) الدعوة للمجتمع الدولي إلى لعب دور أكثر أهمية في حال استمرار النزاع بين الحكومة الإثيوبية والتغراي، وقال “الحكومة السودانية بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي، وإلا فإن اقتصادها سينهار رغم الضغوط التحوّلية الكبيرة عليه”.
حاجة المخيمات
وفي دوائر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، قال فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خلال زيارة له إلى مخيم “أم راكوبة” في السودان، الذي يضم لاجئين فارين من مناطق القتال في تيغراي، إن السودان يحتاج إلى 150 مليون دولار مساعدات لاستيعاب تدفق اللاجئين على أراضيه. كما أعرب أمين عام الأمم المتحدة عن قلقه البالغ بشأن عواقب الصراع الإثيوبي على السكان المدنيين، وفي ظل انتشار خطاب الكراهية، وتقارير عن التنميط العرقي، فضلاً عن الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون في مخيمات اللجوء في السودان.