شكّل ثنائية تاريخية مع رفيقه السني الضوي إبراهيم أبودية.. مُحاولة للتذكار والإبحار !!
(1)
ذاكرة الأغنية السودانية تحتفظ بتجارب ثنائية ناجحة عطرت دنيا الفن بروائع الأعمال، سواء كانت هذه الثنائيات بين فنان وشاعر ما، أو بين اثنين تجانست أصواتهما فأصبحا ثنائي غنائي، أو ثلاثي كما حدث في تجربة ثلاثي العاصمة التي لا أظن أن الزمن سيجود بمثلها وتعتبر تجربتهم فريدة في نوعها، لأن الصدفة وحدها هي التي قادتهم إلى تكوينها، ومع مرور الأيام، يحكي الراحل السني الضوي (قصة ثلاثي العاصمة بدأت عندما جاءني الفنان الراحل ابراهيم أبودية الذي كان يقلد الفنان عثمان حسين لألحن له، وجاء معه الشاعر سيف الدين الدسوقي والضابط جعفر فضل المولى والفنانة منى الخير وجلست معهم لألقنه اللحن، فأكد الحضور ان صوتي وصوت أبودية منسجمين، ومن هنا انطلقت فكرة ثنائي العاصمة التي سرعان ما تحولت إلى ثلاثي العاصمة بعد أن انضم إلينا محمد الحويج الذي يعتبر من اعز اصدقاء الفنان الراحل عثمان حسين وقد تغنى معه في اغنية كلمة منك حلوة .
(2)
ويضيف الراحل السني الضوي (بعد رحيل الحويج، بالتأكيد قررنا التوقف، لأن رحيله كان صدمة هزت وجداننا، لذلك رأينا اننا لن نستطيع الغناء بدون الحويج، ولكن إصرار عثمان حسين جعلنا نتغلب على أحزاننا لنواصل المسيرة ونتحول إلى ثنائي العاصمة، وبعد وفاة ابراهيم تركت الغناء، لأنني حتماً لن اجد صوتاً يتناسب مع صوتي مثلما حدث مع الحويج وابراهيم اللذين كنت اشعر معهما اننا صوت واحد.. وهذه محاولة للغوص في تفاصيل الراحل الجميل ابراهيم أبودية.
(3)
وُلد الفنان إبراهيم حسن أبودية في مدينة بحري في العام 1938م وبدأ العمل وهو صغير في سن التاسعة من عمره، وتنقّل بين عدد من المهن إلى أن تعلم مهنة الخياطة وأصبح ترزياً، ومن بحري انتقل بحثاً عن عمل إلى مدينة بورتسودان ومعه آمال وطموحات كبيرة في أن يصبح ترزياً معروفاً وفناناً مشهوراً، وعُرف عنه منذ الصغر اهتمامه بالعمل والحرص على الاستماع للراديو، وبالأخص إلى أغنيات المبدع الراحل عثمان حسين والتي كان يحفظها، بل كان يحفظ أيضاً تاريخ ومناسبة كل أغنية.
(4)
وفي مدينة بورتسودان وفي العام 1956، تعرف على الموسيقار وعازف الكمان محمد عبد الله (محمدية) وكوّنا فرقة غنائية، حيث يؤدي أبودية أغنيات عثمان حسين، بينما يقوم محمدية بالعزف على العود، وكما تعرّف ايضا على الشاعر حسين بازرعة والذي كان معجبا بصوته، وبتشجيع من محمدية وبازرعة عاد إلى الخرطوم في العام 1958م ليبدأ مرحلة جديدة في مسيرته الفنية والتحق بنادي العمال ببحري وكوّن فرقة غنائية بنادي العمال، وكان من ضمن أعضائها الفنان أحمد حميد والذي لم يواصل مسيرته الفنية وهو شاعر وملحن أغنيتي أسير الغرام ولاموني للفنان صلاح بن البادية.. وأخذ أبودية يتعلم مبادئ الموسيقى على يد الموسيقار احمد مرجان (ملحن النشيد الوطني نحن جند الله) ثم بدأ يغني في حفلات الأعراس والمناسبات .