من القضايا التي تشغلني كثيراً ولا تزال هذا – الإنسان السوداني- ومنذ بدأت العمل الإعلامي في صحيفة (صوت الشارع) كان انشغالي بخصائص ومقومات هذا الإنسان وكيفية إرساء قواعد الوعي الفكري لديه، وتنقل اهتمامي ما بين الفكرة والتنفيذ وما بين التصور والتطبيق وعلاقة ذلك بمسؤولية الدولة من حيث الفاعلية والرعاية والعناية خاصة في هذا الوقت الذي يهتم فيه كافة الشعب السوداني بقضايا الكفاح الوطني والنضال القومي، وقد تجسدت لديّ أهمية هذا الأمر وأنا أبحث في شأن مهام وزارة الثقافة والإعلام التي يقع على عاتقها وضع تصور شامل للرؤية الفكرية والثقافية بالشكل الذي يضمن الفاعلية خاصة تجاه النضال الثوري. فليس هنالك من شك في أنها مطالبة بعمل جاد خلاق يتلاءم مع هذه المرحلة المجيدة من تاريخ السودان، فثورة ديسمبر لم تكن مجرد حراك ثوري فحسب بل هو انتقال من مرحلة يأس واختناق إلى آفاق التغيير والحرية وديمقراطية الاعتبار الوطني. لأجل ذلك ينبغي عليها مواصلة التعبئة النضالية المعنوية والحشد الفكري لمواجهة محاولات الغدر والتضليل والخيانة، بوضع خطط عمل شاملة لكافة المجالات الثقافية تراعى فيها العلاقة فيما بين أصحاب العطاء منتجي الثقافة من مفكرين وأدباء وفنانين، والجماهير باعتبارهم أصحاب حق في هذا العطاء والمتلقون له ثم الوزارة نفسها باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن رعاية هذا العطاء وحمايته وتوجيهه. ولا شك أن مثل هذا التلاحم بين هذه الأطراف الثلاثة سيساعد الوزارة على أداء رسالتها الوطنية وواجبها القومي والإنساني، كما سيعمل هذا التلاحم على تغيير مفهوم أن الثقافة والآداب والفنون هي نوع من الترف والترفيه بإضفاء طابع الحيوية عليها. ومن هنا أناشد القيادات الواعية في هذه الوزارة باستثمار روح الثورة والاستفادة من الشعور الوطني، لترسيخ أسس بناء الشخصية السودانية التي تليق بهذا الوطن.