غادر ترمب واشنطن في صباح 20 يناير الشتوي ولَم يشارك في حفل التنصيب (Inauguration) الرسمي الفخيم والذي صاحبته إجراءات أمنية واحترازية، نسبة لأعمال الشغب التي حثت 6 يناير ودواعي الضوابط الصحية لداء الكورونا إيذانًا ببداية فترة رئاسية جديدة. وقد جرت الأعراف أن يكون الرئيس السابق موجوداً مشاركًا ويشهد أداء اليمين الدستوري للرئيس الجديد المنتخب أمام أحد قضاة المحكمة العليا الأمريكية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد. كما تتم دعوة الرؤساء السابقين الأحياء لحضور هذه المراسم.
ولكن لكل معروف ومألوف وطبيعي تعاقب عليه الناس حالات استثنائية وشاذة، قد تكون مبنية على مواقف مبدئية ومنطقية وقد تكون على غير ذلك.
عدم حضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب لم يكن السابقة الأولى التي يتخلف فيها الرئيس الذي انتهت ولايته من حضور حفل التنصيب، وقد سبق السيد دونالد ترمب عدد من الرؤساء السابقين الذين لم يحضروا مراسيم وأداء اليمين للرئيس الفائز، لكنه أول رئيس يفعل ذلك منذ 152 عاماً بالتمام والكمال، وكـأنما يعلن عن جر عقارب التاريخ قرناً ونصف إلى الوراء.
أـربعة رؤساء استناداً على ما أوردت “رابطة البيت الأبيض التاريخية” لم يحضروا حفل تنصيب الرئيس الفائز وهم بحسب التسلسل التاريخي
1- الرئيس جان اَدمز (١٧٩٧ – ١٨٠١) وهو يعتبر من جيل الآباء المؤسسين وثاني رئيس للولايات المتحدة الأمريكية. وكان خلفه الرئيس تومس جفرسون، وقد برر عدم حضوره للتوتر الشديد بين الحزبين قبل وأثناء فترة الانتخابات وأيضاً لم تتم دعوته رسمياً حينها لحضور حفل التنصيب.
2- الرئيس جان كوينزلاند آدمز ( ١٨٢٥-١٨٢٩) وهو قانوني ودبلوماسي وهو الرئيس السادس للولايات المتحدة الأمريكية. وقد رفض حضور حفل تنصيب خلفه الرئيس المنتخب اندرو جاكسون لأنه سبق وانتصر عليه في الانتخابات الرئاسية ١٨٢٤.
3- الرئيس مارتن ڤان بورين (١٨٣٧-١٨٤١) وهو مؤسس الحزب الديمقراطي وعمل حاكماً لولاية نيويورك ووزيراً للخارجية ونائباً للرئيس الأمريكي اندرو جاكسون. وهو الرئيس الثامن للولايات المتحدة الأمريكية، وهو أهم الرؤساء المناهضين للعبودية. لم يكشف عن أسباب عدم حضوره لحفل تنصيب خلفه الرئيس وليام هنري هارسون برغم صداقتهم المعروفة.
4- الرئيس اندرو جونسون (١٨٦٥-١٨٦٩) وهو الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة. من ولاية تنسي وقد تمت محاولة عزله ولكنه أتم فترة رئاسته بعد فترة الحرب الأهلية وهو كان من الداعمين لاتحاد الولايات وكان يقف ضد الانفصال.
بعد الرئيس اندرو جانسون لم يقاطع أي من الرؤساء حتى الذين كانت لهم تحفظات على نتائج الانتخابات أو على إجراءاتها، وكان الفيصل في كل الأحوال هو المؤسسات الولائية أولاً واعتماد النتيجة قضائياً على المستوى الولائي وعلى المستوى الفيدرالي، حتى وإن شابتها حوادث وأخطاء وحالات تزوير ولكن ينتهي الأمر بتقدير القضاء عبر أجهزته وبحياد ومهنية وشفافية، بأن الحوادث والأخطاء الإجرائية لا تؤثر على النتيجة العامة للانتخابات، فجرى العرف على قبول النتيجة من الأحزاب والمرشحين على السواء من الفائز والخاسر ويتم اعتمادها من الكونجرس وتصبح حينها سارية المفعول.
أما حضور أو غياب أي شخص لحفل التنصيب وأداء اليمين لا يوقف الإجراءات البروتوكولية وتتم الإجراءات بحضور السلطة القضائية، والرئيس الفائز وزعيم الأغلبية بالكونجرس وزعيم الأقلية، ويتم لاحقاً تصحيح الأخطاء والإجراءات حتى لا تتكرر لاحقاً.
* دولة الدستور والقانون والمؤسسات ضمانة للاستقرار السياسي والديمقراطية والعدالة.
* أن تحدث أخطاء في الممارسة الديمقراطية هذا وارد جداً، أن لا تكرر الأخطاء ذلك يعني أنك في الطريق الصحيح.