عهد “اللست” الجاهزة انتهى وليس هنالك تسييس
الامتحان رسالة بأن عهد التمكين ولىَّ والفرص مفتوحة بالتساوي لكل أبناء السودان
السفير حسن عبد السلام:
الخارجية وضعت موجهات ترجمتها جامعة الخرطوم لأوراق امتحان
جلس أكثر من 3000 من الداخل وأكثر من 300 من الخارج لاختيار الكوادر
لأول مرة خمسة من ذوي الاحتياجات ضمن المتنافسين وأحدهم ممتاز جداً
حريصون على التخصص المطلوب واستبعدنا 60 لهذه الأسباب….
لدينا ثقة وشراكة استراتيجية مع جامعة الخرطوم في اختيار الوظائف للوزارة
نهجنا الشفافية ولا أستبعد الإعلان عن وظائف مدخل خدمة قريباً
………………….
شاع لغط إسفيري كثيف حول الامتحانات التحريرية التي جلس لها عدد من السودانيين بالداخل والخارج لشغل وظائف كوادر وسيطة بوزارة الخارجية (مستشارون وسكرتيرون أوائل) مؤخراً، اتهمت فيها الخارجية بأنها وراء وضع قالب محدد لتوجه يسعى للاستئثار بالوزارة خلال الفترة القادمة، وطال الانتقاد مديرة جامعة الخرطوم البروفسير فدوى عبد الرحمن أستاذة التاريخ بتجيير الأسئلة التاريخية تجاه شخصيات وتنظيمات معينة، فضلاً عن حديث البعض عن قوائم وتخصصات أخرى خلاف المعلن.
(الصيحة)، التقت السفير حسن عبد السلام مدير إدارة المعلومات التقنية والاتصالات بوزارة الخارجية عضو لجنة الامتحان، وهو يمثل أحد سفراء الثورة كما يطلق عليهم, الذين فصلتهم الوزارة إبان العهد السابق، وأعيدوا للخدمة بأمر الثورة، وطرحت عليه كل الاستفسارات، حيث أكد بشكل قاطع أن المعيار الذي سيتبع في هذه الوظائف وما يليها للدخول للخارجية هو العدالة والكفاءة, لفت إلى أن الوزارة وضعت موجهات عامة ترجمتها جامعة الخرطوم في شكل أوراق امتحان للمتقدمين واتهم جهات بمحاولة شيطنة مديرة جامعة الخرطوم.
وكشف عن دخول أصحاب الاحتياجات الخاصة لأول مرة في تاريخ الوزارة للتنافس لنيل الوظائف بالوزارة.. هذه المعلومات وغيرها في إفادات السفير حسن عبد السلام التالية:
حاورته : مريم ابشر
*دار لغط كثيف جداً في مواقع التواصل حول الامتحانات التي وضعت لاستيعاب كوادر وسيطة بالخارجية وهنالك اتهامات عديدة وجهت للوزارة بأن تمكيناً آخر في الطريق، كيف ترى الموقف؟
أولاً بالنسبة للامتحان الذي وضع للكوادر المطلوبة، نحن في الوزارة قصدنا أن يكون أول امتحان للدخول للخارجية عبارة عن رسالة لكل أبناء وبنات الشعب السوداني بأن عهد التمكين قد انتهى، وأن الفرص مفتوحة ومتساوية لكل الناس ولذلك كنا حريصين جداً على التجربة.
*هل الامتحان الذي اعتمد مسئولية الخارجية؟
لا, الامتحان مسئولية اللجنة القومية للاختيار, الامتحان الأول كان إلكترونياً، نحن في الخارجية ساعدنا فيه بشدة، بحيث يتم تحويل الشعار لحقيقة, لأول مرة في تاريخ الخارجية تتاح الفرص لكل الشعب السوداني بمن فيه السودانيون الموجودون خارج السودان. في السابق كان عادة لو كنت في أي جزء من العالم تأتي للسودان للجلوس للامتحان. هذه المرة سهلنا لهم, حيث تمكنا من عقد الامتحان في أكثر من 39 مركزاً في 35 سفارة من سفارات السودان وكان هذا إنجازاً كبيراً جداً.
*كم عدد الممتحنين؟
نحو 3000 ممتحن بالداخل وأكثر من 300 بالخارج أغلبهم بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج عموماً وشمال أمريكا وأستراليا، حيث تنافس (514 لمقاعد المستشارين و411 للسكرتيرين الأوائل) وتمكنا من إتاحة الفرصة لهم وبالتالي وفرنا عليهم كثيراً من مشقة السفر والانتظار كما كان يحدث بالسابق، وكنا متساهلين جداً، المتقدم الذي تنطبق عليه شروط التقديم في التخصصات المطلوبة تتاح له الفرصة…
*هنالك حديث عن تخصصات تم الاختيار لها بطرق أخرى ما حقيقة ذلك؟
غير صحيح، ولكن هناك بعض المسجلين من السفارات لم يتم الفحص الكامل لتخصصاتهم الرسمية والبعض دخل الامتحان الأول ولم يحضر شهاداته للجنة الاختيار، وكانت اللجنة قررت منعهم من الجلوس للامتحان الأول ولكن تدخلت وزارة الخارجية وسمحت لهم بالجلوس للامتحان باعتبار الأفضل أن تتاح لهم الفرصة ثم تتم مراجعة الشهادات لاحقاً حتى لا يفقدوا الفرص، وكان شعارنا التسهيل للمتقدمين سواء من الخارج أو الداخل مع التعامل بصرامة إذا لم تتوفر فيهم الشروط وفق التخصصات فيتم استبعادهم لاحقاً.
*كيف يتم التعامل مع من تسرب بخطأ؟
مثلاً طب أو أحياء أو أي تخصص غير مطلوب، سيتم استبعادهم وفق الشهادات المتساوية، وهي أي متقدم نقيس تخصصه بالبكالاريوس الأصل الذي تخرج به. هناك بعض الاتهامات فيما يخص الامتحان الإلكتروني، أحب أن أؤكد أي ممتحن من غير التخصصات المطلوبة لن يدخل المنافسة وإذا حدث خطأ لن يستمر فى المنافسة الثانية، وهذا ما حدث بالضبط، حيث تم وضع عدد من الأسماء في الموقع وطالبناهم بإحضار الشهادات الأصلية للجنة الاختيار، وذلك من أجل التدقيق.
*وهل تم استبعاد البعض؟
نعم، هنالك ـكثر من 60 شخصاً استبعدوا من المرحلة الثانية للامتحان بسبب أن تخصصاتهم غير مطلوبة وسيتم الاستبعاد حتى المرحلة النهائية إن ثبت أن أحد المتقدمين وصل المرحلة الأخيرة نتيجة خطأ وليس ممن تنطبق عليهم شروط التخصص المطلوب. وحتى ظهور نتيجة الامتحان الإلكتروني كانت مختلفة هذا العام نحن لدينا بنك أسئلة وفي كثير من الامتحانات الإلكترونية عندما تظهر النتيجة تظهر معها الإجابات على الأسئلة وربما تؤخذ وتشير في القروبات وخوفاً من تسرب الأسئلة ونوعيتها الموجودة في البنك عملنا علي حجب النتيجة وأظهرناها في اللسته الإلكترونية.
كنا حريصيين جداً أن الامتحان الأول بعد الثورة أن تكون المنافسة شريفة وعادلة .
*رغم ذلك هنالك انتقادات كثيرة صاحبت الامتحان التحريري لماذا برأيك؟
نحن أوكلنا أمر الامتحانات لجامعة الخرطوم أمانة الشئون العلمية وتحديدًا التقى وكيل الخارجية مع مديرة الجامعة البروفسير فدوى ونقلنا لها الموجهات العامة بشكل عام ولا دخل للوزارة بوضع الامتحان أو الكنترول عليه, والامتحان عبارة عن تفسير لأستاذة الجامعة للموجهات التي وضعتها الخارجية، ونحن لدينا ثقة كاملة في جامعة الخرطوم باعتبارها المؤسسة التعليمية العريقة وليس لنا فيها أي شك وطالبنا بأن تكون هنالك أربع أوراق، ورقة حول السودان وبشكل عام الحكومات وتاريخ السودان وكيفية القدرة على التحليل والربط بين المعلومات, بالنسبة لورقة العلاقات الدولية بنفس المستوى بأن تظهر الورقة مقدرة المتقدم على التحليل ومتابعة الأحداث العالمية وفهمها, وورقة اللغات الهدف منها معرفة مقدرة المتقدم على كتابة الرسائل وتحليل المعلومات، وحسب متابعتي ورقتا اللغة العربية والإنجليزية كانتا بدرجة الامتياز وجاءت وفق حاجة الوزارة وكذلك العلاقات الدولية, البعض اعترض على أن الإعلان عن الورقة دراسات دبلوماسية والامتحان علاقات دولية وفي تقديري ليس هنالك فرق باعتبار أن العلاقات الدولية والدبلوماسية مرتبطتان ببعض, وحتى الاعتراض على الزمن في ورقة اللغة الإنجليزية تم منح الممتحنين نصف ساعة إضافية.
*ولكن بالمقابل هناك انتقادات شديدة لورقة السودان وأنها كانت موجهة لتوجّه محدد وشخصيات بعينها؟
في رأيي الورقة ركزت على جانب واحد وكان يمكن أن تكون هنالك مقالات ولكن يبدو أن واضع الامتحان رأى أن هذه النوعية من الأسئلة تكشف مدى اطلاع المتقدم للوظيفة على تاريخ السودان، ولذلك حاول تغطية مساحة كبيرة من الأحداث عبر الأسئلة القصيرة وطريقة اختيار الإجابات الصحيحة. وأعتقد كلها مهمة معرفة التواريخ والشخصيات وحتى مذبحة جودة التي انتقد البعض ورودها في الامتحان وأنه محاولة لإشعال النعرات هي واحدة من الأحداث الكبيرة، وهي أول حدث بعد الاستقلال نتيجة خطأ ولا يستهدف قبيلة بعينها أو أقليم معين، وإنما تجاوزات حدثت وأثارت الرأي العام حينها، فقد فيها السودان أكثر من 250 مزارعاً بسيطاً ذنبهم أنهم احتجوا.
*إذن ترى أن الأسئلة ضرورية؟
بالطبع، وأعتقد أي متقدم للعمل الدبلوماسي يفترض أن يكون عارفًا بتاريخ بلده. وبالمقابل يمكن بعد كم سنة أن يأتي سؤال حول حادثة فض الاعتصام.
*وهل هنالك ميول في الأسئلة لاتجاه بعينه كما يُثار؟
لا، هنالك أسئلة حول كل الأحزاب السياسية جبهة الميثاق الإسلامية, الأمة, الشيوعي، الجمهوري, الاتحادي وغيرها، وكان يمكن أن تكون هنالك أسئلة مقالات باعتبار هذا تاريخ السودان .
*البعض يرى أن نوعية الامتحان تؤشر على استبدال تمكين بآخر ما رأيك؟
غير صحيح, التمكين الوحيد الذي نسعى إليه هو تمكين الكفاءة ونسعى لذلك.
*انتقادات كثيرة وُجّهت للبروفسير فدوى مديرة جامعة الخرطوم بأنها هي من وجّهت الامتحان لتوجّه بعينه؟
أعتقد الاتهام للبروفسير فدوى مدير جامعة الخرطوم اتهام جائر. لا أحد يعرف من وضع الامتحان, هنالك اتجاه لشيطنة بروفسير فدوى باعتبار أنها مديرة الجامعة وأستاذة تاريخ اعتقدوا هي من وضعت الامتحان. لكن الغرض هو ترتيب الأحداث في ذهن المتقدم باعتبار أن المتقدم يمثل السودان, إضافة إلى ذلك هذه الوظائف ليست مدخل خدمة هي وظائف لمستشارين وسكرتيرين أوائل، عشرون مستشاراً و30 سكرتيراً أول. وهذه الوظائف يصل إليها مدخل الخدمة بعد 15 أو 16 سنة, الامتحان هو الوسيلة الوحيدة المتاحة، ونحن في الخارجية كان همنا الأساسي هو الانطلاق من نقطة واحدة وسباق واحد, مهما كان الامتحان فقد تساوى فيه كل المتقدمين. ونحن نثق تماماً في أستاذة جامعة الخرطوم لما يمتلكونه من خبرة ولكن رغم انتقاد البعض هناك من أثنى على الامتحان ويعتقدون أنه جديد.
*هل حددتم موعد امتحان المقابلة المباشرة؟
نحن طلبنا تعجيل التصحيح بحيث لا يتجاوز الأسبوعين، ومن ثم خضوع الناجحين للامتحان الشافهي مباشرة وذلك مراعاة لبعض المتقدمين الذين أتوا من الخارج وأتوقع قبل نهاية الشهر الجاري أن يكتمل الامتحان الشفاهي.
*وهل وضعتم فى الاعتبار الخبرات؟
بالتأكيد، سندقق بشدة في أمر الخبرة عبر الوسائل المناسبة لتثبت دقتها وهي إحدى الشروط المطلوبة.
*هل هذا النمط سيكون المتبع أيضاً في وظائف مدخل الخدمة؟
على الدوام سنتبع الشفافية، ولكن سنكتفي في الامتحان التحريري بإعلان أسماء الناجحين حفاظاً على مشاعر الذين لم يحالفهم الحظ حسب طلب كثيرين من المتقدمين وسيكون الباب مفتوحاً لأي مستفسر من الجالسين.
*هل هناك اتجاه لطرح وظائف مدخل خدمة؟
لا أستبعد أن تكون هنالك جولة أخرى، الخارجية تحتاج لكوادر خصوصاً مدخل الخدمة. والخارجية ترغب في أن يشعر شباب الثورة أن هذه وزارتهم وأبوابها مفتوحه لهم وأي من يرغب في العمل بها أبوابها مفتوحة عبر التنافس الشريف, فقط الكفاءة والعدالة هي معايير الاستيعاب.
*تقييمك للتجربة الأولى حتى الآن؟
هذه أول امتحانات بعد الثورة، حتى لو في أي أخطاء لا علاقة لها بالعدالة، أو أن هنالك قوائم مسبقة كما يشاع, باعتبار أن عهد “اللست” والقوائم الجاهزة انتهى، وسنكون حريصين على معرفة أي ملاحظات للاستفادة منها في التجارب القادمة. وسنعمل على توصيل كل الملاحظات للأساتذة في جامعة الخرطوم باعتبارهم شريكاً استراتيجياً لوزارة الخارجية لتحسين وتجويد العمل أكثر.
*إذن لا تسييس في الوظائف الراهنة؟
لا تسييس، بالعكس حريصون على منح الوظائف وفق الكفاءة وحتى الإسلامي له حق الوظيفة, لن يسأل خلاف كفاءته وأدائه ونحن في وزارة الخارجية نمضي في اتجاه تسهيل الأشياء للناس وعلى خلاف العادة على مر تاريخ الوزارة جلس للامتحان في أول تجربة بعد الثورة أربعة أو خمسة من ذوي الاحتياجات الخاصة لأن الخارجية لديها توجه جديد بفتح الفرص متكافئة لكل أبناء السودان الراغبين, ليس من مختلف الأقاليم وأصقاع العالم فحسب، بل حتى أصحاب الاحتياجات الخاصة.
*وهل هنالك أي استراتيجيات جديدة أخرى متوقعة؟
بالطبع لدينا استراتيجيات فيما يتعلق بالمرأة وتمثيلها داخل الخارجية وهي موجهات جديدة ستتبعها قيادة الوزارة الجديدة هنالك فهم جديد خاصة من قبل كوادر الوزارة التي عانت خلال الفترة الماضية.
*هل تعني معالجة الظلم وتحقيق العدالة؟
بالطبع أنا وأحد الزملاء المشرفين على الامتحانات فصلنا ظلماً من الخارجية، ولذلك مسألة العدالة بالنسبة لنا على المستوى الشخصي تعني لنا الكثير ولا يمكن أن نفرط فيها ونحن نطمئن الجميع بأن العدالة ستكون متوفرة.
*بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة هل اجتازوا الامتحان الأول؟
نعم, اجتازوا المرحلة الأولى بنجاح وهنالك واحد منهم ممتاز جداً.
*وكيف تم التعامل معهم في ادائهم للامتحان؟
بعضهم تعامل مع الكمبيوتر بشكل مهني والبعض الآخر قدمت لهم إدارة الامتحان في اللجنة مساعدات حيث تم تعيين شخص لمساعدتهم في الكتابة وهذه أول مرة تحدث في وزارة الخارجية على مر تاريخها أن يجلس للامتحان ذوو احتياجات خاصة، ولذلك أي حديث عن عدم عدالة يجب أن ينظر إليه من هذه الزاوية. نتيجة الامتحان ستحول للجنة الاختيار باعتبار أن الخارجية ليست لها علاقة بالامتحان، فهي فقط وضعت موجهات، ويجب أن أذكر هنا أن التنظيم الذي وضعته جامعة الخرطوم يعد من أرقى التنظيمات لأي فعالية سواء من الجانب الصحي أو التأمين والخدمات.