الطاهر ساتي يكتب.. حكومة الطوارئ..!!
:: زاوية الأمس، وكان عنوانها (شجراً يسير)، لم تكن إلا تحذيراً من مخاطر تردي الساحة السياسية، ومن مظاهر التردي عجز شركاء الحكم عن تشكيل الحكومة.. وختمت الزاوية بما يلي: (اتّعظوا، ولا تنسوا بأن حكومة السيدين أهدرت عمرها – ثلاث سنوات – في الصراعات الحزبية و(كنس آثار مايو)، حتى تم (كنسها هي ذاتها) قبل أن تترك أثراً إيجابياً في حياة الناس.. الكل يرى شجراً يسير، فانتبهوا واعملوا لمصالح الوطن والمواطن قبل أن يتم (كنسكم)..!!
:: وبالأمس ذاته، بالتزامُن مع التحذير أعلاه، انفردت وتفرّدت الغراء (اليوم التالي) بخبر خطير، ما يلي نصه: (انتقد الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة ما أسماه تلكؤ قوى الحرية والجبهة الثورية في تقديم ترشيحاتها للحكومة الجديدة، مع حرج الأوضاع التي تمر بها البلاد، وأكّدت مصادر موثوقة أنّ البرهان بدا غاضباً بشدة من حالة التنازُع التي عطّلت تكوين الحكومة)..
:: وذكر البرهان، حسب خبر (اليوم التالي)، خلال الاجتماع الأخير لمجلس شركاء الفترة الانتقالية، أنه لا يمتلك خياراً سوى الخروج إلى الشعب واطلاعه بياناً على الفشل في التوافُق على تشكيل الحكومة، ولوّح باحتمال إقدامهم على تشكيل حكومة طوارئ برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك، حال عدم التزام الشركاء بتكوين الحكومة بالسرعة اللازمة، مشيراً إلى أن أوضاع البلاد لا تحتمل المزيد من التلكؤ في تكوين الحكومة)..
:: وعليه، هذا ما حذّرت منه السادة بقوى الحرية والجبهة الثورية كثيراً.. للصبر حدود، ليس لصبر البرهان فحسب، بل لصبر الشعب أيضاً.. فالعام الدراسي – رغم الإعلان عن بدايته اليوم – على (كف عفريت)، وكذلك الموسم الزراعي بكل ولايات السودان، ثُمّ كل الخدمات تشهد تردياً لحد انقطاع الكهرباء في الشتاء، أما عن أسعار الدولار والسلع فحدث ولا حرج.. وهكذا.. فالأوضاع في الحضيض، والمواطن يكتوي بها، والسادة يتصارعون في المناصب..!!
:: وكنت قد تساءلت إن كان الرابع من فبراير، هل يكون الموعد الأخير لإعلان الحكومة الجديدة، بشقّيها السيادي والتنفيذي، حسب قرار مجلس شركاء الحُكم، أم على الشعب أن ينتظر عاماً آخر؟.. وللأسف، لم يخيبوا ظني، أي لن يلتزموا بموعد الرابع من فبراير.. فالترشيحات لم تُرفع لرئيس الوزراء، ليراجعها بالتشاور مع المستشارين، ثم يتم إخضاعها للفحص الأمني و.. و.. و.. قالها ياسر عرمان بالنص (4 فبرير تاريخ صعب، وقد يكون غير واقعي)..!!
:: ولا شئ يجعل أمر تشكيل الحكومة في هذا الموعد صعباً غير صراعاتهم، ولا شئ يجعل هذا التشكيل في الرابع من يناير غير واقعي غير (أنانيتهم).. رغم المحن، لم يتعلّموا بأن التمادي في التنافُر لن يكون مُجدياً، وأن الصراع حول المكاسب الحزبية والذاتية لن يؤدي إلى الاستقرار ثم الانتخابات.. وعليه، عندما لم يتعلّموا من دروس ثورة أبريل وحكومتها المدنية التي أضاعت الديمقراطية، فمن الطبيعي يُلوِّح البرهان بحكومة الطوارئ..!!
:: لو شكّل البرهان حكومة الطوارئ، ولو بعد عام من فشلهم في تشكيل حكومتهم، فإن السادة الذين نلقِّبهم بالديمقراطيين سوف يعلنون عليها النضال، ويتناسون فشلهم الذي يتسبب في إعادة إنتاج الطوارئ والشمولية وحكوماتها..!!