لا مبرر لاستيراد سلع كمالية وعلى المالية رفع الدولار الجمركي
تشكيل حكومة جديدة خطأ كبير
التهديد بإسقاط الموازنة أمر خطير
حوار: رشا التوم
هنالك ارتباط وثيق بين السياسة والاقتصاد وهما وجهان لعملة واحدة وفي الساحة الاقتصادية طرأت عدة قضايا وملفات ساخنة تسيدت المشهد كان لابد من الوقوف عليها برؤية اقتصادية، ولتوضيح ملابسات المشهد الاقتصادي التقينا الخبير الاقتصادي د.عادل عبد المنعم لمزيد من الإيضاحات.
إذا كنتم في موقع اتخاذ القرار ماذا أنت فاعل في شأن ارتفاع الدولار وانهيار الجنيه؟
ببساطة لاتخذت قراراً بحظر استيراد السلع الكمالية والأثاثات والعربات والسلع غير الضرورية في الوقت الراهن ولفترة تمتد لستة أشهرعلى الأقل، ولتعويض الفاقد الجمركي حظر الاستيراد لعملت على زيادة سعر الدولار الجمركي إلى 120 جنيهاً على أقل تقدير حتى لا تتأثر الإيرادات الجمركية والضريبية من حظر الاستيراد، ولأصدرت قراراً بزيادة الضريبة على القيمة المضافة على الواردات من 17% إلى 25% وهي ضريبة إيرادية وحمائية في نفس الوقت للمنتجات المحلية، وأيضاً كنت سأصدر قراراً بإيقاف المعابر مع مصر على الأقل فترة ستة أشهر ليتم ترشيدها وإيقاف الاستنزاف الذي تمثله هذه المعابر للاقتصاد السوداني. وعلى سبيل المثال استنزاف موارد الذهب والعملات الحرة والتي تضررت منها البلاد ضرراً كبيراً وأيضاً السلع الكمالية وغير الضرورية ومحاصيل الصادر إلى مصر وإعادة تصديرها من هناك إلى الخارج وحرمان البلاد من حصيلة العملات الحرة، وتلك المعابر تم افتتاحها في العام 2016م من قبل النظام البائد دون دراسات اقتصادية أمنية إستراتيجية، فعملت على استنزافه وأسقطته فلا يمكن أن تستمر هذه المعابر لتسقط حكومة الفترة الانتقالية.
ما رأيكم في تشكيل الحكومة الجديدة وماهو المطلوب منها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي؟
تشكيل حكومة جديدة لتولي زمام الحكم السياسي والاقتصادي خطأ كبير وفي ظل هذه الأوضاع يجب تأجيل تشكيل الحكومة لثلاثه أشهر قادمة، على أن يتولى الطاقم الحالي تسيير دفة البلاد تنفيذياً حتى يحدث الاستقرار اللازم. وأعتقد بأنه بحلول أبريل المقبل ستخرج البلاد من عنق الزجاجة وسوف تنساب القروض والمنح والإيرادات وعقب ذلك يمكن أن تتولى الحكومة الجديدة زمام الأمور في وضع أفضل، فتعيين وزراء جدد وطاقمهم يتطلب وقتاً وجهداً لاستيعاب الأمور، ولن تكون الأوضاع في مصلحة القادمين الجدد أو مصلحة البلاد.
بعض القوى السياسية توعدت بإسقاط موازنة 2021م؟
إسقاط الموازنة أمر خطير وإذا ماحدث فهو يعني إسقاط الحكومة كاملة وأعتقد أن الموازنة لا غبار عليها وهي موضوعية في حدود 938 مليار جنيه ودولار جمركي لا يتجاوز 55 جنيهاً، وتحمل بشريات كبيرة لقطاع التعليم بواقع 117 مليار جنيه وتخصيص 260 ملياراً لدعم السلع والدعم الاجتماعي والموازنة التزمت بالمحافظة على الزيادة في الأجور والتي خصص لها 226 مليار جنيه منذ العام الماضي. وميزانية الدفاع والسلام أمر كبير للاستقرار الاقتصادي وكما يقول المثل (إن من في البر عوام) والموازنة لن تستطيع فعل شيئ أفضل مماهو الآن.
يعاب على وزارة المالية تطبيق روشتة البنك الدولي؟
لست من أنصار روشتات صندوق النقد والبنك الدوليين فالشاهد أن قانون مشروع الجزيرة العام 2005م الكارثي هو أحد ثمرات تبني روشتة البنك الدولي، ولكن في الوقت نفسه فإن سياسات الصندوق والبنك في المجالات النقدية والمالية جيدة. وفي هذه الاتجاه قطعت الحكومة شوطاً لا بأس به في تطبيقها من رفع الدعم عن الوقود والكهرباء وتعويم جزئي للجنيه لأن الدعم كان مشوهاً وأضعف قيمة الجنيه السوداني، وأدى لطباعة النقود وزيادة الكتلة النقدية بجانب أن تطبيق تلك السياسات يمهد للسودان الاندماج في المنظومة المالية الدولية، عقب رفع العقوبات الأميركية، وبحلول مارس المقبل ستأتي بعثة من صندوق النقد الدولي لتقييم أداء الحكومة لهذه السياسات ومن ثم السماح له بالحصول على القروض والمنح المخصصة لذلك، والتي تتجاوز مليار دولار بجانب إعفاء الديون الخارجية البالغة 47 مليار دولار بموجب مبادرة الهيبك.
ما تعليقك على الروشتة التي دفع وزير الخارجية البريطاني حول تعويم الجنيه؟
روشتة صحيحة وعلى أرض الواقع فعلياً طبقنا سياسة تعويم الجنيه من خلال سياسة التحرير الاقتصادي وفتح باب الاستيراد على مصراعيه، وارتفع الدولار إلى 330 جنيهاً، فعلياً التعويم قد حدث وعملية الاستيراد بدون قيمة يجري على أشده وعدم توريد حصائل الصادر فهذا كله تعويم للجنيه في أسوأ صوره. وعلينا عدم دفن رؤوسنا في الرمال وما دعا إليه الوزير البريطاني هو تعويم للجنيه بصورة رسمية لضمان فائدة البلاد.
ما تقييمك لسياسات بنك السودان النقدية؟
السياسات المعلنة للترشيد جيدة ولكن تتطلب أشياء عملية لضمان حصائل الذهب، بإنشاء شركة مساهمة عامة لاحتكار وشراء وتصدير الذهب بمساهمة حكومية بنسبة 70%.
وماذا عن تحجيم التضخم في نسبة 95%؟
سياسات بنك السودان أمنت على العودة بالتضخم في حاجز 95% والكتلة النقدية 30% وهو أمر جيد، ولكن الواقع للنزول بالتضخم لابد من سياسات نقدية لزيادة الإيرادات الضريبية وزيادة الدولار الجمركي.
هناك جهات أعلنت مناهضتها لضريبة رسوم الإنتاج المفروضة على المصانع؟
أصحاب المصانع قاوموا الضريبة والمفروض عليهم فقط ضريبة أرباح بواقع 10% منذ العام 2003م ولا تتجاوز 1% من إيرادات المصانع، فلا يعقل أن تحصل رسوم للدولة على سعر سلعة فرضت من قبل 5 سنوات، وفي الأساس الدولة تعاني من نقص كبير في الإيرادات حيث أن الإيرادات الضريبية والجمركية كاملة لا تتجاوز 2% من الناتج المحلي الإجمالي، لذلك فهذا النقص في الإيرادات ومنذ العام 2016م كانت الدولة تموله بالعجز وطباعة النقود، والتمويل بالعجز هي ضريبة غير مباشرة فهذه الفئات تراعي مصالحها الشخصية وتعظم أرباحها وإيراداتها ولتتوقف الصناعات غير الضرورية حالياً وتوفير العملة الصعبة للقمح والدواء والكهرباء والوقود ومدخلات الإنتاج الصناعي، وعلى الدولة فرض سياساتها بقوة وحزم دون تهاون لتحصيل الإيرادات الضريبية.