تقرير-عبدالله عبدالرحيم
بدأ نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو أمس زيارة لدولة قطر وصف مراقبون الزيارة بأنها مهمة لكونها الأولى لمسؤول في الحكومة الانتقالية بعد التغيير الذي أطاح بالبشير. وكانت الحكومة القطرية قد تجاهلت طلباً تقدم به سفير السودان في الدوحة بتحديد موعد لزيارة وزير الخارجية عمر قمر الدين، وذلك بحسب خطاب تم تداوله ولم تنفه وزارة الخارجية السودانية. ويتوقع أن يجري حميدتي لقاءات مع القيادة القطرية حول علاقة البلدين بعد التطورات في الخليج إثر المصالحة مع السعودية مؤخراً ويتوقع التطرق للأوضاع المتوترة على الحدود السودانية الإثيوبية. هذا ما جاء أو كشفت عنه وسائل إعلامية ولكن يبقى أمر الزيارة طي الصفحات الرسمية ودوائرها فهل تهدف لطي صفحة خلافات الأمس، وبداية عملية لسابق عهد العلاقات الدبلوماسية والأخوية بين البلدين، أم أن الزيارة لها أهداف أخرى لم تتطرق لها الدوائر المختلفة في ظل الانفتاح الحاصل بين دول الخليج على الشقيقة قطر..؟.
حديث حميدتي
وفي أول رد فعل له قال عضو مجلس السيادة محمد حمدان دقلو، أمس السبت، إن زيارته إلى دولة قطر، تأتي في هذا التوقيت الدقيق للتأكيد على عمق العلاقات بين بلدينا وتعزيز التعاون في المجالات كافة. وغرد دقلو على حسابه في تويتر بقوله “بمشيئة الله أتوجه اليوم إلى دولة قطر الشقيقة التي تجمعنا بها أواصر الأخوة والمصالح المشتركة يرافقني خلالها وزير الخارجية عمر قمر الدين ومدير المخابرات الفريق جمال عبدالمجيد”.
عودة السفير
وكانت وزارة الخارجية السودانية طلبت من سفيرها في قطر، عبدالرحيم الصديق، العودة إلى الخرطوم على خلفية ما اعتبر خطأ ورد في خطاب حررته السفارة السودانية في قطر. وطلبت السفارة في خطابها، ترتيب زيارة لوزير الخارجية السوداني عمر قمر الدين، إلى الدوحة، لتهنئتها على “المصالحة الخليجية وانتصار قطر”، على حد ما جاء في الخطاب، الذي تم تحريره يوم 11 يناير الجاري. وأشار الخطاب إلى أن كلاً من مدير المخابرات العامة، جمال عبد الحميد، ومدير مكتب رئيس الوزراء، السيد علي، سيرافق وزير الخارجية في رحلته إلى قطر. وأوضح البيان أن الوفد يحمل رسالة من رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك إلى كل من أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء القطري، خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني. واختتم البيان بأن الرسالة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى “تقديم التهنئة بالمصالحة الخليجية، وانتصار قطر”. وأشار الخطاب إلى أن حمدوك سيزور قطر أولاً قبل توجهه إلى كل من الكويت، والسعودية. وقد أحدث الخطاب جدلاً سياسياً كثيفاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر معلقون أن بعض المفردات التي جاءت في خطاب السفارة السودانية في قطر، هي السبب في استدعاء السفير. وأعلنت دول الرباعي العربية (الإمارات، السعودية، مصر، والبحرين) عودة العلاقات مع قطر، بعد قطيعة بدأت من يونيو 2017. واتهمت دول الرباعي قطر آنذاك، بالتقرب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة.
توتر العلاقات
وشهدت العلاقات السودانية القطرية توتراً بعد أن رفضت السلطات السودانية استقبال وفد قطري برئاسة وزير الخارجية في السابع عشر من أبريل 2019 لكن المجلس العسكري الانتقالي آنذاك رفض منح الإذن لطائرته رغم وصولها إلى الأجواء السودانية. وتسببت الحادثة في إعفاء وكيل وزارة الخارجية السفير بدرالدين عبدالله من منصبه. ورداً على أسئلة الصحفيين حول سبب إعفاء وكيل وزارة الخارجية، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي إن وزارة الخارجية أصدرت بياناً صحفياً عن الإعداد لزيارة وفد قطري إلى البلاد دون التشاور مع المجلس ودون علمه. وفي مايو من العام الماضي نفى نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو لقناة سودانية 24 وجود أي خلافات بين السودان وقطر، مضيفاً أن وزير الخارجية القطري وصل الخرطوم بعد التغيير الذي جرى في أبريل 2019، دون علم المجلس العسكري، ولذلك رفضنا استقباله. وأشار إلى جهات (لم يسمها) أرادت إحراج المجلس العسكري بحضور الوزير القطري دون علم المجلس. وفي الثاني والعشرين من أغسطس من العام الماضي التقى حميدتي بجوبا بمبعوث وزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة وتسوية المنازعات مطلق القحطاني، وذلك في إطار الوساطة القطرية لتسوية النزاع بين الأطراف السودانية. ووجه مطلق القحطاني دعوة رسمية إلى كل من رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك لزيارة الدوحة، حيث أكد مبعوث وزير الخارجية القطري دعم بلاده لبرامج حكومة الفترة الانتقالية ووقوف قطر مع السودان. لكن تلك الدعوات لم يتم تلبيتها عكس الدعوات التي وجهتها لهما كل من السعودية والإمارات.
مواقف السودان
ويقول بروفيسور الفاتح عثمان محجوب المحلل السياسي ومدير مركز الراصد إن بداية التوتر في العلاقات السودانية القطرية بدأ منذ عهد البشير، حينما طالبت قطر السودان باتخاذ موقف واضح حيال الأزمة الخليجية إما معها أو ضدها ولكن السودان اختار موقفاً وسطاً في الصراع الخليجي، ما جعله يخسر العلاقات مع دول الخليج عامة وأكد الفاتح أن الموقف الوسط عادة في العلاقات العربية غير مقبول إلا من الدول القوية والتي لا تحتاج للدعم واختيار البشير ذلك الموقف أدى لخسارته دعم الطرفين. وأكد الفاتح لـ(الصيحة) أن العسكر استفادوا من الدرس عقب سقوط البشير واستلامهم للسلطة واختاروا الوقوف جانب السعودية والإمارات. وقال بعد رجوع العلاقات بين السعودية وقطر كان لزاماً على السودان مراجعة علاقاته مع قطر.
رغبة المكونين
وأشار الفاتح إلى أن رمزية زيارة الفريق أول حميدتي نائب رئيس مجلس السيادة تؤكد أن المكون العسكري يرغب في استعادة العلاقات مع قطر، كما أن وجود السفير عمر قمر الدين وزير الخارجية يؤكد أن المكون المدني أيضاً يرغب في إعادة العلاقات مع قطر والزيارة بحسب محجوب خطوة في اتجاه استعادة العلاقات بين البلدين، بيد أنه قال إن مدى نجاحها يعتمد على مبدأ مقبولية قطر لهذه الإشارات الخارجية من السودان. وأشار إلى أنه في العادة لا تتم هذه الخطوات إلا بعد التنسيق ووجود الضو الأخضر مشيراً إلى أنه من الواضح أن السودان منحها هذه الإشارة.
وأكد أن خلو الوفد من المكون الاقتصادي يشير إلى أن الزيارة ليست بغرض الدعم الاقتصادي للسودان وإنما هي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لسابق عهدها، عقب رضاء كل الأطراف السودانية والقطرية في استعادتها ومجيئها برئاسة الفريق أول حميدتي، إشارة واضحة بأنها ليست معنية بجلب الدعم الاقتصادي للسودان.