:: ويُحكى أن خطيب مسجد اجتهد في تذكير المصلين بحرمة الخمر، ثم أطال في تحذير الشباب من مخاطر ارتياد منزل (ست العرقي)، وقد ذكرها بالاسم ولعنها وسبها، ثم ختم خطبته بالتحريض على طردها من بناية تحت التشييد، بجوار المركز الصحي.. وبعد المغرب، ذهب بعض الشباب إلى البائعة، حسب وصف الخطيب، ثم عاتبوها: (معقولة يا خالة؟، شغالة ليك أسبوع وما نسمع بيك إلا من إمام الجامع؟، أسعارك كيف؟)..!!
:: ويوم أمس، قرأت مرافعة رصينة للدكتور ياسر ميرغني، الأمين العام لجمعية حماية المستهلك، لصالح المستهلك، وتذكّرت خطبة ذاك الخطيب.. وبالمناسبة، ومن باب من لا يشكر الناس لا يشكر الله، علينا أن نشكر ياسر لما يبذله من جهد لصالح المستهلك، فالرجل يعمل بطاقة كل جمعيات المستهلك، وكل منظمات المجتمع المدني، وكل أندية الشباب، وكل وسائل الإعلام.. وهو الأعلى صوتاً والأقوى مواقف في قضايا المستهلك..!!
:: المهم.. كتب ياسر قصة القبض على أحد المخالفين لقانون المستهلك، بالنص الآتي: (في إطار العمل النوعي الذي تقوم به إدارة حماية المستهلك، بالتنسيق مع المجلس القومي للأدوية والسموم، ومن خلال المتابعات الميدانية، تم رصد معلومات عن أحد الناشطين في تجارة الدواء بالقنوات غير الرسمية.. حيث توفرت معلومات عن المدعو (أ. ف. م)، بأنه يقوم بجلب الأدوية من خارج البلاد وتسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعي..!!
:: تم تأكيد المعلومة وعمل كمين محكم للمذكور، ثم القبض عليه وبحوزته كمية من الأدوية داخل حقيبة ظهر، ويقود دراجة بخارية يعمل بها في توصيل الطلبيات.. وبالتحري معه دل على مقر سكنه، والذي يستخدمه كمخزن أيضاً لتخزين الأدوية.. تم استصدار أمر تفتيش لمسكنه، وبالتفتيش تم العثور على كمية كبيرة من الأدوية غير المسجلة والمهربة، وتقدر قيمة المضبوطات بحوالي مليون ومائتي ألف جنيه سوداني).. انتهت قصة ياسر..!!
:: وقد ذكر الأخ ياسر عنوان منزل بائع الأدوية – أ. ف. م – بكل وضوح، ولكن حذفته حتى لا يتوافد إليه المرضى والمرافقون بلسان حال معاتب: (معقولة يا عمنا؟، شغال توزع أدوية بالموتر وما نسمع بيك إلا من ياسر؟، أسعارك كيف؟).. مخاطر الأدوية المُهربة – غير المسجلة في بلادنا – ليست مجهولة، لأنها غير مأمونة الجودة والصلاحية، ولكن مَن المسؤول عن تفشي ظاهرة بيع الأدوية بالمواتر (دليفري)..؟؟
:: الحكومة هي المسؤولة.. لو كانت الأدوية متوفرة في الصيدليات، وبأسعار في متناول يد الجميع، لما تفشت ظاهرة بيع الأدوية المهربة وغير المسجلة عبر وسائل التواصل ثم توزيعها بالمواتر.. فالفجوة الدوائية تتسع شهراً تلو الآخر، وأسعار الأصناف القليلة المتوفرة ترتفع أسبوعاً تلو الآخر، ولذلك من الطبيعي أن يبحث المرضى عن البدائل، ومنها الاتصال بأمثال (أ. ف. م)، ليوفر لهم الأدوية، مهربة كانت أو غير مسجلة..!!
:: فالأدوية ليست من الكماليات، بل هي أهم من كل السلع والوقود، ومع ذلك تتجاهل الحكومة أمرها لحد انتشار الأدوية المهربة وغير المسجلة.. وكثيراً ما ناشدت من نُلقِّبهم بالمسؤولين، فأي دعم حكومي يجب أن يكون (للأدوية)، وليس لأي سلعة أخرى.. للرغيف ولكل الأطعمة والأغذية بدائل، وكذلك للمركبات، إذ يمكن استبدال العربات بالدواب، ولكن لا بديل للأدوية غير الموت أو الاتصال بأرقام الطوارئ، والتي منها رقم السيد (أ. ف. م)..!!