محمد علي يكتب : الاستمخاخ.. ذهب فكيف يعود؟!!
× نقول بالدارجي: “كنت قاعد مستمخ” أي كنت هاديء المزاج.. متكيف ومبسوط 24 قيراط.. “مركلس” وهي كلمة انجليزية تؤدي لنفس المعنى (Relax)..
× الاستماخ مشتقة من (المخ) فهو منه وإليه وهو حالة استدعاء المخ للتفكير العميق الهادي السليم.. ولا يتم ذلك إلا في إطار جلسة هادئة بعيداً عن المشكلات والهموم والغموم..
× لكن الاستمخاخ ليس بالضرورة أن يتم بواسطة تعاطي السجائر والتبغ ومشتقاتهما أو القهوة والشاي.. فتلك يقصدها من يقصدها لذاتها لأنها مستعمرة ليس للمخ فيها نصيب في إنتاج الروائح أو التفكير السليم..
× البعض يدعون أن من وراء تعاطي المخدرات والمسكرات إنتاج القفشات والطرائف والنكات أو الآداب والفنون, لكن المخ بريء من أن تكون تلك التي (تزكي) خياله كي يبدع وينتج, أو تحل مشكلاته وتهييء له (الجو) المعافى.
يقول الشاعر:
يقولون إن الهم بالخمر ينجلي
فما بالها زادت علي همومي
× إن الجزء الذي يتبنى حركة الهدوء وصفاء المزاج في المخ هو (المخيخ) وهو ذلك الجسم الكروي الصغير الذي يختبيء أسفل الدماغ ووظيفته احداث التوازن وتنظيم حركة الجسم ويحتوي على (50%) من الخلايا العصبية بالدماغ..
× بالتالي فإن هذا الجهاز الخلاق ولد (حراً) كي يبدع ويفكر ويتأمل ويبتكر ويخلق الكثير. الذين عودوا أجهزة (المخيخ) العصبية على المكيفات والمفترات و(المسطلات) وغيرها هم الذين جعلوا المخيخ لا يعمل بطاقته الطبيعية وبكفاءته الواعية..
× المزاج هو غرفة (معنوية) داخل المخيخ والذي يعكر المزاج كثيراً في عالم البشر هو الهموم والمشكلات المتناسخة لذلك فهي تحتاج لصفاء متسلح بالعقلانية شريطة ألا تتدخل أي مؤثرات تقلل من القدرة على اتخاذ القرارات والنتائج السليمة العلمية القاطعة.. يقولون إن فلاناً قد اتخذ ذلك القرار أو فعل كذا وكذا وهو بكامل (قواه العقلية) أي بعيداً عن أي مؤثرات تقلل من كفاءة العقل..
× مسئولية المخيخ أو وظيفته الطبيعية هي تعلم الحركات الجديدة كما يقول العلم مثل تعلم ركوب الدراجة أو قيادة العربة أو الكمبيوتر أو العزف على الآلات الموسيقية أو التقنيات وفنون الحياة بشتى ضروبها كما له أيضاً قدرة على التحكم في مزاج الإنسان..
× يقول العلماء إن الإنسان يصاب باختلال الحركة لخلل جيني داخل الجسم لنقص في الأكسجين الاستهلاكي المفرط للكحول بالتالي يؤدي هذا لخلل في وظائف (المخيخ) وكذلك الحال بالنسبة لبقية المؤثرات العقلية أو (الدماغية).. وما دام المخيخ متخصص في إحداث التوازن بالتالي يفقد وظيفته تلك ويصاب بضعف التنسيق في حركات الجسم والنطق والمشي لذلك تجد صاحبه يترنح في المشي ويتلعثم في الكلام اذا تعاطى المسكر والمخدر..
× عموماً.. احتلت المشكلات المعيشية والحياتية والجوائح ايضاً غرفة التحكم الاساسية في (المخيخ) وما عاد هنالك مجالاً لـ(الاستمخاخ) الطبيعي الذي يفضي لإنتاج الإبداع والآداب والفنون وحل المشكلات وووو الخ..
وكما يقول الأديب العقاد:
وبي سكر تملكني وأعجب كيف بي سكر
× فهنالك مسكرات معنوية شتى.. الحلول والعلاج الناجع منها هو الاعتصام بالايمانيات واللجوء لله.. فغرفة المخيخ أحوج ما تكون لروحانيات هي التي تهيئ لها المناخ (الصالح) للتفكير.