ممنوع الحفلات.. عبد القادر سالم: (قطعوا أرزاقنا)
الخرطوم- علي الصادق البصير
في خواتيم شهر نوفمبر من العام الماضي بينما كانت الخرطوم تستعيد عافيتها من جائحة كورونا في موجتها الأولى، وتعود حياتها رويداً رويداً إلى سابق عهدها، وتزدهر أمسياتها بليالي الأفراح التي تعبر عن بعض أفراحها في صالات المناسبات، وبعد شهرين فقط رفع القيود عن الحظر الصحي، الذي دام لـ6 أشهر، فاجأ والي الخرطوم أيمن نمر، الجميع خاصة شريحة الفنانين بإصدار قرار يحظر التجمُّعات الجماهيرية وإقامة الحفلات بالعاصمة الخرطوم، متعللاً بارتفاع إصابات كورونا بالولاية في موجة انتشار ثانية.
تأثير مباشر
وكان الأكثر تأثراً بالقرار، مئات العاملين في مجال الفنون والغناء، كون أن القرار ألغى مصدر رزقهم وأعاقهم عن الحصول على ما يستطيعون لمجابهة الأزمة الاقتصادية عبره، لكن تبرير والي الخرطوم كان أنّ قرار الحظر جاء بعدما سجّلت المدينة رقماً عالياً بالاصابة بالفيروس، لذا كان عليه أن يحظر التجمعات الجماهيرية والحفلات والمُناسبات بصالات الأفراح وإيقاف نشاط الصالات الرياضية، أملاً في السيطرة على انتشار الفيروس.
طريق ثالث
تفتّقت عبقرية مواطني الخرطوم من الراغبين في ابتداع طريق ثالث لإتمام أفراحهم التي عطّلها حظر استطال، حيث لجأوا لأمكنة لم يشملها قرار الوالي، شملت المزارع والاستراحات المنتشرة على شواطئ النيلين، وأصبحت تُشكِّل مسارح لإتمام مناسبات الزواج ومورد رزق لكثير من المطربين والعازفين ومَن يشتغلون في هذا المجال، لكن والي الخرطوم لم يمهل ذلك الحل كثيراً، قبل أن يصدر قراراً جديداً مُلحقاً لقراره الأول، يحظر فيه إقامة الاحتفالات في المزارع والاستراحات ويضع عقوبات ضخمة على مُخالفي القرار.
عُقُوبات مليونية
نشطت الشرطة عقب القرار في مُلاحقة حفلات الزواج والأعراس، التي أصبح المواطنون يقيمونها في منازلهم، لكن الشرطة عندما تستمع لصوت مطرب يخرج عبر مكبرات، كانت تترك صاحب المناسبة وتقوم بالقبض على المطرب والعازفين وفني الصوت وتخضعهم لمُحاكمات تفرض عليهم غرامات مليونية يدفعونها صاغرين، وفي حالة عدم الدفع يتجهون مباشرة لقضاء عقوبة بديلة بالسجن.. ذلك المأزق وقع فيه المطرب عاصم البنا والمطربة مكارم بشير ومحمد بشير الدولي وعائشة الجبل وآخرون، فضلاً عن عشرات العازفين وفنيي الصوت، ما دفع عدد من زملائهم للوقوف معهم في ذات الاتجاه وتحمُّل الغرامات الكبيرة التي حكم عليهم بدفعها.
حربٌ على الفنانين
وربما كان لرئيس اتحاد الفنانين الدكتور عبد القادر سالم رأي في هذا الموقف، إذ قال لـ(الصيحة) إن منع الحفلات الخاصة والعامة وإغلاق الصالات مسألة يشوبها الكثير من الأخطاء، فالمنع والإغلاق كان لدواعٍ صحية بخصوص الجائحة، وروح القرار تنتفي في الواقع، فالذي يحدث أن الحفلات مستمرة في الأحياء والمزارع، كما أن الحياة تسير في البلاد بصورة طبيعية في الأسواق والمواصلات والمُناسبات الاجتماعية من مآتم والتمارين الرياضية ومناسبات أخرى، وبالتالي سبب المنع مُنتفٍ، والغريب في الأمر أن حفلات معرض الخرطوم استمرت كاملة وبدون اشتراطات مما يشير لمُحاربة الفن والفنانين وليست كورونا وهاولاء قطعوا أرزاقنا.
إهانة
يرى الدكتور عبد القادر سالم أن اعتقال الفنانين وتقديمهم للمحاكم ونقلهم بدفارات الشرطة وردعهم بغرامات باهظة، دون غيرهم ترصُّد وإهانة من قبل الدولة لهم، وقال “سبحان الله يتم القبض على الفنان وصاحب الساوند والعازف وتتم مُحاكمتهم، ولا يتم القبض على العريس ولا سيد الحفلة، وهذا تعاملٌ لا يشبه الثورة ولم يحدث حتى في زمن الإنجليز”.
مذكرة للوالي
عبد القادر سالم ومن خلال موقعه كرئيس لنقابة الفنانين، أكد أنهم رفعوا مذكرة لوالي الخرطوم فيها تصور باتخاذ الإجراءات الاحترازية، إلا أنه تمت معاملتهم بصورة غير لائقة، وقال “بعدها قامت شرق النيل وشالت وش القباحة بمُحاكماتها الرادعة، وأي فنان يتم القبض عليه في شرق النيل يحاكموه بغرامة أكثر (100) ألف جنيه أو السجن شهرين، وهذا تدمير لحياة المبدعين، مع ملاحظة أن غرامة الجائحة ما بين 5 إلى 10 آلاف، لكن شرق النيل ضاعفتها”.
بيع سيارة
وكشف عبد القادر، عن دفع الفنانين لأكثر من 100 مليون “مليار” كغرامات، مما اضطر أحد العازفين ببيع سيارته الخاصّة لمساعدة زملائه في تجاوز تلك المحاكم، موضحاً اتخاذ اتحاد الفنانين لخطوات تصعيدية بعد إغلاق باب رئيس الوزراء وعدم السماح لهم بمقابلته واستلام مذكرتهم. وقال صعدنا قضيتنا للاتحادات العالمية وقلنا هناك منع للموسيقى وبالتالي مشكلتنا كبيرة ونأسف لخسارة الدولة لهذا القطاع.