الغالي شقيفات يكتب: اعتصام الجنينة
نظم مواطنو ولاية غرب دارفور، اعتصاماً سلمياً بمدينة الجنينة مطالبين بإقالة الوالي الأستاذ محمد عبد الله الدومة، وتوفير الأمن وحماية المواطنين وحيادية القوات النظامية وحل هيئة محامي دارفور وتخطيط المعسكرات وغيرها من المطالب، وجاءت هذه المظاهرات والاعتصامات بعد الأحداث المؤسفة التي وقعت مؤخراً بالولاية وراح ضحيتها حوالي ثلاثمائة من الضحايا من طرفي الصراع، الأمر الذي فاقم من حِدّة التوتر والاستقطاب القبلي الحاد بين مكونات الولاية الرئيسية. ويتهم المعتصمون، الوالي بالانحياز لأحد أطراف الصراع، وانتقد المتظاهرون موقف هيئة محامي دارفور المناصر للوالي ووصفوها بأنها غير مُحايدة، مشككين في ذمتها المهنية، واستمر الاعتصام خمسة أيام دون المساس بمقدرات الشعب والدولة، ودون المساس بمصالح الناس وبعيداً عن العصبيات الاجتماعية والسياسية، وردد المتظاهرون شعارات وهتافات تنادي برحيل الوالي الدومة، وتخطيط المعسكرات وتبديل القوات، وتأتي ثقافة الاعتصامات والتظاهرات هذه بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة التي تكفل وثيقتها الدستورية حق التعبير والتظاهر.
وللحقيقة والتاريخ، لم يبث المتظاهرون أو المعتصمون خطابات الكراهية والتحريض علی عكس ناشطي اللايفات الذين ينادي بعضهم بالتفرقة والتحريض علی العنف والتمييز والقتل وهي جرائم يُدينها القانون في أي بلد، ويمكن أن تطال مرتكبها في أي بقعة من الأرض وقد لا يعلم المحرضون عبر “فيسبوك” والتسجيلات الصوتية أن ذات الوثيقة الأممية من حقوق الإنسان التي كفلت حرية التعبير في مادتها رقم 19، أيضاً تحدثت في المادة 20 عن حظر الدعاية للحرب وتحظر بالقانون أي دعاية للكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، والتجمع السلمي من الأدوات المهمة لحرية الرأي والتعبير في سودان ما بعد البشير، واعتصام الجنينة أوصل رسالته.
ومن هنا تأتي أهمية التجمع السلمي والضغط الجماهيري وهذا الاعتصام السلمي هزم ناثري ومُغذِّي بذور العنف والكراهية الذين يبثون سمومهم من وراء البحار.
وفي بادرة طيبة، خاطب قائد الفرقة، المعتصمين ووعدهم بإيصال مطالبهم للجهات العليا وكان معه مدير الشرطة وقائد قطاع غرب دارفور بالدعم وقائد قوی الإسناد بالدعم السريع، وهذا يؤكد حرص الجيش والقوی الأمنية علی حماية المتظاهرين وحقهم في التعبير السلمي عن آرائهم ومطالبهم، واستمع القادة العسكرون إلی مذكرة المطالب التي تلاها رئيس اللجنة العليا للاعتصام الأستاذ محمد زين إدريس.
عموماً، الاعتصام السلمي سلوك حضاري خاصة في ولاية درجت أطرافها علی اخذ حقها باليد وهذا يعتبر تطورا كبيرا ورسالة واضحة لدعاة العنصرية والإقصاء، خاصة النشطاء الذين يصفون كل من يخالفهم الرأي والهوی بالتسادي أو المستوطن، وكما يقول الناشط الأستاذ علي أبو جلحة من غرب دارفور، إنهم يمارسون حقهم القانوني والدستوري، وان من وصفهم بنشطاء الحواكير هم من يُشوِّهون اعتصامهم المدني المتحضر، متسائلاً: مَاذا يوجد في دارفور غير الحروب وتدني الخدمات حتی يترك مواطنون، بلدانهم في مالي والنيجر وموريتانيا ويهاجرون إلی دارفور، مبيناً أن حديث نشطاء الحواكير يكذبه الواقع وقال إن الــ Peaceful Demaands. حق مشروع لكل مواطن، وعليه من هنا نطالب الحكومة بتلبية المطالب المشروعة للمُعتصمين وحل الأزمة التي عصفت بالولاية ومراجعة المشاكل المتراكمة علی مدار السنين بين مكونات الولاية المتناحرة، كما ندعو الوالي القادم الاستفادة من أخطاء من سبقوه من الولاة وخاصةً هو قادم من بوابة اتفاق جوبا.