الرواكيب الصغيرة تصبح أكبر من مدن: كوستي.. مدينة لا تشبع من “السمك المحمر”
الحوش الوسيع: سراج الدين مصطفى
(1)
كوستي هذه المدينة الوادعة والواعدة.. يمكن اعتبارها مدينة شابة بحساب التاريخ.. وهي كما معروف يعود سبب تسميتها بهذا الاسم للأوروبي كوستينوس الذي يعتقد أنه يوناني وقد قدم هذا الأوروبي إلى المدينة وسكن بها وكان يشتري اللبن من العرب المقيمين هناك الذين يقيمون في قرية الكرو التي أصبحت حالياً من أحياء المدينة، وقد كانت المدينة صغيرة وقد تغير موقعها بعد إنشاء خزان جبل الأولياء في العام 1924 الذي أدى إلى أن تغمر المياه المدينة القديمة مما اضطر السكان إلى النزوح إلى مناطق أكثر ارتفاعاً وسموا المنطقة الجديدة بالحلة الجديدة التي هي الآن من الأحياء العريقة في المدينة .
(2)
ثمة ملامح تميز المدينة عن غيرها من المدن السودانية التي نجد لكل منها شكل وخاصية تميزها.. ولكن كوستي اشتهرت بأنها مدينة “السمك” ولعل أكثر الأماكن شهرة فيها هو “رواكيب السمك” التي ترابط بجوار شاطئ النيل الذي يحتضن المدينة.. ورواكيب السمك تلك لها جمهورها العريض من سكان المدينة أو حتى الذين يزورونها.. وتظل تلك الرواكيب قبلة للكثيرين خصوصاً في أيام العطلات حيث نجد نصف المدينة هناك يستمتع بوجبة دسمة من السمك.
(3)
تلك الرواكيب التي تنام بجوار النيل وتبيع “السمك المحمر” أخذت شهرة واسعة وفيها من اشتهر حتى على مستوى السودان.. ويؤكد ذلك الأستاذ محمد علي (زمبا) وهو واحد من مشاهير المدينة بالذات في حقلها الفني.. حيث قال لــ(الحوش الوسيع) رواكيب السمك في كوستي قديمة جداً، وكما تعرف أخ سراج أن كوستي تتمتع بثروة سمكية كبيرة وتعتبر من أكبر المدن في هذا المجال.. وهذا الواقع منحها أفضلية وشهرة كبيرة .
(4)
وأضاف الأستاذ زمبا (في كوستي هنالك العديد من الأماكن التي تبيع “السمك المحمر” ولكن هنالك أماكن شهيرة ولها زبائن كثر.. مثل عبدالوهاب وبشرى والأستاذ للأسماك.. حيث تعتبر تلك الأماكن هي الأفضل وهي الأكثر رواجاً بين الناس ولها زبائن من كل المدينة.. وحتى الذين يأتون في زيارة للمدينة يدلهم سكان المدينة على تلك الأماكن التي تبيع الأسماك بجودة عالية في الطعم.
(5)
بشير سليمان الذي يسكن حي الحلة الجديدة والذي لا يبتعد كثيراً عن مكان رواكيب السمك قال لــ(الحوش الوسيع) نحن كسكان للمدينة ربما لا نندهش كثيراً بطعم الأسماك تلك وهذا من باب زامر الحي لا يطرب.. ولكن رغم ذلك نجد الكثيرين يذهبون إليها “كبرنامج” وخصوصاً الموظفين الذين يداومون على المجئ للرواكيب.. ولكن أخ سراج نحن نذهب إليها أحياناً ولكن ليس دائماً لأننا شبعنا حتى النخاع من تلك الأسماك. قلت لبشير ما هو المكان المفضل لك في حالة ذهابك لتلك الرواكيب (والله في أماكن كتيرة بتبيع سمك كويس ولكن الأستاذ هو المكان الذي نفضله ونذهب إليه غالباً)..
(6)
تبقى عزيزي القارئ أن تعرف أن رواكيب السمك تلك يزورها مشاهير السودان ودائماً حينما يأتون للمدينة يكون برنامج الذهاب إليها هو الفكرة الأولى التي تخطر على بال أي زائر.. والسمك الذي تبيعه تلك الرواكيب التي أصبحت أكبر من مدن يمكن أن تتناول منه وجبة كاملة تصل حد الإشباع التام وتدفع لها ثمناً قليلاً وربما تسمع منادياً يقول لك (الحساب مدفوع).. تلك هي كوستي مدينة ما زالت لا تعرف البخل لأن سكانها كرماء يغدقون على زائرهم بالكرم والشهامة.