:: بيع الخبز بالكيلو ليس بدعة سودانية كما يتوهم البعض ويحرض البسطاء على الرفض، بل كثيرة هي الدول التي تدعم القمح والدقيق، وتحرص على بيع الخبز بالسعر المدعوم عبر آليات رقابية، منها البيع بالكيلو.. وبغض النظر عن سعر الكيلو، غالياً كان أو رخيصاً، فإن الوزن يحفظ حقوق الطرفين، البائع والمشتري.. المخابز تضج بالجشعين، ويجب مراقبة الجميع بالأوزان وغيرها، ثم ردع كل مخالف للقسط والميزان..!!
:: فالحكومة لم تكذب على الشعب حين أعلنت (ترشيد الدعم)، ولإيمانها بعدم وجود حل يخرج البلاد من نفق الأزمة الاقتصادية غير هذا الترشيد.. ومع تفعيل آليات تُخَفِّف وطأة الترشيد على الفئات الضعيفة، فعلى مجلس الوزراء المضي على خطى ترشيد الدعم.. لكل الأدوية آثار جانبية، ومع ذلك يصرفها الطبيب ويتجرعها المريض ليتعافى.. وهكذا ترشيد الدعم، وعلينا تجرعه، ثم الصبر على آثاره الجانبية، لتتعافى بلادنا..!!
:: وأن نتألم عاماً أو ثلاثة ثم نلتحق بركب الشعوب الحُرة، خير من أن نتلقى منح الذل والقروض مدى الحياة.. ومن المحن، فالقوى التي تحرض الشارع ضد الحكومة وسياسة ترشيد الدعم هي بعض (قوى الثورة)، وبلغ التحريض لحد المطالبة بإسقاط الحكومة، وكأن البديل سوف يكون نظاماً ديمقراطياً.. فالبسطاء الذين يتم تحريضهم لا يعلمون بأن البديل لهذه الحكومة هو العودة إلى المربع الأول..!!
:: ثم أن المواكِب والمسيرات من التعابير السياسية المشروعة، ويجب ألا تكون مصدر توجُّس للمجتمع أو إزعاج للسلطات، ولكن بشرط عدم الانحراف نحو العنف.. ومن المؤسف أن هناك مظاهر تتنافى مع قيم الديمقراطية، ومنها ظاهرة إشعال النار في النفايات والإطارات وإغلاق الشوارع بالمتاريس.. يجب التخلص من هذه الظاهرة بالتوعية والقانون، لأنها تسبب المتاعب لأبرياء لا ناقة لهم في السياسة ولا جمل، وكذلك تُعرِّض حياة المرضى للمخاطر..!!
:: نعم، كما لك حق التعبير بالتظاهر، فلغيرك حق السير في الطرق الآمنة بلا متاريس.. وكما نطالب الشرطة بحماية المسيرات، نطالب أيضاً أن تكون المسيرات منظمة، وتحدد الشرطة مساراتها وتوقيتها، وهذا ما يسمى بالعمل المؤسسي واحترام الحقوق.. وبالمناسبة، لماذا لم تفكر السلطات في تنظيم المواكب بالقوانين؟، أو كما الحال في دول العالم المتحضر.. هناك للمواكب قوانين تنظمها، أي هي ليست فوضى، بحيث من يشاء يغلق من الطرق ما يشاء..!!
:: نعم، فالديمقراطية لا تعني أن يبقى الشعب قابعاً كالأنعام في (حظيرة الوطن)، ولا الحرية تعني أن يكون المواطن في حالات السكون والجمود، ولكن كل هذا لا يعني التخلي عن (السلمية) في أفعالنا وأقوالنا.. والاحتجاجات، طالما هي سلمية ومنظمة وذات أهداف ومطالب مشروعة، فهي بعض من ملامح الدولة المدنية المُرتجاة، وواجب على السلطات حمايتها، وكذلك من واجبات القائمين على أمر الاحتجاجات عدم الاعتداء على الحق العام، طريقاً كان أو غيره..!!
:: فالدولة المدنية تختلف عن نقيضتها الشمولية بتسابق الرأي والرأي الآخر في مضمار العمل بوضوح وبكل الوسائل المشروعة، وليس في هذا السباق ما يزعِج.. وكل المطلوب هو التزام الأطراف السياسية بقواعد اللعب الشريف، بدلاً من الضرب تحت الحزام.. وثمة نصيحة لمن يُضعفون هذه الحكومة ويحرضون الشارع على إسقاطها، وهي: (خيرٌ لكم أن تحموا هذه المرحلة الحسّاسة بالحكمة ومناخ الإنتاج، وليس بمناخ الانقلاب)..!!