الدولار.. انعدام الحلول!
الخرطوم: سارة إبراهيم
تحيط الشكوك والضبابية بمستقبل سعر الصرف خلال الفترة المقبلة ما بين الانفلات والاستقرار، على خلفية وصول سعر صرف الدولار إلى 315 جنيهاً، يرى البعض أن عدم وضوح السياسات الحكومية سيمكن السوق الموازي من التمدد وفرض سعر يتحكم فيه تجار العملات، فيما يرى آخرون أن إجراء إصلاحات ولو مرحلية سيمكن الحكومة من السيطرة على سعر الصرف الذي شهد مؤخراً انفلاتاً واضحاً.
وحمّل عدد من المتعاملين في السوق الموازي الحكومة مسؤولية انفلات السوق، وكشفوا عن شراء الحكومة في الأيام القليلة الماضية لدولار من السوق لسد احتياجاتها (القمح والوقود)، مما أدى إلى تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.
وكشفت جولة “الصيحة” في السوق أمس انخفاضاً تدريجيًا حسب التجار، فبالامس وصل سعر الدولار 290 جنيهاً بدلاً من 315 جنيهاً فيما انخفض الريال السعودي من 77 جنيهاً إلى 75 جنيهاً، أما الدرهم استقر عند 80 جنيهاً واليورو 335 جنيهاً والجنيه المصري 18 جنيهاً، متوقعين أن تشهد الأيام القادمة انخفاضاً كبيراً لزوال الأسباب التي تساهم في الارتفاع .
وأرجع الخبير الاقتصادي، بروفيسر عصام الزين، انفلات أسعار الدولار إلى السياسات الفاشلة التي تتبناها الحكومة الانتقالية، وقال إن إدارة وزير المالية السابق إبراهيم البدوي ومن خلفه على وزارة المالية لا تختلف كثيراً عن إدارة سابقهم معتز موسى، وقال إن هذه السياسات رفعت الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي من 20 جنيهاً إلى أكثر من 200 جنيه، وتساءل عن كيفية توحيد السعرين الرسمي والموازي. وأوضح الزين لـ “الصيحة”، أن فترة 23 سنة من العقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان والفساد الذي ساد خلق سوقاً موازياً ضخماً وقوياً أخرج الجهاز المصرفي من معظم التعاملات بالعملات الأجنبية، وامتلك السوق الموازي سيولة ضخمة وآليات وعشرات الآلاف من المتعاونين، وأخرجوا الجهاز المصرفي وعلى رأسه البنك المركزي من أي تأثير على سعر الصرف أو أي دور مؤثر في أسواق الصرف أو حتى السياسة النقدية، مشيراً إلى أن المتحكمين فيه لن يكونوا أغبياء ولن يتوقفوا ويتركوا الحكومة ترفع سعر الدولار إلى أن يتساوى الرسمي مع الموازي ويتحولون إلى عطالى، قاطعاً بأن أي رفع للسعر الرسمي تقابله زيادة في السوق الموازي بمعدلات أعلى من السعر الرسمي لأنهم يعلمون جيدًا أن الحكومة هي المشتري الأول وبأي سعر كان لمقابلة استيراد السلع الضرورية.
وفي ذات السياق، أشار الخبير الاقتصادي د. محمد الناير، إلى الوضع الاقتصادي في البلاد بصورة عامة وبصورة خاصة سعر الصرف الذي شهد تدهوراً مستمراً لقيمة العملة الوطنية، وقال لـ (الصيحة): ما حدث من تدهور في النشاط الاقتصادي في البلاد غير مسبوق، وكل المؤشرات الاقتصادية سالبة، تدهور العملة، ارتفاع معدلات التضخم بلغت 269% نهاية ديسمبر الماضي والمواطن يعاني من تعقيدات مزدوجة، منها ارتفاع أسعار السلع والخدمات التي ارتفعت بصورة غير اعتيادية وخلقت ندرة للسلع والوقت المهدر في البحث عن السلع أصبح خصماً على الإنتاج ووجود العمال في القطاعين الخاص والعام بسبب الندرة، لافتاً إلى قضية ارتفاع الدولار الذي بلغ أكثر من 310 جنيهات، وعدد الأسباب ونصحنا حكومة الفترة الانتقالية منذ البداية أن تعمل في مسارين، الأول معالجة القضايا الاقتصادية، وآخر في المدى المتوسط والبعيد يبدأ بالاثنين معاً، والاستفادة من قطاع التعدين والذهب تحديداً وإدخال القطاع بالكامل في الاقتصاد والحد من تهريب الذهب، وهذا كان يتطلب إنشاء بورصة للذهب بصورة سرعية ومنح أسعار عادلة تجذب المعدنين للبيع داخل البورصة كأحد الحلول والذهب المنتج في السودان كافٍ بأن يحل قضية الخلل في الميزان التجاري واستقرار سعر العملة الوطنية، لافتاً إلى أن الحكومة لم تجلس إلى الآن إلى المغتربين للتوافق معهم حول تشجيعهم وتحفيزهم من مدخراتهم وتحويلاتهم بجانب أنها لم تتجه للتعامل الإلكتروني وتبديل العملة. وواحد من أهم اسباب تدهور سعر العملة الوطنية الذي حدث في الأيام الماضية ما يعلن في وسائل الإعلام حول قضية تبديل العملة مثل هذا الإجراء يتم في سرية تامة ويمكن أن تعود أزمة السيولة مرة أخرى، مشيرًا إلى تأخر إجازة موازنة الدولة في زمنها المحدد لها نهاية ديسمبر وما دار حولها أدت إلى حالة من عدم اليقين والتخوف بما هو قادم وأثره واستبدال العملة الوطنية بالأجنبية أو العقارات، والحكومة لم تنجح في خلق استقرار سعر الصرف ولم تنجح في بناء احتياطي أجنبي. وقال: هي أزمات متكررة امتدت من العهد السابق إلى الآن، لكن الأمر زاد تدهوراً في الفترة الأخيرة، وهذا أثر سلباً على معاش الناس، وأقول: ما زالت الحكومة الانتقالية تعمل من أجل إرضاء صندوق النقد والبنك الوليين، وإرضاء المجتمع الدولي خصماً على المواطن لأنها تنفذ الأجندة الخاصة بصندوق النقد الدولي بالكامل، وتتجه نحو خطوات لم تتم بعد، وهذه آثارها كارثية، ولا تنظر إلى مصلحة المواطن ومستوى المعيشة والضغوط وحتى المرتبات التي تم تعديلها القوة الشرائية للمرتب قبل التعديل الآن أعلى من القوة الشرائية للمرتب بعد التعديل الحالي رغم الزيادة 560% وهذا مؤشر واضح لمستوى التدهور الاقتصادي والتراجع في المؤشرات الاقتصادية بصورة كبيرة، والغريب في الأمر أن المواطن لا يعرف شيئاً، رئيس الوزراء أو الوزراء حتى الحكومة التي يتم تشكلها الآن ولا يخرج المسؤولون لتوعية المواطن عن ماهية المشكلة وما الذي يحدث ومتى سيتم حلها.